نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
قال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة: إن الأردن لم يتعامل يوماً مع إيران كمصدر تهديد لأمن المملكة القومي، لكن “لديه ملاحظات جوهريّة على تعامل إيران مع بعض ملفات المنطقة وأنماط تدخّلات في دول عربية”.
وفي مقابلة أجرتها معه قناة “بي بي سي عربي” bbc arabic، وبُثَّت أوّل أيام عيد الأضحى، أكد الخصاونة أن وتيرة التهديدات الإيرانية لدول الجوار تراجعت، مؤملاً إنشاء “علاقات صحية” مع إيران.
ورأى رئيس وزراء الأردن أن التموضع الإيراني في كثير من الملفات شكّل تهديداً لبعض الدُّول، وذكر أن الأردن يتطلّع إلى صيغة معينة في علاقاته مع طهران تقوم على مبدأ حُسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها.
وعلى صعيد موضوع “الناتو العربي”، أكد رئيس الوزراء أن الملك عبد الله الثاني لم يتحدث في مقابلاته الصحفية الأخيرة أو تصريحاته عن هذا الناتو، موضحاً أن العاهل الأردني أجاب عن سؤال افتراضي حول إطار إقليمي وعربي مرتبط بتشكيل صيغة عسكرية، أو صيغة دفاعية إقليمية وفي إطار افتراضي صرف.
وبين أن الجواب انصبّ على هذا الجانب في سياقه الافتراضي، مشدداً على أنه لم يعرض أحد، أو يتحدث أحد مع الأردن بخصوص تشكيل أي إطار عسكري إقليمي.
ملك الأردن: خطر الميليشيات الشيعية على الحدود مع سورية ازداد.. وندعم تشكيل “ناتو” شرق أوسطي
شبكات المخدرات
وبشأن ما يجري على الحدود الشمالية والشمالية الشرقية لفت رئيس الوزراء الأردني إلى أن هناك ارتفاعاً مطّرداً وكبيراً في عمليات تهريب المخدرات بشكل أساسي، مشيراً إلى وجود حوار ونقاش مع النظام السوري من الأجهزة الأمنية والعسكرية، وتنسيق في هذه المنطقة الممتدة لمسافة تزيد على 340 كيلومتراً.
وأضاف: “نعلم طبيعة التحديات وحجمها على الجانب الآخر من الحدود داخل الأراضي السورية المرتبطة بالانتشار الممكن للقوات السورية في تلك المنطقة، ونحن نكمل هذا الجهد من جانبنا لمنع عمليات التهريب وإيقافها، ولكن عمليات التهريب منظمة وتشكّل تهديداً يومياً كبيراً”.
“إنها شبكة تهريب تمتد إقليمياً على مساحة أكثر من دولة، وعائداتها تسهم في تمويل من يقوم بالاستثمار بهذه التجارة بشكل ما”، واصل قائلاً.
واعتبر الخصاونة أن الشرطة العسكرية الروسية كانت تلعب دوراً أساسياً ومحورياً في توفير الأمن عبر اتفاقيات الهدنة والمصالحة التي رعتها روسيا في مرحلة من المراحل، وتحديداً في جنوب سورية وعلى امتداد الحدود.
وختم بالقول: “إن قائمة الأولويات والإيقاعات لم تعد تسمح، على ما يبدو، أن نشهد حضوراً مكثفاً للشرطة العسكرية الروسية، الأمر الذي زاد من حجم التحدي، ومن التأهب المطلوب منّا للتعامل مع الخطر الذي ننسق فيه مع الجانب السوري عبر قنوات التنسيق العسكرية”.
العلاقات العربية
وحول العلاقات الأردنية السعودية، جدد الخصاونة التأكيد على أن العلاقة بين البلدين ممتدة وتاريخية وإستراتيجية، لافتاً النظر إلى أن زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي كانت ودودة وطيبة ودافئة، وجرى فيها استعراض لأوجه هذه العلاقة التاريخية الإيجابية، ولآفاق التعاون المستقبلي، لاسيما في مجال الاستثمارات المشتركة في العديد من القطاعات ومن ضمنها، قطاع الطاقة وقطاع المياه، إضافة إلى التكامل ما بين نيوم والعقبة.
وحول العلاقات مع الدول العربية والمواقف ذات الإطار المشترك، قال رئيس الوزراء: “إن المواقف العامة في الأردن والسعودية والمواقف التي تتبناها مصر، ودولة الإمارات إزاء مختلف القضايا العامة العربية، والاصطفافات المتعلقة بهذه القضايا، وبتعريف منظومة التهديدات التي تتعرض لها دولنا، أو نتعرض لها مجتمعين، ومنذ أكثر من أربعة، أو خمسة عقود، هي متقاربة إلى قدر كبير، وتترجم في إطار الفعل والتعاون الثنائي”.
وتابع: مثلما تترجم هذه العلاقات أحياناً في إطار ترتيبات تتجاوز دولتين وتتحدث في إطار ثلاث، أو أربع دول تتعاون في اتجاه معين وتوطئتها الأساسية هي الاقتصاد والتعاون في المجال الاقتصادي.
وأكد رئيس الوزراء أن الأردن “لم يتأخّر يوماً في الاستجابة لمتطلبات تتعلّق بالاحتياجات الدفاعية لدول شقيقة تعرضت لتهديدات عسكرية، مثلما أكد أن الدول الشقيقة لم تتأخر أيضاً في الاستجابة لمتطلبات الأردن إذا تعرّضنا -لا قدر الله- إلى أي مخاطر ذات طبيعة عسكرية”.
عزوف مؤلم..
ورداً على سؤال حول عزوف الأردنيين عن المشاركة السياسية، قال رئيس الوزراء إن هذا تشخيص بقدر ما هو مؤلم فإنه دقيق إجمالاً بدلالة أن نسب التصويت والمشاركة متواضعة.
وأكد أن الملك ومع دخول الدولة مئويتها الثانية اختار الذهاب لتقديم مشروع للتحديث الشامل بالاعتماد على ثلاثة مرتكزات أساسية: سياسية واقتصادية وإدارية.
وأشار الخصاونة إلى أن التعديلات الدستورية التي صاحبت قانون انتخاب جديد وقانون أحزاب سياسية جديداً تهدف إلى تشجيع الأردنيين على الانخراط والتأطير في إطار أحزاب سياسية تتدرج على امتداد ثلاث دورات انتخابية قادمة وترفع حصة مساهمتها وحضورها في مجالس النواب.
وأشار إلى أن الأحزاب سيكون لها في الانتخابات المقبلة حوالَيٍْ 41 مقعداً ثم في الانتخابات التي تليها 50 ثم 65 مقعداً في الانتخابات التي تتبعها، مؤسسين على قاعدة حزبية لتشجيع التأطير الحزبي والانخراط العام في المشاركة السياسية.
وبشأن الموعد الذي من الممكن أن يشهد فيه الأردن حكومة حزبية منتخبة، قال الخصاونة “عندما يختار الملك ذلك، وبعد أن تنضج هذه التجربة الممتدة لحوالَيْ 10 سنوات مقبلة”.
وحول شعبية الحكومة والثقة بها، أشار رئيس الوزراء الأردني إلى وجود تراجع في منسوب الثقة بين المواطن والحكومات المتعاقبة، مؤكداً أن هذه الحكومة أنصفها الملك في كتاب التكليف، عندما أشار بوضوح أن هذه الحكومة تأتي في ظروف استثنائية لا سابق لها لجهة أنها تعاملت مع استحقاقات حالة وبائية لم يشهد لها العالم مثيلاً منذ عقود من الزمن، لأن أزمة كورونا ليست فقط في إطار التعامل الصحي الكفؤ الذي نعتز ونفتخر به، ولكن أيضاً واكبها تداعيات اقتصادية على القطاعات المختلفة.
محاذير خطيرة
الخصاونة أكّد أن الحكومة حمت سعر الديزل والكاز منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 2021، وحتى الشهر الماضي حزيران/ يونيو 2022، ولم تعكس السعر الدولي المتصاعد للمشتقات النفطية الذي تعمّق أكثر بفعل الأزمة الأوكرانية إلا بعد انتهاء شهر رمضان المبارك.
وأكد أن الحكومة رفضت بعض الوصفات التي طلبتها مؤسسات التمويل الدولية، التي لدينا برامج إصلاحية والتزامات معها، بأن تعكس السعر الدولي مرة واحدة، وتمسكت بموقف بأن لا تعكس السعر إلا على عدة رفعات متتالية، مؤكداً أن المحاذير المترتبة على عدم عكس الأسعار محاذير خطيرة للغاية على الاقتصاد الكلي والاستقرار النقدي وغيرها من الاعتبارات التي نفخر اليوم أنها مستقرة للغاية.
وتابع “اليوم لدينا في البنك المركزي احتياطي نقدي تاريخي وقياسي يبلغ 18 مليار دولار ومؤشرات الاقتصاد الكلي صحية وإيجابية حيث ثبتت جهات التصنيف والائتمان المالية الدولية، أو رفعت تصنيفنا الائتماني المالي”.
واسترسل بحدّة: “لن يحكم عملي محاولات السعي لاستجلاب شعبويات وشعبيات على حساب المجازفة والمخاطرة بالاقتصاد الوطني الكلي ومصائر الأردنيين الاقتصادية وأوضاع الخزينة العامة على المدى الأبعد”.