خاص- بيروت
يستعد النظام السوري لإجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس والعشرين من أيار/ مايو الجاري متجاهلاً الأزمات التي تعصف بمناطق سيطرته، والدمار والخراب الذي خلفته الحرب منذ العام 2011، ويبدو أن التحضيرات للانتخابات الرئاسية السورية تتصاعد وتيرتها في لبنان، حيث بدأت الأحزاب والمنظمات المؤيدة لرئيس النظام بشار الأسد باعتماد لغة الضغط والتهديد على اللاجئين السوريين الذين هربوا من براميل النظام المتفجرة ومواده الكيمائية القاتلة، من أجل دفعهم إلى التوجه للسفارة السورية في بيروت يوم العشرين من أيار المقبل للإدلاء بأصواتهم لصالح "الأسد".
و تحدث لاجئون سوريون في لبنان، عن تعرضهم لـ"ضغوط" من كيانات وشخصيات مؤيدة للنظام لإجبارهم على المشاركة في الانتخابات والتصويت لصالح بشار الأسد، ونقل موقع "أورينت تودي" عن نازحَيْن سوريَّيْن يقيمان في منطقة "المنية" شمال طرابلس، أنّ السوريين في المنطقة "استُدعوا بطريقة مخادعة إلى اجتماع عقد في مكتب محمد مطر، رجل الأعمال اللبناني المقرّب من نظام الأسد". وقد لجأ الداعون إلى الخداع، بإشاعة أنّ الاجتماع هدفه تقديم مساعدات "أمميّة"، فتجمّع 500 شخص أمام مكتب مطر في اليوم التالي، وحين تبيّن أنّ الدعوة مرتبطة بالانتخابات غادر معظمهم.
وفي منطقة البقاع أكد لاجئون سوريون، (طلبو عدم الكشف عن هويتيهم، خوفاً من ملاحقتهم) لموقع "نداء بوست"، "إن عدداً من الأشخاص أجروا جولات في مخيمات المنطقة وحذروا القائمين عليها من أن تجمعاتهم قد تكون مستهدفة من قبل العصابات ما لم يساعدوا في إقناع السكان بالتوجه للاجتماع والمشاركة بالانتخابات، والتصويت لصالح رئيس النظام بشار الأسد".
وقال أحد اللاجئين إن أحد الأشخاص هددم بالقول "إما أن يشاركوا في الانتخابات أو أن الأمور لن تسير على ما يرام معهم".
وقبلها بأيام أيضاً، نظّم عشرات الشبان في منطقة "جبل محسن" في شمال لبنان مسيرة تأييد للأسد، وداعمة لانتخابه، ورددوا شعارات عدة مؤيدة للأسد، وهو ما حصل في أكثر من قرية وبلدة بقاعية، منها "بدنايل" و"شمسطار".
وقالت الباحثة في مجال حقوق الإنسان في مركز "وصول" "مارييل حايك" في حديث خاص لـ"نداء بوست"، "إن المركز رصد ضغوطات على السوريين في المناطق التي فيها وجود للتيارات السياسية الحليفة للنظام السوري بشكل أساسي، خاصة في مناطق البقاع بعلبك الجنوب وبيروت"، وأشارت إلى "أن أهم أساليب الضغوطات تتمثل بشكل رئيسي بسحب الأوراق الثبوتية من اللاجئين وتهديدهم وتخويفهم بالاعتقال والترحيل إلى سوريا أو الإخلاء من المنطقة وأيضا إحراق المخيم في حال عدم الاستجابة معها"، وأضافت "الحايك" "أنه تم إنشاء مكاتب تسمى بـ"مكاتب ثورية" في بعض المناطق (كـ"حارة حريك وبرج البراجنة)، حيث يتم الاستعانة بأفراد لاستهداف اللاجئين في المنطقة والذهاب إلى منازلهم لتسجيل أسمائهم على قوائم الانتخابات بالقوة وتحت التهديد".
وتحدثت الحايك عن إشاعة يجري التداول بها بين اللاجئين خاصة في منطقة الهرمل أن أحد الأجهزة الأمنية يجبر اللاجئين على التسجيل في القوائم الانتخابية تحت تهديد ترحيلهم إلى بلادهم في حال الرفض، إلا أنها لم تؤكد المعلومة بل إنّها أشارت إلى أن الأجهزة الأمنية نفت هذه الشائعات المتداولة.
وأكدت "الحايك" أن هذه الضغوطات من شأنها التأثير على اللاجئين الذين معظمهم غير حائزين على إقامة قانونية ويتم استغلال تخوفهم من الاعتقال والترحيل على سوريا في ظل الظروف الأمنية والسياسية الحالية في لبنان، لاجبارهم على المشاركة في الانتخابات، في ظل سكوت وتجاهل تام من قبل السلطات اللبنانية التي من واجبها حماية هؤلاء اللاجئين، وفق قول "الحايك".
وتجدر الإشارة هنا إلى أن اللاجئين السوريين تعرضوا أيضاً في انتخابات عام 2014 إلى الكثير من الضغوطات والتهديدات لإجبارهم على الإدلاء بأصواتهم وهو ما شهدناه أمام السفارة السورية في منطقة اليزرة من زحمة وحشد من اللاجئين للمشاركة في الانتخابات، والتي رسمت العديد من علامات الاستفهام حولها في ذلك الوقت.
يسعى نظام الأسد للضغط على السوريين في دول اللجوء، في محاولة لإضفاء الشرعية على انتخاباته الرئاسية والترويج بأنها تحظى بتأييد اللاجئين، ويبدو أن لبنان سيشهد في الأيام المقبلة مزيدًا من التحركات الضاغطة على اللاجئين لانتخاب بشار الأسد، بالرغم من كل الضغوطات التي يتعرضون لها على كافة المستويات.