”نداء بوست“- أسعد الأسعد- إدلب:
افتتح مركز "القلوب البيضاء" لرعاية المصابين بمتلازمة "داون" أبوابه اليوم السبت بعد استحداث المركز الجديد بالقرب من مدينة إدلب شمال غرب سورية.
ياسر طفل سوري من إدلب وُلد يحمل في جيناته ما تعرف بـ”متلازمة داون“. وفي ظروف الحرب اليومية، يصعب على أسرة استقبلت مثل هذه الحالة أن ترعاها وحدها، لكن والد ياسر، غسان الخالد، لم يسمح لليأس بالسيطرة عليه ورسم مستقبل ابنه، وبقي يبحث عن حلول تُسهِّل مهمته في تربية ورعاية طفله.
يقول الخالد لـ ”نداء بوست“: ”ابني عمره ثماني سنوات وهو مصاب بمتلازمة «داون»، ومنذ ولادته وأنا أحسّ بالحسرة والألم عليه، ولكن الحمد لله صادفت (مركز القلوب البيضاء) على موقع «فيسبوك» وجلبت طفلي إليه، وهو بفضل الله في تحسُّن كبير، إضافة إلى أنني شاركت المشرفين على الأطفال العمل والجهد للعناية بحالة ياسر“.
وقد أقام المركز حفل افتتاح بمناسبة انتقاله إلى البناء الجديد، حضره أهالي الأطفالِ المستفيدين من الخدمات التي يُقدِّمها، وقال عبد الله المحمد مدير المركز لـ"نداء بوست“: إن "المركز تأسَّس منذ حوالي العام، وكان العمل تطوعياً طوال تلك الفترة".
وأضاف: "اليوم افتتحنا البناء الجديد بعد أن دُعم المركز من الهيئة الخيرية الإسلامية في الكويت، بالتعاون مع مؤسسة (شارك للإغاثة والتنمية)“.
وقال المحمد: "نحن كفريق نعمل ضِمن عدة تخصصات لخدمة أطفالنا من المصابين بمتلازمة داون، تشمل العلاج الفيزيائي والنطق والتدريب والعناية الطبية، ويتألف كادر المركز من أحد عشر موظفاً مقسمين ما بين مدربين ومعالجين فيزيائيين واختصاصيي نطق“.
ويستقبل ”مركز القلوب البيضاء“ 40 طفلاً مقيمين قي مدينة إدلب، بمعدل ست ساعات دوام يومياً، تُقدَّم لهم خدمات تعليمية جماعية، وخدمات فردية تشمل تحسين النطق والعلاج الفيزيائي، بالإضافة إلى تقديم كافة أشكال الرعاية الطبية، بالتعاون مع المشفى الجامعي في إدلب.
ويتلقى الطفل في بداية تسجيله في المركز عمليات استقصاء أولية، تشمل تخطيط جذع الدماغ، وتخطيط سمع، وفحوصات الجملة العصبية. وبالنسبة للمناهج التعليمية، يؤكد مدير المركز، أن المناهج المدرسية، هي مناهج مشفى "بورتلاند" الأمريكية لتأهيل أطفال متلازمة "داون"، والتي تتضمن وسائل التعليم بالتطابق.
ويبين المحمد أن مدينة إدلب تضم وحدها 300 طفل مصاب بمتلازمة داون، ويجري حالياً محاولة تطوير المركز ليستوعب 100 طفل، والسعي لافتتاح مركز آخر يستوعب أعداداً إضافية.
والمصابون بمتلازمة "داون" بحاجة لرعاية خاصة لتطوير مهاراتهم وهذا يتجاوز مفهوم الرعاية الطبية التقليدي إلى التربية وأصول التعامل مع ذوي القدرات الخاصة.
من جهته قال مجد كيلاني المنسق الميداني لمركز "القلوب البيضاء" لـ"نداء بوست“: إن المركز يهدف إلى علاج عشرات الأطفال الذين لا يتلقون علاجاً ”حيث تم نقلهم إلى المركز الجديد والذين يُقدَّر عددهم بـ٤٠ طفلاً“، مؤكداً أن كادر المركز يضم 11 شخصاً يعملون في تعليم المرضى النطق ومهارات أخرى والعلاج الفيزيائي.
ولا يوجد علاج لهذه المتلازمة التي يُولَد بها الإنسان نتيجة خلل جيني، ولكن يمكن التخفيف من مشكلاتها بعلاج ما يمكن علاجه من عيوب خلقية في القلب أو العمود الفقري أو السمع أو غير ذلك من المشكلات الصحية الجسدية.
متروكون وسط الحرب
وقد عانت هذه الشريحة من السوريين، خلال السنين الماضية، نتيجة حاجتها المستمرة للرعاية، وغياب دور الدولة في معظم المناطق السورية التي لم يقدم النظام فيها أية أرقام دقيقة بشأن عدد المصابين بمتلازمة “داون” في سورية، فيما تبلغ نسبة الإصابة بها 1 من كل 800 إلى 1000 حالة ولادة في جميع أنحاء العالم، وَفْق إحصائية الجمعية المصرية للحساسية والمناعة عام 2015.
يمكن لياسر وأصدقائه من الأطفال الذين لا يقلون ذكاء عن غيرهم من الأطفال غير المولودين بمتلازمة "داون"، أن يشعروا بالأمان في ”مركز القلوب البيضاء“، ولن يكون مصيرهم الإهمال أو سوء المعاملة. وهو ما يعبّر عنه والد ياسر بالقول: ”حين تتعامل مع (مركز القلوب البيضاء) تشعر أن القائمين على هذا المركز لا يختلفون عن أهالي الطلاب من ناحية اللهفة والخوف على الأطفال.
بارك الله بكل مَن يدعم هذا المركز لأنه فعلاً يقوم بإنقاذ هذه الوجوه البريئة، ونحن نتمنى استمرار هذا الصَّرْح التعليمي الكبير إلى أقصى حدّ له، لكي يتمكن من إفادة أكبر عدد ممكن من الأطفال المصابين“.