نداء بوست- السويداء- جورجيوس علوش
تشهد الكثير من مضافات السويداء غياب القهوة المرة، العادة التي لطالما كانت من البديهيات التي كبر وتربى أبناء المحافظة على طعمها ورائحتها في بيوتهم ومضافاتهم.
دفع تردي الوضع المعيشي وشح الغاز وغلاء الأسعار، الكثيرين من أبناء المحافظة إلى اقتصار هذه العادة على المناسبات، كالأفراح والمآتم والاجتماعات العائلية.
أحد سكان المدينة يقول إنه بات عاجزاً عن تقديم القهوة كونه يحتاج لما يقارب 150 ألف ليرة سورية شهرياً ثمن القهوة والهال وراتبه لا يسمح بذلك.
ويشير إلى أنه منذ أن كان صغيراً اعتاد على رؤية والده يقدم القهوة بشكل يومي لكل الضيوف حتى للمارة والباعة المتجولين، وطوال العقود الماضية لم تنقطع هذه العادة عند الجميع.
ووصل سعر الكيلو غرام الواحد من القهوة المطحونة إلى 45 ألف ليرة سورية والكيلو غرام من الهال 250 ألف ليرة سورية، بينما كان في العام الماضي أقل من نصف هذا المبلغ، في حين تصل أسعار أنواع القهوة المميزة إلى نحو 100 ألف ليرة سورية.
ويعد تقديم القهوة العربية أو المُسمّاة محلياً “القهوة المرة” من العادات والتراث القديم وأهم ما يقدم للضيف في مضافات السويداء، ومع مرور الزمن اعتبرت رمزاً للكرم ودلالة على الترحيب بالضيف وإكرامه في البيت الذي يقصده.
وللقهوة أصول في طبخها وضيافتها وطرق تقديمها، حيث يذكر أحد المهتمين بالتاريخ في السويداء أن سكان الجبل الذين قطنوه منذ منتصف القرن الثامن عشر اكتسبوا هذه العادة من العشائر البدوية كونهم عشيرة من تلك العشائر، وأضافوا لها الكثير من الأدبيات.
ويقول أحد الأهالي إن “الوضع الإقتصادي السيئ سرق القهوة من مضافاتنا وأطاح بأجمل عاداتنا وتقاليدنا، فقد كانت القهوة المرة عاملاً مهماً لصلة الرحم وهذه أيضاً فقدت، ففي ظل تدني قيمة الرواتب الحكومية وغلاء الأسعار أصبحنا غير قادرين على تحمل تكاليف الحياة فكيف ضيافة القهوة المرة التي تحتاج لتحميص وطحن وطبخ وإضافة الهال لها، وأشياء خاصة توضع بها وتسخين وطبخ يومي يتطلب أسطوانة أو اثنتين من الغاز شهرياً وهذا من غير الممكن لعدم توفر المادة المقننة وغلائها في السوق السوداء”.