مترجم – نداء بوست
نشرت مجلة الـ "فورين بوليسي" الأمريكية مقالاً تبيّن من خلاله أنه فقط واشنطن هي التي تملك سياسة العصا والجزرة لتوجيه الصراع في سوريا نحو الحل.
وأشارت المجلة إلى أن قمة الأسبوع المقبل بين الرئيس الأمريكي "جو بايدن" والرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في جنيف هي المكان الأمثل لواشنطن لبدء التوسط في صفقة بشأن سوريا.
وكانت روسيا تتوق إلى اعتراف الولايات المتحدة بارتفاع مكانتها الجيوسياسية، وهو الأمر الذي تم اكتسابه جزئياً من خلال تدخُّلها في دَعْم "بشار الأسد".
كما أن مبادرة "بايدن" لعقد القمة هي إشارة لمراعاة غرور روسيا، والتي يمكن أن تمهد الطريق للانخراط "الأمريكي – الروسي" في سوريا في المستقبل بما يتجاوز المحادثات على المستوى الوزاري التي كانت تجري خلف الأبواب المغلقة.
وتؤكد الـ "فورين بوليسي" بأن واشنطن وحدها تستطيع توجيه الصراع السوري نحو الحل -إذا عززت المحادثات الثنائية مع موسكو، لقد توترت العلاقات (الأمريكية – الروسية) على عدة جبهات بما في ذلك أوكرانيا وحقوق الإنسان ومزاعم التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعامَيْ 2016 و 2020- ومع ذلك، وعلى الرغم من الانحياز إلى أطراف متعارضة في الصراع السوري، هناك احتمال لتسوية "أمريكية – روسية". ولتحقيق هذا، يجب على الولايات المتحدة اتباع نهج العصا والجزرة للاستفادة من نقاط ضعف روسيا، وكذلك من تلك الرغبات الروسية التي لا تضر بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة.
لم تأخذ روسيا عملية السلام في سوريا التي تقودها الأمم المتحدة على محمل الجد أبداً لأنه لم يكن هناك ضغط سياسي أو عسكري كبير على موسكو لإجبارها على تقديم تنازلات.
حيث تواصل موسكو المماطلة في محادثات جنيف وتتبع خطاً مماثلاً في اجتماعاتها المغلقة بشأن سوريا مع واشنطن، إذ إن هدف "الكرملين" هو دفع المجتمع الدولي لقبول الأسد في نهاية المطاف كفائز بحكم الأمر الواقع في الصراع السوري وتطبيع العلاقات مع نظامه.
وتفترض المجلة الأمريكية أنه يمكن لإدارة بايدن تغيير هذا الوضع الراهن، لأنه لا الأمم المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي يمتلكان النفوذ السياسي للتأثير على تصرُّفات روسيا في سوريا.
ومن المرجَّح أن تقبل روسيا التضحية برئاسة الأسد، ولكن فقط مقابل الحفاظ على درجة من النفوذ لنفسها في سوريا، فبمجرد اتفاق واشنطن وموسكو على عناصر هذا الحل الوسط، يجب إعادة صياغة عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة لتصبح آلية لتنفيذ اتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا.
يجب أن تستند أي صفقة من هذا القبيل إلى دعم تشكيل بديل سياسي وعسكري واقتصادي شرعي لنظام الأسد، ويستلزم هذا قبول روسيا بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا تتألف من عناصر من النظام الحالي -لكن من خارج عائلة الأسد- وعناصر من مجموعات المعارضة المختلفة والمجتمع المدني، بعبارة أخرى، ستكون نتيجة الصفقة الأمريكية الروسية هي تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254.
ومن الأمور التي من المرجح أن تطلبها روسيا في المقابل -إلى جانب الاعتراف الدولي بوضعها الجيوسياسي الدولي المعزَّز- هو استمرار نفوذها السياسي والعسكري في سوريا، حيث تمتلك روسيا بالفعل قاعدة بحرية في مدينة "طرطوس" الساحلية السورية والتي تحرص على الاحتفاظ بها، إذ إن هذا الوجود على البحر الأبيض المتوسط ليس تهديداً مباشراً لمصالح الولايات المتحدة.
إن علاقة روسيا بالجيش السوري والدولة السورية سبقت الصراع المستمر بوقت طويل، كما أن استمرار هذه العلاقة، حتى في شكل الرعاية الحالي، لا يشكل أيضًا تحدياً كبيراً للسياسة الخارجية الأمريكية.
وتقول الـ "فورين بوليسي": إن إبرام صفقة لا يعني الإذعان لرغبات روسيا، فهناك نوعان من أدوات النفوذ التي يمكن لواشنطن استخدامها للضغط على موسكو لقبول الصفقة، فروسيا حريصة على تدفُّق أموال إعادة الإعمار الدولية إلى سوريا؛ لأنها نصبت نفسها كوسيط في هذا السيناريو، مع تخصيص الشركات الروسية للاستفادة من هذا الدخل، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مُحِقُّون في التمسك بالموقف القائل بأن العقوبات الاقتصادية لن ترفع قبل حدوث الانتقال السياسي في سوريا، ويجب على واشنطن الحفاظ على هذا الموقف حتى توافق موسكو على شروط قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وتستخدم روسيا سوريا كساحة اختبار لأسلحتها، كما وثّقتها منظمات حقوق الإنسان الدولية وأدانتها، ويمكن للولايات المتحدة تحريك هذا الملف لمحاسبة روسيا على أفعالها في سوريا، بما في ذلك الهجمات على أهداف مدنية ومنشآت طبية.
وتختم مجلة "فورين بوليسي" بالقول بأنه يجب ألا تُضيع إدارة "بايدن" الفرصة التي تُتيحها القمة الأمريكية الروسية يوم الأربعاء المقبل بشأن سوريا.
ينصبّ تركيز مختلف الإدارات الحكومية الأمريكية العاملة في سوريا على إيصال المساعدات عَبْر الحدود ، ومحاربة تنظيم داعش، والتخطيط لخروج نهائي للقوات الأمريكية، حيث إن كل هذه المشاكل هي نتاج الصراع المستمر، وحلها يتطلب إستراتيجية شاملة لإنهائه.
كلّما مرّ الوقت، كلما زادت روسيا من جذب الدول الأخرى لتطبيع علاقاتها مع الأسد، وكلما أصبحت سوريا أداة لزيادة نفوذ روسيا في المنطقة وخارجها، ولكن إدارة "بايدن" تمتلك الوسائل لوقف هذا السيناريو، وللقيام بذلك، تحتاج إلى تطوير الإرادة السياسية لإشراك روسيا والتوصل إلى اتفاق بشأن سوريا الآن.