نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
الحثّ على الحدّ من استهلاك المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد وتوعية الناس بمضارها، هو عنوان المشروع الفني التركيبي الذي تتبنّاه الفنانة الأمريكية من أصل عراقي ماريا نيسان المقيمة منذ ثلاث سنوات في العاصمة الأردنية عمّان.
تقول نيسان التي تزيّن جداريةٌ لها جانباً من مبنى عمّاني قديم، في مقابلة أجرتها معها وكالة “فرانس برس” الفرنسية: إنها معجبة بجمال عمّان، لكنه –بحسب قولها- الإعجاب المشوب بـ”الإحباط والغضب” بسبب “أكوام النفايات البلاستيكية في الشوارع وفي المناطق ذات الجمال الطبيعي”.
أكثر من 2000 قنينة بلاستيكية، وحوالَيْ 1000 كيس تسوُّق بلاستيكي، وأكثر من 150 خرطوم أرجيلة بلاستيكي، هي مكوّنات جداريتها الضخمة المحمّلة دلالاتها ورسالتها الفنية الجمالية المتصالحة مع البيئة، والداعية إلى استنفار الجهود جميعها لحماية المحيط والأنفاس والأفق البعيد.
على وجه العموم، تذهب نيسان التي ارتدت خلال المقابلة فستاناً مصنوعاً من أكياس بلاستيكية زرقاء، إلى تقديم أعمال تركيبية تتضمّن رؤى ومعالجات ثقافية تهمّ المجتمعات الراهنة، وتستفيد في ذلك من دراستها التربية الفنية والرسم في “جامعة جورجيا” الأمريكية، كما نالت شهادة في الفن من “أكاديمية أثينا”، قبل انتقالها إلى فلورنسا وحصولها هناك على درجة الماجستير.
في مشاريعها وأعمالها، تتناول نيسان قضايا إنسانية راهنة، منها، على سبيل المثال، قضية اللاجئين السوريين في اليونان وموجات نزوحهم الكبيرة التي شهدتها الأعوام الأخيرة، وشكّلت اليونان خلالها، محطة تشبه العقبة التراجيدية الكبرى.
كما اشتغلت على الشؤون النسوية ضِمن مقاربات تتصل بمسائل جدلية عديدة، واستهلاك النفايات في إطار بيئي، إلى جانب البحث البصري في الهُوِيَّات الثقافية.
أطلقت مشروعها الجديد الذي يحمل عنوان “محيطات بلاستيكية”، قبل عاميْنِ من الآن، عرضت مخرجاته، بداية، في دار الأندى في جبل اللويبدة العمّاني العريق، ثم جاءت جائحة كورونا فأعاقت مواصلتها عرضه في جاليرهات ومؤسسات وفضاءات أخرى، وها هي تعاود الآن، ما بدأته قبل عامين، طارحةً تساؤلات حول سُبل مواجهة هذا المحيط الهادر من المواد الضارّة، ومُحاوِلةً تبيان دور الفنان في هذه المواجهة.
في أحد الأعمال، وهو عبارة عن قطع بلاستيكية مربوطة معاً، تريد الفنانة أن تقول إنه، وفي الوقت الذي يتم فيه استخدام كل كيس من مستهلك واحد في المتوسط لمدة اثنتَيْ عشرة دقيقة، فإن هذه الأكياس والزجاجات البلاستيكية بعد انتهاء هذه الدقائق، ستستقر في محيطاتنا ومدافن القمامة لمدة 1000 عام.
في عملٍ تركيبيٍّ آخر، تسلّط نيسان الضوء على ممارسات الإنسان التي تؤدي إلى الإضرار بالبيئة، من خلال عرض مجموعة من القطع الفنية التركيبية التي تم إنشاؤها من الأكياس والزجاجات البلاستيكية المستخدمة في مختلف أنحاء العالم، التي جمعتها خلال تجوالها وأسفارها، ثم وضعتها حول دائرة نصف قطرها 10 أمتار، وأذابت بعضها بالحرارة، وربطت بعضها الآخر محققة تشكيلاً فنياً متماهياً مع تصوُّراتها.
تقول الفنانة في سياق عرضها هُوِيَّتها وضفاف هذه الهُوِيَّة: “يبحث عملي في الموضوعات الرئيسية للهُوِيَّة الثقافية والمفاهيم الأثيرية حول (الوطن)، نظراً لانتمائي إلى أسرة عراقية آشورية، وحاصلة على تعليمي في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، فإن خلفيتي تولّد رغبتي في إنشاء مشاريع فنية متعددة الثقافات، تربط اتجاهات متنوعة، وأحياناً متعارضة، مع بعضها بعضاً”.