مترجم – نداء بوست
نشرت مجلة ذا ديبلومات اليابانية التي تركّز على شؤون منطقة قارة آسيا والمحيط الهادئ تحليلاً يبيّن أنه قد يكون النظام السوري حريصاً على السعي للحصول على أموال صينية لإعادة البناء، لكن الاهتمام من بكين والشركات الصينية سيتّسم بالحذر.
وقالت المجلة إنه في الأسبوع الماضي، تمّ إعادة انتخاب بشار الأسد بنسبة 95% من الأصوات، وكان حريصاً على تصوير الاستطلاع على أنه مؤشر على عودة البلاد إلى الحياة الطبيعية بعد عقد من الفوضى والحرب.
هذا مهم إذا كان يريد جذب الاستثمار الخارجي من أجل إعادة بناء البلاد.
بالتأكيد، منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عام 2014، استعاد الأسد السيطرة على جزء كبير من البلاد، وكما يتضح من الحقيقة التي يدّعيها أن عدد الناخبين المسجلين قد ارتفع من 15.8 إلى 18.1 مليون مع عدم مشاركة أجزاء من البلاد، بما في ذلك منطقة "الإدارة الذاتية" في الشمال الشرقي، ومحافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة.
وأكدت المجلة اليابانية أن "انتصار" الأسد قوبل بتشكك في الدول الغربية، حيث شارك المسؤولون الغربيون، المعارضة السورية في الرأي القائل بأن الانتخابات لم تكن حرة ولا نزيهة، لكن في المقابل أيد حلفاء الأسد الروس والإيرانيون النتيجة وتبعتهم في ذلك كل من بيلاروسيا والصين.
وعن طموحات الأسد قالت المجلة اليابانية إنه سيكون التأييد الصيني موضع ترحيب خاص للأسد، لأنه يتطلع إلى الاستفادة منه في شكل أكثر واقعية من المساعدة، ففي السابق قام بتضخيم العلاقة الصينية السورية كطريقة لإثبات أنه ليس معزولاً دبلوماسياً وأن لديه عدداً من الشركاء المحتملين لدعم جهود إعادة الإعمار.
وعن أطماعه، أضاف كتّاب المقال بأن الوصول إلى رأس المال الخارجي يعتبر أمراً حيوياً لإعادة إعمار سوريا، لأنه من غير المرجح أن تكون المصادر المحلية كافية، ففي عام 2017 قدّر البنك الدولي أن الاقتصاد السوري تقلص بمقدار 226 مليار دولار بين بداية الثورة في عامي 2011 و2016 – أي ضعف إجمالي الناتج المحلي للبلاد، وبعد ذلك بعام، ارتفع هذا التقدير أكثر إلى 350 – 400 مليار دولار.
وأكد المقال أن هذه الأرقام فلكية كما أنها تقزم المساعدة الحالية والمستمرة من روسيا وإيران لدعم النظام طوال الحرب، وتشير أعلى التقديرات إلى أن المساعدة الروسية والإيرانية تبلغ 7 مليارات دولار و 23 مليار دولار على التوالي، وحتى لو تمت مطابقة هذه الأرقام في فترة ما بعد الحرب، فلن تقترب من المبلغ المطلوب.
لهذا السبب، أصبحت الصين اقتراحاً أكثر جاذبية للبعض في دمشق، خاصة وأن الأشكال الأخرى من رأس المال الأجنبي، بما في ذلك من الغرب، من المرجح أن تظل غير متوفرة طالما بقي الأسد في السلطة.
في الواقع، أعرب الأسد بالفعل عن اهتمامه بالانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، في حين حاول مسؤولوه جذب الاستثمارات الصينية في مجموعة من المشاريع، بما في ذلك بناء طريق سريع بين الشمال والجنوب الشرقي، وإعادة تطوير موانئ اللاذقية وطرطوس، وإنشاء سكك حديدية، أحدهما في منطقة دمشق والآخر يتصل بميناء طرابلس اللبناني.
ومع ذلك، سيكون من الخطأ افتراض أن الاستثمار من قبل الشركات الصينية الحكومية والخاصة يمكن أن يقدم أكثر بكثير مما تقدمه الشركات الروسية أو الإيرانية، فقد كانت التجارة والاستثمار بين الصين وسوريا متواضعتين بشكل نموذجي، حتى قبل عام 2011.
ومنذ ذلك الحين لم تشهد نمواً كبيراً أيضاً، ففي عام 2015، أعربت هواوي عن اهتمامها بإعادة بناء نظام الاتصالات في سوريا، وفي عام 2017، تعهدت الصين بملياري دولار للمساعدة في تطوير البنية التحتية والمجمعات الصناعية.
هذه الأرقام تضاف إلى 60 مليون دولار قدمتها الصين في أشكال مختلفة من المساعدات الإنسانية خلال الحرب.
وقالت المجلة إنه يجب أيضاً تحديد المستوى المحدود للاستثمار الصيني في سوريا في هذا السياق، إذ يقع الجزء الأكبر من النشاط التجاري الصيني في أماكن أخرى من الشرق الأوسط، وخاصة في الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة، وشمال إفريقيا مصر والجزائر على وجه الخصوص.
علاوة على ذلك، ربما تكون الالتزامات المالية الصينية في المنطقة قد بلغت ذروتها بالفعل، وفقاً لمعهد أمريكان إنتربرايز، الذي يراقب رأس المال الصيني في جميع أنحاء العالم ، انخفضت الاستثمارات في الشرق الأوسط منذ عام 2018 – العام الذي تعهد فيه الرئيس شي جين بينغ بتقديم قروض بقيمة 23 مليار دولار للمنطقة ككل في منتدى التعاون الصيني العربي.
وقال كتّاب المقال إنه حتى لو ركز المستثمرون والشركات الصينية أكثر على سوريا، فهناك العديد من العقبات الأخرى التي سيحتاجون لمواجهتها والتي قام الباحثون أنفسهم بدراستها في المقالات الأخيرة للموضوع، ويرتبط العديد من المخاطر بمثل هذه الاستثمارات حيث أن أحدها يتمثل بأنه على الرغم من أن الحرب قد تقترب من نهايتها في سوريا، إلا أنها لا تعني نهاية الصراع، لا تزال أجزاء كبيرة من البلاد خارج سيطرة الأسد ولا تزال القوات الأجنبية على الأراضي السورية، بما في ذلك القوات التركية والأمريكية، قد يشعر المستثمرون الصينيون بالقلق من استمرار التقلبات.
الخطر الآخر هو التأثير الذي قد يكون للعقوبات الدولية، فسوريا تخضع لمجموعة واسعة من العقوبات وقد أبدت الولايات المتحدة استعدادها لفرضها وقد حفز ذلك بعض المؤسسات المالية على تجنب التورط في البلاد، بما في ذلك بعض بنوك هونغ كونغ التي تخشى إدراجها في القائمة السوداء نتيجة لذلك.
وتشير المجلة إلى أنه التحدي الثالث هو أن رأس المال والشركات الصينية قد تنشغل بألعاب خارجة عن إرادتها، فلقد أظهر الأسد أنه مستعد لاستغلال أي فرص متاحة له، بما في ذلك ملاعبة شركائه ضد بعضهم البعض، فقد تنافس كل من المسؤولين والشركات الروسية والإيرانية لكسب أذن النظام من أجل الحصول على عقود مربحة لأنفسهم و قد يسعى الأسد إلى فعل الشيء نفسه مع الشركات الصينية، لن يتسبب ذلك فقط في إشكالية بالنسبة لهم، حيث يتعين عليهم التنقل بين المصالح السورية والروسية والإيرانية، ولكن بسبب مشاركتهم المحدودة سابقًا في البلاد، سيكون لديهم أيضًا عيب يتمثل في كونهم أقل دراية بالتضاريس المحلية.