المصدر: معهد الشرق الأوسط للدراسات
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: حميد رضا عزيزي
في حين أن الحرب الروسية في أوكرانيا لا تزال في طليعة الاهتمامات الدولية باعتبارها الأزمة الجيوسياسية الأشدّ في العالم اليوم، يُنظر إلى الصراع الدولي المُستمرّ منذ عقد من الزمان في سورية على أنه قد لا يزال أمامه الكثير من المفاجآت الجديدة التي تنتظره. فمع اقتراب وجود عملية عسكرية تركية جديد في شمال سورية، يواصل أصحاب المصلحة الدوليون الآخرون في الأزمة السورية الإعراب عن مخاوفهم بشأن مثل هذه العملية. وعلى عكس تركيا منذ عام 2011 بشأن رغبتها في الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد ودعمها للثورة السورية التي أصبحت مُسلّحة، كانت إيران تُصاعد مؤخراً من معارضتها لعملية عسكرية تركية جديدة مُحتملة.
وردّاً على سؤال حول الأنشطة العسكرية التركية في شمال سورية والعراق، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في 20 حزيران/ يونيو: إن “ملف سورية موضع خلاف بيننا وبين تركيا”. ووفقاً للوزير الإيراني، فقد أوضحت إيران في “لقاءات ثنائية مُفصّلة” مع الجانب التركي أن “هدفها الأساسي والواضح” هو الحفاظ على وحدة أراضي سورية. وفي السياق ذاته، قال علي أصغر خاجي، الدبلوماسي الإيراني البارز الذي ترأس الوفد الإيراني في الجولة الثامنة عشرة من محادثات أستانا بشأن سورية، في اجتماع مع الوفد التركي في 16 حزيران/ يونيو، إن “وحدة أراضي سورية وسيادتها لا يمكن المساس بها. و” في الآونة الأخيرة، خلال زيارته لأنقرة في 27 حزيران/يونيو، قال وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان: إنه على الرغم من أن “إيران تتفهّم مخاوف تركيا الأمنية” في سورية، إلا أنه يجب معالجة هذه المخاوف من خلال “الحوار والوسائل السلمية”.
وفي غضون ذلك، واستعداداً لعملية تركية مُحتملة، ورد أن إيران سعت إلى تسهيل التنسيق بين قواتها المتحالفة في سورية ووحدات جيش النظام السوري والميليشيات الكردية في شمال سورية. وأثارت هذه التطورات الدبلوماسية والعسكرية تكهّنات حول إمكانية حدوث توترات أو حتى مواجهة بين القوات التركية والإيرانية في سورية. في الواقع، خلال الجولة الأخيرة من العمليات العسكرية التركية في شمال سورية أوائل عام 2020، وصل الطرفان إلى حافّة المواجهة. فعلى الرغم من أنه تمّ تجنّب المواجهة العسكرية في نهاية المطاف – ويرجع الفضل في ذلك في المقام الأول إلى دور روسيا في التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع تركيا – إلا أنه لا يوجد ضمان لتكرار تلك المساعي. وقد أدّت سلسلة من التطورات الأخيرة في سورية وخارجها إلى زيادة التخوّف في طهران من التهديد القادم من أنقرة وقد يؤدي ذلك إلى ردّ فعل عسكري، وإن كان غير مباشر، على عملية تركية جديدة.
مخاوف إيران في سورية
منذ بداية الصراع السوري، نفّذت تركيا أربع عمليات عسكرية كبرى في شمال سورية. العملية الأولى، درع الفرات، كانت في شمال حلب في آب/ أغسطس 2016، وسيطر خلالها الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا على 2055 كيلومتراً مربعاً من تلك المنطقة. وسمحت عملية غصن الزيتون في كانون الثاني / يناير عام 2018 لقوات المعارضة المدعومة من تركيا بالاستيلاء على منطقة عفرين بأكملها. وفي أواخر عام 2019، وسّعت عملية نبع السلام المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الجيش الوطني السوري المدعومة من القوات التركية شرق الفرات. كما عزّزت عملية لاحقة في محافظة إدلب الشمالية الغربية في شباط/ فبراير من عام 2020، والمعروفة باسم درع الربيع، من سيطرة القوات المدعومة من تركيا على الشريط الحدودي الشمالي لسورية.
وأكّد المسؤولون الأتراك باستمرار أن الهدف من عملياتهم العسكرية هو مواجهة “التهديد الإرهابي” في شمال سورية، مؤكدين بشكل خاص الحاجة المُلحّة لمواجهة الميليشيات الكردية التابعة لوحدات حماية الشعب. بالنسبة لأنقرة، فإن وحدات حماية الشعب هي الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني المحظور، الذي يُقاتل الحكومة التركية منذ عقود. لكن نتيجة لتلك العمليات، باتت القوات السورية المدعومة من تركيا تسيطر الآن على حوالَيْ 10٪ من الأراضي السورية. الآن، ويُصرّ المسؤولون الأتراك، بمن فيهم الرئيس رجب طيب أردوغان، على أن زيادة التهديدات الإرهابية النابعة من سورية تستلزم عملية جديدة. وبحسب المسؤولين الأتراك، فإن الهدف من العملية هو إنشاء “منطقة آمنة” بعمق 30 كيلومتراً على الأراضي السورية، من أجل تطهير “الإرهابيين” وتمهيد الطريق لإعادة أكثر من مليون لاجئ سوري إلى وطنهم. وحتى الآن، تمّ الحديث عن مدينتين على الأقل، وهما منبج وتل رفعت، كأهداف رئيسية للعملية العسكرية المقبلة لتركيا، ومع ذلك كانت هناك تكهنات أيضاً بأن كوباني وعين عيسى قد تكونان من بين تلك المناطق المقصودة أيضاً.
منبج وكوباني، وكذلك جميع المناطق الواقعة شرق الفرات تقريباً، كانت خارج منطقة نفوذ إيران ومصالحها في سورية.
ونتيجة لذلك، فإن العملية التركية في تلك المناطق لن تثير ردة فعل من إيران كما لم تفعل في الماضي. في الواقع، تُعتبر الميليشيات الكردية شرقي الفرات، التي تعمل تحت لواء قوات سورية الديمقراطية، حلفاء للولايات المتحدة في سورية. من هذا المنظور، فإن أيّ تحرّك من جانب تركيا من شأنه أن يحدّ من النطاق الجغرافي لنفوذ الولايات المتحدة في سورية سيكون موضع ترحيب من قبل إيران. لكن عندما يتعلق الأمر بتل رفعت، تبدو الأمور مختلفة تماماً.
تقع تل رفعت شمال محافظة حلب، وهي الآن مُحاصرة من قِبل القوات السورية المدعومة من تركيا من الشمال والشرق والغرب. ولكن إلى الجنوب من تل رفعت توجد بلدتا نبل والزهراء الشيعيتان. وتقع هاتان النقطتان بين تل رفعت ومدينة حلب. وبالتالي، فإن المنطقة حيوية لإيران وحلفائها في سورية، أيديولوجياً وإستراتيجياً. من وجهة نظر أيديولوجية، تشعر إيران بالقلق من أن الخطوة التالية للميليشيات السّنية المدعومة من أنقرة بعد السيطرة على تل رفعت ستكون استهداف نبل والزهراء الشيعيتين. من الناحية الإستراتيجية، تعتقد طهران أن السيطرة على تل رفعت ستكون مقدمة لتركيا وحلفائها في مسيرتهم نحو مدينة حلب. فمنذ أن استعاد جيش النظام السوري حلب في عام 2016، شهدت المدينة زيادة كبيرة في نفوذ إيران والجماعات التابعة لها. ومن منظور أوسع، هناك قلق في إيران من أنه إذا نجحت أنقرة في إنشاء منطقتها الآمنة التي طال انتظارها بطول 30 كيلومتراً، فإنها ستُطلق دفعة جديدة من العمليات للإطاحة بنظام الأسد. ويجادل المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيراني (SCFR) في تحليل أن “تركيا تسعى إلى زيادة الضغط على حكومة الأسد وتمهيد الطريق للتغيير في وسط وجنوب سورية”، الأمر الذي يتعارض مع مصالح إيران في تلك المناطق.
اعتبارات تتعدّى سورية
بصرف النظر عن النطاق الجغرافي المُحتمل لعملية تركيا الجديدة، هناك عوامل أخرى تجعل طهران أكثر قلقاً من أي وقت مضى بشأن خطط أنقرة في سورية. ترتبط هذه العوامل بشكل أساسي بالتوجهات الحديثة في السياسة التركية الخارجية والإقليمية، مع وجود التقارب التركي الإسرائيلي على رأس القائمة. يُحذّر المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيراني من أن “دعم القوات المناوئة للأسد هو مشروع تركي إسرائيلي مُشترك تمّ الاتفاق عليه خلال زيارة وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو الأخيرة إلى تل أبيب”. كما يجادل بأن “المشروع” سيتم تنفيذه إذا تمّ تحقيق هدف تركيا الأساسي المتمثل في “استكمال الممر الأمني في شمال سورية”. وفي السياق نفسه، نقلت وكالة أنباء إيلنا شبه الرسمية عن أحمد بخشايش أردستاني، العضو السابق في البرلمان الإيراني قوله إن “إسرائيل تستثمر في نفوذ تركيا في سورية”. وهدف إسرائيل، حسب قوله، هو خلق حالة من عدم الاستقرار في سورية لإبقاء طهران مشغولة.
في الواقع، لدى القادة الإيرانيين سبب وجيه للاعتقاد بأن تركيا وإسرائيل تُشكّلان جبهة مشتركة ضد إيران. ففي 23 حزيران/ يونيو، قبل وقت قصير من زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يائير لبيد إلى تركيا، أُعلن أن قوات الأمن التركية أحبطت مؤامرة إيرانية لاغتيال سياح إسرائيليين، وهو اتهام نفته إيران ووصفته بأنه “سخيف”. وما يعزز شكوك إيران في وجود أجندة معادية لإيران في سياسة أنقرة الخارجية هو أن تركيا تعمل أيضاً على تطوير علاقات مع خصوم إيران الإقليميين الآخرين، بما في ذلك المملكة العربية السعودية. فقد حظيت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى تركيا في 22 حزيران/يونيو باهتمام واسع النطاق في إيران. فأحد مخاوف إيران هو أن سعي تركيا للاستثمار السعودي لتحسين اقتصادها المُتعثّر قد يدفع أنقرة إلى إعادة النظر في علاقاتها مع طهران من أجل إرضاء الرياض. وبالإضافة إلى ذلك، فإن احتمال قيام تركيا بدور أكثر نشاطاً في اليمن ضد الحوثيين المدعومين من إيران أمر مُقلق بشكل خاص لطهران.
إن دور تركيا المُتطور في العراق هو قضية أخرى أثّرت سلباً على نظرة إيران إلى تركيا. فالتدخل العسكري التركي في شمال العراق، بهدف مواجهة تهديد التمرّد الكردي، ليس بالأمر الجديد. لكن على مدار العامين الماضيين، اتّخذ دور تركيا أبعاداً جديدة تُقلق إيران. كانت الاتفاقية الثلاثية لعام 2020 بين أنقرة وبغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل لتطهير حزب العمال الكردستاني في سنجار علامة فارقة في هذا الصدد، حيث شعرت إيران بأنها مُستبعدة فعلياً من الترتيبات الأمنية في شمال العراق. ومنذ ذلك الحين، اتّهمت الجماعات الشيعية الموالية لإيران تركيا مراراً وتكراراً بالتدخّل في العراق، مُحذّرة من أنها قد تقوم بعمل عسكري ضد القوات التركية.
إن جهود تركيا لزيادة نفوذها بين الفصائل السياسية الكردية والسنّية في العراق، خاصة بعد الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني /نوفمبر 2021، جعلت إيران تخشى من تقليص نفوذها التقليدي في السياسة العراقية.
على هذا النحو، توصّل الكثير في إيران إلى الاعتقاد بأن الهدف التركي المتمثل في “محاربة الإرهاب” سيقود إلى زيادة التواجد التركي في الشرق الأوسط وخارجه، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى تحالف تركيا مع أعداء إيران ويزيد من تفاقم تضارب المصالح بين طهران وأنقرة.
ويعتقد علي أكبر فرازي، الدبلوماسي المخضرم الذي عمل سفيراً لإيران في رومانيا والمجر وقبرص، أن تركيا حدّدت لنفسها “مجال نفوذ سياسي ودبلوماسي إقليمي وعالمي” في سياق نهجها “العثماني الجديد”.
لذلك، فإن التدخل العسكري التركي في سورية والعراق يهدف إلى تحقيق هذا المجال من النفوذ. وبحسب فرازي، فإن “احتمال نشوب صراع بين الجيش التركي والجيش السوري أمر خطير للغاية، ونتيجة لذلك يمكن أن تحدث مواجهة بين القوات الإيرانية والتركية”.
هل نتوقع صراعاً بين إيران وتركيا في سورية؟
نظراً لتراكم الخلافات واشتداد التوترات بين طهران وأنقرة في السنوات الأخيرة، فإن قلق فرازي من احتمال نشوب صراع بين إيران وتركيا في سورية هو قلق مُبرّر. فلدى طهران سبب وجيه لتجنّب المواجهة مع أنقرة. فمن ناحية، حتى ردّ الفعل العسكري المباشر المحدود من إيران في سورية يمكن أن يزيد التوترات في العلاقات الثنائية إلى مستوى غير مسبوق، مما يدفع أنقرة إلى المزيد من الاصطفاف مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية. وآخر شيء تريد إيران رؤيته هو جبهة قوية مناهضة لإيران في الشرق الأوسط تضمّ جميع خصومها الإقليميين الرئيسيين. ومن ناحية أخرى، فمن المُرجح أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى انهيار عملية أستانا. ففي الواقع، فقد مسار أستانا وظيفته العملية إلى حدّ كبير خلال العامين الماضيين، وتحوّل إلى شكل رمزي. ولكن مع ذلك، فإن مجرّد الوظيفة الرمزية أمر بالغ الأهمية بالنسبة لطهران، لأنها الإطار الدبلوماسي الدولي الوحيد الذي لعبت فيه إيران دوراً نشطاً. وبهذا المعنى، نظرت إيران إلى عملية أستانا على أنها وسيلة لإضفاء الشرعية على مشاركتها في سورية.
وبالنظر إلى هذه المخاطر والقيود، فقد شرعت إيران بالفعل في مجموعة من التحرّكات السياسية والعسكرية في سورية، وإن كان ذلك بشكل غير مباشر، لمواجهة تهديد عملية تركية جديدة. فعلى الصعيد السياسي، تأمل إيران في دفع الأكراد نحو اتفاق مع دمشق يستلزم تسليم المسلحين الأكراد السيطرة على تل رفعت للجيش السوري قبل العملية التركية. وهذا من شأنه أن يحرم أنقرة من عذرها الرئيسي لإدراج تل رفعت في عمليتها الجديدة في سورية، أي محاربة التمرّد الكردي. وفي الوقت نفسه، سعت إيران إلى إقناع روسيا، التي يبدو أنها أقل اهتماماً بالمشاركة العسكرية النشطة في سورية بسبب انشغالها بحرب أوكرانيا، للعب دور أكثر نشاطاً في ردع تركيا عن عملية واسعة النطاق. وتذكر وكالة مهر الإيرانية شبه الرسمية للأنباء هذا الجانب من النهج الإيراني، مشيرة إلى أنه “إذا وافق الأكراد على التعاون مع الجيشين السوري والإيراني، على الأقل في تل رفعت، بما يكسب دعمهم أو جذب المزيد” من الاهتمام الروسي فإن حسابات الجيش التركي ستتغير إلى حد ما “. في هذه الحالة، يمكن لإيران أن تُصيب عصفورين بحجر واحد، أي منع هجوم تركي على تل رفعت بينما – ربما الأهم – استخدام ضعف قوات سورية الديمقراطية ضد تركيا كأداة لإضعاف نفوذ الولايات المتحدة في سورية. بعبارة أخرى، عندما يتعلق الأمر بالأكراد السوريين، فإن اعتبارات إيران تتجاوز دور تركيا وتتعلق أكثر بكيفية تقويض التحالف بين الميليشيات الكردية وواشنطن.
لقد أثمرت الجهود الإيرانية في مثل هذا الاتجاه بالتوافق مع نظام الأسد. فمن جهة، أعلنت قوات سورية الديمقراطية في بيان لها في 7 حزيران / يونيو أن قواتها مُستعدّة “للتنسيق مع قوات حكومة دمشق لمواجهة أي توغّل تركي مُحتمل وحماية أراضي النظام السوري من العملية التركية”. ويمكن اعتبار هدف إيران المنشود بتسليم تل رفعت للجيش السوري خطوة مُتقدّمة، ومن ناحية أخرى، يبدو أن روسيا قررت، بعد تردّد في البداية، اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه خطط تركيا لشمال سورية. ففي 15 حزيران / يونيو، وقبيل اجتماع أستانا الأخير في كازاخستان، وصف المبعوث الرئاسي الروسي الخاص لسورية، ألكسندر لافرنتييف، عملية تركية جديدة محتملة بأنها “غير منطقية وغير عقلانية” بينما رفض أي “صفقة” محتملة مع أنقرة بخصوص سورية. جاء ذلك بعد أيام قليلة من قيام القوات الروسية بتسيير دوريات جوية حول تل رفعت لتعزيز مواقعها في المنطقة.
ولكن إذا فشلت كل هذه التحركات في منع تركيا، فقد عملت إيران أيضاً على خطط عسكرية لمواجهة القوات التركية أو على الأقل الحدّ من نطاق عمليتها. وتشمل هذه الخطط تعزيز وتسهيل التعاون بين الميليشيات المدعومة من إيران في سورية والمسلحين الأكراد، فضلاً عن إرسال تعزيزات إلى هذه الجماعات. منذ أوائل حزيران/ يونيو، ورد أن الإيرانيين أرسلوا ميليشيات إلى نبل والزهراء. وانتشرت القوات على خطوط المواجهة مع القوات التركية والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا في شمال حلب ومحيط عفرين. في الوقت نفسه، كانت هناك تقارير تفيد بأن إيران أنشأت غرفة عمليات مشتركة شمال حلب تتكون من وكلائها السوريين وغير السوريين، وقوات حماية الشعب، وحزب الله اللبناني. إذا كان هذا صحيحاً، فسيكون هذا هو التنسيق العسكري الأكثر شمولاً بين القوات المدعومة من إيران والميليشيات الكردية منذ بداية الصراع السوري.
على هذا النحو، إذا قررت تركيا تنفيذ عمليتها في شمال سورية، وإذا امتدّت العملية إلى تل رفعت وشمال حلب، فمن المرجح أن تلجأ إيران إلى رد عسكري غير مباشر عَبْر قوات بالوكالة. وعلى الرغم من أن هذا سيكون خياراً أقل خطورة مقارنة بسيناريو المواجهة الإيرانية التركية المباشرة، إلّا أنه لا يزال هناك احتمال كبير بأن الوضع قد يخرج عن نطاق السيطرة ويؤدي إلى صراع أوسع وأطول أجلاً بين الجارتين.