نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
توشّحت مواقع التواصل الاجتماعيّ على الصعيديْن الأردنيّ والفلسطينيّ بأسود الحزن وكلمات الوداع المكلوم، بعد رحيل الحقوقية الأردنية/ الفلسطينية أسمى خضر (1952-2021).
ومنذ رحيلها مساء أمس بعد مكابدة لم تَدُمْ طويلاً (سبعة أشهر فقط) مع سرطان البنكرياس، لم تتوقف على مختلف مواقع التواصل منشورات النعي والرثاء واستذكار ناشطة حقيقية على صعيد حقوق المرأة، وتعزيز فرص تحقيقها لوجودها، والتضامن مع قضاياها، ودعم مطالبها، وتبني مرافعة إنسانية حقوقية كبرى دفاعاً عن معنى وجودها.
وفي مقال له حمل في وكالة "عمّون" الإخبارية اليوم عنوان "أسمى خضر.. ترحل عن مرافعات لن تنتهي"، يقدم وزير الثقافة السابق د. صبري ربيحات، شهادة حق في الراحلة: "لا أعرف امرأة أردنية كرّست وقتها ومعرفتها وتخصصها القانوني ومهاراتها الحزبية والخطابية للدفاع عن المرأة وحقوقها، كما فعلت المحامية والناشطة والسياسية أسمى دعيبس خضر".
أما الفنانة التشكيلية ماجدة الحوراني أرملة الكاتب الراحل تيسير النجار الذي ترجّل بعد فترة وجيزة من الإفراج عنه من أحد سجون دبي حيث أمضى هناك 33 شهراً في زنزانة منفردة، فكتبت على صفحتها مع صورة للراحلة خضر: "أحزنني رحيل الأستاذة الكبيرة أسمى خضر".
الممثل والأكاديميّ المسرحيّ العراقيّ د. مظفر الطيب كتب على صفحته: "قلّه قليلة من الناس الذين يحملون همومهم وهموم الآخرين.. أسمى خضر.. تلك الإنسانة والمحامية والفنانة في الروح والمعنى حملت كل هموم الإنسانية. أسمى خضر في ذمة الله، رحمها الله وأسكنها فسيح جنانه".
الروائي الفلسطيني/ الأردني إبراهيم نصر الله كتب على صفحته الفيسبوكية مع صورة للراحلة خضر: "لا أُصدِّق موتكِ.. أُصدِّق حياتكِ.. أُصدِّق طريقك الطويل من أجل أن يكون عالمنا أجمل وأرحم..".
الفنان زهير النوباني كتب على صفحته مع صورة لها ووشاح سواد: "السيدة أسمى خضر إلى رحمة الله. أرجو الله أن يتغمدها برحمته ويسكنها فسيح جنانه وأصدق التعازي لأسرتها ومحبيها. تركت أثراً طيباً وجميلاً في الحياة وفي قلوب الناس. العزاء لنا جميعاً بالفقيدة الإنسانة الشريفة الوطنية النبيلة".
الروائية رائدة الطويل كتبت بلغة حزينة: "أسمى.. ناديني أسمى.. لأنها كانت تعلم أن الدفء والعطاء لا يحتاجان لألقاب تفتح لهما الأبواب كي يتدفقا.. رحلت بكامل سموّهما.. إلى التي لن تتكرر.. وداعاً". والطويل تشير في منشورها للألقاب التي حازتها خضر خلال حياتها؛ فهي وزيرة ثقافة لمرّتين: 2003 و2005. وقبل ذلك وزيرة إعلام وناطقة باسم الحكومة الأردنية. كما أنها عين من أعيان مجلس الأمة الأردني. وحتى رحيلها كانت خضر رئيسة "معهد تضامن النساء" الذي أسسته وحرصت على تحقيق معناه وإيصاله رسالته، واستنّت ضمن نشاطاته فعالية كل أربعاء، لم تقتصر على المرأة، بل شملت هذه الفعالية أمسيات شعرية وأدبية ومسرحية وشهادات إبداعية واستضاف المعهد ضمن نشاطاته حكواتية شعبيين وناشطات وناشطين وحقوقيات وحقوقيين، وشكّل جهد المعهد ومنجزه وحراكه ونشاطاته علامة فارقة في الساحة الثقافية والحقوقية الأردنية.
ولدت خضر عام 1952 في قرية "الزبابدة" قضاء مدينة "جنين" في فلسطين. في عام 1974 درست الحقوق في جامعة دمشق، ثم ترأست لجنة المرأة في اتحاد المحامين العرب ثم اتحاد المرأة في الأردن. وفي عام 1990 شاركت في وضع "الميثاق الوطني" الذي عُدّ منعطفاً أساسياً في التاريخ الأردني الحديث. وفي عام 2003 عُينت وزيرة للثقافة في الحكومة الأردنية ثم أصبحت الأمينة العامة لـ "اللجنة الوطنية لشؤون المرأة" في الأردن. نالت في عام 1990، من منظمة مراقبة حقوق الإنسان، جائزة الشرف عن دورها في الدفاع عن حقوق الإنسان. وفي العام 1991، نالت وسام الاستقلال الأردني من الدرجة الأولى عن دورها في صياغة الميثاق الوطني الأردني. وفي العام 2003، نالت جائزة الأمم المتحدة الدولية لمجابهة الفقر وعن إنجازاتها في مجال تحقيق أهداف التنمية للألفية.
يُذكر أن خضر المنحدرة من عائلة مسيحية فلسطينية، لم تكن تتقاضى أجوراً في القضايا العمّالية، وكانت تترافع وزملاؤها في مكتبها مجاناً في قضايا المطالبة بعودة عامل أو موظف مفصول إلى عمله، أو لنيل أي حق من حقوق الطبقة العاملة. كما أن مكتب المحاماة الخاص بها، شكّل مدرسة حقيقية لعشرات المحامين الكبار والشباب، وظلّ حتى رحيلها خلية نحل لا تكل ولا تمل دفاعاً عن المظلومين والباحثين عن الأمل. وهي من قلة قليلة، وهذه شهادة حق شخصية منّي، لم تغيرها المناصب، ولم تسجّل عليها خلال عملها وزيرة للإعلام وناطقة رسمية للدولة الأردنية، خروقات في ملف حقوق الإنسان، وهو الملف الذي جرى خرقه مئات المرّات بعد تركها العمل الحكومي وراء ظهرها.