نداء بوست-جورجيوس علوش-السويداء
تزخر محافظة السويداء بعدد كبير من الكتابات والنقوش الأثرية القديمة المنتشرة في العديد من المواقع التي تعكس غنى المنطقة الحضاري الممتد في عمق التاريخ وهذه الكتابات توثق النشاط البشري في مختلف مناحي الحياة.
وتعود تلك الكتابات والنقوش المكتشفة إلى الفترات الآرامية والنبطية واليونانية واللاتينية والصفائية والعربية الإسلامية، وقد اكتسبت أهمية لتدوينها حضارة المنطقة وتوثيقها التاريخي للأحداث والآثار المادية فيها.
ويقول الدكتور نشأت كيوان: إن “تلك الكتابات القديمة تتنوع بين جنائزية وتكريسية لغايات معينة تتعلق بالآلهة والعبادات وكذلك نقوش وتضرعات مسيحية وتكريسات على شرف الأباطرة والحُكّام وبعضها الآخر كتابة فخرية متنوعة لشخصيات مهمة آنذاك، وكذلك كتابات صفائية تدل على حياة القبائل التي عاشت في هذه المنطقة وآلهتهم و عباداتهم بالإضافة لنقوش تتعلق بالحياة الاقتصادية في جبل العرب”.
ومن النقوش المهمة المكتشفة النقوش العربية الإسلامية في صلخد والسويداء المدينة وفي عدد من القرى، وهي تدل على تأسيس مرافق عامة “الجوامع البرك وغيرها”.
وتلك الكتابات والنقوش حازت على اهتمام العديد من الباحثين والعلماء الذين زاروا المنطقة منذ بداية القرن التاسع عشر، ويعتبر العالم الألماني “سيتزن” أول مَن زار المنطقة وجمع المئات من النقوش اليونانية واللاتينية، وكذلك العالم “بوركهارت” الذي نسخ عدداً من النقوش اليونانية عندما زار المنطقة عام 1812م ، وقد كثرت أعمال البعثات التنقيبية للعديد من العلماء والباحثين بالنقوش القديمة في حوران عموماً وجبل العرب خصوصاً.
وكان من علماء اللغات “فيتزيستين” قنصل بروسيا في دمشق “ويد نغتون” وقد زار المنطقة برفقة الباحث “الكونت دوفوغيه” وقام بنشر أول مجموعة من الكتابات اليونانية واللاتينية في سورية 1870م.
ولا ننسى الباحث الفرنسي “موريس سارتر” الذي يُعَدّ من أكثر من كتب حول النقوش اليونانية واللاتينية في منطقة حوران في القرن العشرين.
وكان لكل من العلماء (برونو – ودوموماسيسكي – وليتمان -ودوسو- وماكلر) دور كبير في دراسة النقوش الصفائية في منطقة تلول الصفا، وقد قام العلماء بدراسة أكثر من 220 نقشاً من الكتابات والنقوش النبطية في حوران وجبل العرب، وعُثر عليها في مناطق متعددة من المحافظة كموقع سيع ومدينة السويداء وصلخد وقرية أمتان وصما البردان.
وقد نسخ الرحالة الإنجليزي “جراهام” العديد من النقوش والكتابات الصفائية في منطقة الحرة الواقعة شمال شرق جبل العرب، وهي تدعى الصفا حيث جرى توثيق أكثر من 1300 نقش صفائي.
كما نشر العالم ليتمان من جامعة “برنستون” أكثر من 1500 نص صفائي، وبين عامَيْ 1950 و 1951 قام العالم البريطاني هاردبنغ بتدوين الكتابات كاملة، وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي أُرسلت بعثة برئاسة العالِم ماكدونالد مع باحثين سوريين وجمعوا آلاف الكتابات الصفائية.