نداء بوست-أسامة خميسي
بعد ثورة سبتمبر خرجت مظاهرات في بعض المناطق اليمنية كانت تنادي بلاهاشمية بعد اليوم، وتشكَّل وعي لدى فئات عديدة من الشعب اليمني بضرورة القضاء على الفكر السلالي الهاشمي كونه تسبَّب بحروب أهلكت الحرث والنسل لعقود طويلة، ولم تشهد اليمن عشرين عاماً متتابعة سلمت فيها من حروب كان أحد أطرافها في العديد منها هي الهاشمية السياسية والفكر الإمامي السلالي إلا أن الوعي الذي تشكَّل كان وعياً مرحلياً سطحياً سُرْعان ما تلاشى وعادت الإمامة من جديد تحت مسميات أخرى مستغلين رغبة الثوار في وَأْد الفتنة وبناء اليمن الجمهوري الذي يضم تحت رايته كل اليمنيين، فلم يهتم الثوار بالقضاء على الفكر السلالي وإنما اهتموا بالقضاء على ممثلي الفكر السلالي في الدولة، ويظهر ذلك من خلال الحرص الشديد من قِبل الثوار على عدم عودة بيت حميد الدين بينما سمحوا لبقية رموز الفكر السلالي بالعودة إلى اليمن وتقاسُم السلطة لإيقاف الحرب آنذاك، واستغل الإماميون ذلك فتسللوا إلى أهم المؤسسات التي بإمكانها أن تصنع وعياً لدى الأجيال القادمة فعمدوا إلى تغييب ثورة 48م و62م ورموزها عن المناهج الدراسية مستغلين غفلة النخب آنذاك بالإضافة إلى العاطفة الدينية وحب آل البيت الذي امتلأت به كتب التراث.
إلا أن الأمر يبدو مختلفاً في الوقت الحاضر ويبدو ذلك جلياً من خلال الحراك الفكري المتمثل بظهور رجال دين بدؤوا بتخليص التراث مما علق به من الأفكار العنصرية وبروز العديد من البرامج المتلفزة والنقاشات الشبابية في مواقع التواصل الاجتماعي التي تميط الستار وتكشف خطورة هذا الفكر وما تسبَّب به من مَآسٍ طيلة القرون الماضية، وبرزت أيضاً ثقافة الاعتزاز بالهُوِيَّة اليمنية كمظلة جامعة لكل مَن يعيش تحت سماء اليمن، ومؤخراً توسع الحراك الفكري وظهرت مسلسلات كرتونية تستهدف الأطفال وتسعى للتعريف بالرموز اليمنية التي لطالما سعى الإماميون إلى إخفائها وإبراز رموز الهاشمية السلالية، وكأن تاريخ اليمن خالٍ من سواهم.
كل ما سبق من الحراك الذي يسعى لتعريف الجيل الحاضر والأجيال القادمة بالحضارات اليمنية المتجذرة في أعماق التاريخ، وفي المقابل تعريف الناس أيضاً بفترات الانحطاط التي عاشها اليمن في ظل حكم الهاشمية السلالية يدفع اليمنيين للقضاء على فكرة الإمامة والحق الإلهي المزعوم، وتقديس الانتساب لليمن وحضارته والسعي إلى العودة باليمن إلى سابق عهده وطيّ فترة الهاشمية السلالية ما يجعل اليمنيين يعيشون في القرون القادمة بعيداً عن الصراع الذي تسببت به هذه السلالة طِيلة عقود ماضية.