“نداء بوست” – الحسكة – عبد الله العمري
شهدت زراعة القطن تراجعاً كبيراً، في سورية بشكل عام وفي “الجزيرة السورية” بشكل خاص، خلال السنوات الماضية من حيث كمية الإنتاج والمساحات المزروعة.
وتسبب ذلك التراجع بانخفاض إنتاج البلاد من المحصول إلى أقل من مئة ألف طنّ خلال سِنِي الحرب، بعد أن كان يصل لحوالَيْ مليون طنّ (نصفه من إنتاج محافظة الحسكة) وَفْق ما تفيد نشرات سابقة صادرة عن وسائل إعلام النظام.
وانخفض إنتاج الهكتار الواحد منه إلى أقل من 50 كغ، بسبب إصابة المزروعات منه بنوع من الديدان التي تصيب جوزة القطن، فيما كان إنتاج الهكتار يصل لأكثر من 400 كغ في الأعوام السابقة، مما كبّد الفلاحين خسائر كبيرة.
وتعتبر زراعة القطن من أهمّ الزراعات التي تساهم بدور كبير في الحركة الاقتصادية في منطقة الجزيرة، حيث إن مساحات شاسعة كانت تُزرع بالمحصول الذي كان يدرّ نسبة تصل إلى 20 بالمئة من دَخْل الأُسَر، بحسب بعض الإحصائيات الاقتصادية.
لكن هذه الزراعة تراجعت في المنطقة كما في باقي مناطق البلاد ويواجه الفلاحون في محافظة الحسكة، مصاعب كثير في زراعة القطن أولها الأمنية، والمعارك التي تدور بين الحين والآخر على مساحات شاسعة من مناطق زراعته، بالإضافة لهجرة الأيدي العاملة إلى خارج البلاد.
ويعزو الفلاحون أيضاً أسباب عزوفهم عن زراعة القطن إلى ارتفاع تكاليفها وغلاء مستلزمات الإنتاج من البذور والأسمدة وغيرها، وكذلك انتشار الإصابة بدودة الجوز والتي تعدّ من أكبر المشاكل التي تهدد زراعة القطن بالإضافة إلى صعوبات أخرى كانخفاض التسعيرة وصعوبة تصريف الإنتاج وغيرها.
وبعد أن سيطرت فصائل الجيش الوطني السوري والجيش التركي على مدينتَيْ تلّ أبيض ورأس العين، ضِمن عمليّة نبع السلام التي نفّذتها ضدّ “قسد” وطردتها من المنطقة، وسيطرت بعدها على مساحات واسعة من الأراضي الزراعيّة الخصبة الصالحة لزراعة المحصول، ازداد الوضع سوءاً خصوصاً بعد تعمد “قسد” قطع التيار الكهربائي عن المنطقة بشكل مستمر حيث إن بعض الفلاحين يملكون آباراً تعمل بالطاقة الكهربائية بالإضافة لمنعها وصول المحروقات من مناطق سيطرتها إلى مناطق الجيش الوطني إلا عن طريق التهريب مما يزيد من ثمنها إلى الضعف وبالتالي ازدياد التكاليف.
وقد حاول بعض الأهالي الاتجاه نحو تركيب ألواح الطاقة الشمسية، ولكن هذه الطريقة لم تنجح أيضاً كونها مكلفة جداً،
ووعد المجلس المحلي في رأس العين، الذي تسلَّم عمله في المدينة منذ أيام، بإدخال شركات خاصة للقيام بتركيب ألواح الطاقة الشمسية لأهالي المنطقة وبالتقسيط المريح وإلى الآن لم يتم البدء بهذا المشروع.
ويعتبر محصول القطن من أكثر المحاصيل، التي تحتاج لجهد كبير وعمل مستمر على مدى ستة أشهر على الأقل، حيث تبدأ زراعة القطن من شهر نيسان/ إبريل وتستمر حتى شهر تشرين الأول/ أكتوبر، من كل عام.
ويبدأ العمل بفلاحة وتجهيز الأرض للزراعة، ومن ثم تعزيق الأرض لتنظيفها من الأعشاب الضارة، ثم التسميد والتفريد، مع سقايات مستمرة ومنتظمة، تحتاج لمراقبة دقيقة، إلى أن يحين موعد القطاف في بداية شهر أيلول/ سبتمبر، وجميعها عمليات مكلفة، لحاجتها لعدد كبير من العمال وكميات كبيرة من المحروقات خاصة في ظل الظروف الراهنة في البلاد.
وكانت سورية قد احتلت سابقاً المرتبة الثانية عالمياً في إنتاج القطن من حيث وحدة المساحة، كما احتلت المرتبة الثالثة آسيوياً في إنتاج القطن العضوي.