إن روسيا في حالة نجاح في الآونة الأخيرة، فقد زادت من حدة التوترات مع أوكرانيا، ونشرت عشرات الآلاف من القوات، ثم سحبتهم بعد ذلك وادعت أنها كانت مجرد مناورة.
ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان يتجول في الهند وباكستان ومن ثم يزور إيران.
يبدو أن روسيا تستعد لاكتساب النفوذ مع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، بينما تفكر الولايات المتحدة في إعادة الدخول في اتفاق نووي مع إيران.
كيف أصبحت روسيا حكماً في القضايا العالمية من أفغانستان إلى إيران، متفوقة على الولايات المتحدة على ما يبدو بينما تتخبط إدارة بايدن في سياسة الشرق الأوسط وحول العالم؟
يُعد الترحيب بوزير الخارجية الروسي بأذرع مفتوحة في جزء كبير من العالم، باستثناء عدد قليل من الدول الغربية، انعكاساً غير عادي لروسيا في العقود القليلة الماضية.
فقد نما نفوذها بسرعة ويأتي جزء كبير من هذا النفوذ من رهانها لإدخال نفسها بشكل متزايد في الحرب السورية.
إن استعراض روسيا للقوة على حدود أوكرانيا، حيث تحتل شبه جزيرة القرم ولها دور في منطقتين انفصاليتين صغيرتين، هو بالضبط نوع الدور الذي تريده روسيا، إنها تريد أن تُظهر أن مجرد تدريب عسكري يمكن أن يتسبب في أن يهرع حلف الناتو والولايات المتحدة والقوى الأوروبية لمحاولة درء غزو روسي.
يتناقض هذا بشكل صارخ مع أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عندما كانت هناك تساؤلات حول مدى جودة أداء روسيا ضد الانفصاليين في الشيشان، أو ما إذا كانت ستواجه جمهوريات سوفيتية سابقة مثل جورجيا، ففي عام 2008، خاضت روسيا وجورجيا الصغيرة حرباً انتصرت فيها روسيا وقد استخدم فلاديمير بوتين، الذي قاد روسيا على مدى عقدين من الزمن، ذلك الانتصار كمثال على فعالية جيش موسكو الحديث الجديد.
بالنسبة لموسكو، كانت نقطة التحول التالية هي سوريا، فكانت سوريا مختلفة لأنها لم تكن جزءاً من الاتحاد السوفيتي التاريخي، ومع ذلك، عندما هددت الحرب في سوريا بإسقاط حكومة بشار الأسد، الحليف الرئيسي لروسيا، كان وقتها لموسكو مواطنين في سوريا وأيضاً لديها نوايا للوصول إلى ميناء في طرطوس.
استفادت من ذلك في عام 2015 عندما تدخلت بالقوة الجوية والقوات الخاصة وصعدت روسيا فجأة إلى المسرح العالمي، وكان هذا جزئياً نتيجةً لنجاحها الملحوظ في سوريا.
اشتبكت موسكو مع أوكرانيا في عام 2015، وأرسلت مرتزقة أو متعاقدين عسكريين إلى وسط إفريقيا وليبيا، واتُهمت بالتدخل في الانتخابات الأمريكية في عام 2016، وسرعان ما كانت تجري محادثات مع الولايات المتحدة حول وقف إطلاق النار في جنوبي سوريا، والعمل مع إيران وتركيا لوقف "الصراع" السوري.
لقد استخدمت هذا "الصراع" لترك بصمتها على المستوى الدولي، واليوم من الواضح أن روسيا تعمل مع إيران وتركيا والصين لتحدي الولايات المتحدة، كما أنها تتحدى أوروبا ودول أخرى.
تأتي هذه الزيادة السريعة في النفوذ الروسي جنباً إلى جنب مع المبادرات الاقتصادية، فضلاً عن مبيعات الأسلحة مثل نظام الدفاع الجوي S-400 إلى تركيا، العضو في الناتو.
النفوذ الروسي الحقيقي يتجاوز تركيا وسوريا
فتحت موسكو أبواباً في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث استمع شركاء الولايات المتحدة التقليديون مثل مصر ودول الخليج وإسرائيل إلى روسيا، أو نظروا إليها بطرق لم يفعلوها قبل 10 سنوات.
كان "الصراع" السوري تحولاً بالنسبة لموسكو
لم تساعد روسيا في منع سقوط نظام الأسد فحسب، بل سرعان ما أصبحت وسيطاً للسلطة في سوريا، حيث عملت مع إيران وتركيا، على الرغم من أن القوات الأمريكية تلعب دوراً رئيسياً في ثلث سوريا، إلا أن روسيا همشت الولايات المتحدة بشكل أساسي.
يبدو أن روسيا ودول أخرى قد تدخل أفغانستان عندما تغادر الولايات المتحدة
زارت حركة طالبان موسكو في كانون الأول/ يناير، بعد أيام فقط من تولي إدارة بايدن السلطة، ويعد هذا انعكاساً كبيراً لدور موسكو د، التي تركت أفغانستان في الثمانينيات تحت سحابة من الفشل، بعد أن ساعدت الولايات المتحدة المتمردين الأفغان لمحاربة السوفييت.
إذا أرادت الولايات المتحدة والدول الغربية مواجهة روسيا بنجاح، فسوف تحتاج إلى فهم كيف استفادت موسكو من نموذجها السوري للتأثير وأصبحت وسيطاً قوياً في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجها.
المصدر: ذا هيل / ترجمة: نداء بوست