نداء بوست – بيروت – ريحانة نجم
يودّع اللبنانيون العام الحالي، عام النكبات والتعطيل والفراغ، بمزيد من الأزمات والانهيارات، وتصدّر الصعود الصاعق لسعر صرف الدولار الأمريكي المشهد اللبناني وأحاديث المواطنين اللبنانيين، مع تخوفهم وترقبهم لارتفاع الأسعار، وزحف أصحاب المحلات لإعادة التسعير وفق السعر الجديد للدولار في كافة مجالات ومستلزمات الحياة، في الوقت الذي تغيب فيه المعالجات المطلوبة لدى الجهات المعنية.
الخبير المالي والاقتصادي الأستاذ وارف قميحة اعتبر أن لبنان اليوم أمام انهيار للعملة الوطنية لا مثيل له في تاريخ الجمهورية اللبناني حيث بلغ 1867% على أساس معدل سعر الصرف الرسمي (1500) ونسبة 350% على أساس سعر الصرف المحدد من مصرف لبنان بـ 8000 ليرة.
وفي حديث لـ"نداء بوست" قال قميحة: إنّ الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة اللبنانية له عدة أسباب، أبرزها انسداد الأفق السياسي في لبنان، إضافة إلى الأزمة الأقتصادية التي حتى الآن لا يبدو أنّ لها أي ضوء أو خطط واضحة من المعنيين لمعالجتها، أضف إلى ذلك تعطيل انعقاد جلسات مجلس الوزراء وربطها ببعض الملفات الخلافية، كما تحدّث قميحة عن أسباب خارجية لهذا الارتفاع تتمثل بتدهور علاقات لبنان مع الدول الخليجية من ناحية، والاستياء الفرنسي من المسؤولين اللبنانيين من ناحية أخرى.
وأضاف الخبير المالي أنّ موضوع العرض والطلب على الدولار والمضاربة في ظل غياب كامل للسلطة للحد من هذا الأمر، يلعب دوراً أساسياً في هذا الارتفاع، خاصة بعد قرار مصرف لبنان الذي أجبر بموجبه الشركات المستوردة للمحروقات على تأمين ١٥% من سعر المحروقات بالدولار، وبالتالي لجوء هؤلاء التجار لما يعرف بـ"السوق السوداء" لتأمين الدولار، ودفع فرق المبلغ الذي يقوم مصرف لبنان بتأمينه لهم على سعر المنصة.
وأوضح قميحة أنّ المسار الحالي داخلياً وخارجياً، والتصعيد الحاصل في الملفات السياسية المحلية والقضايا الإقليمية، كلها ستؤثر سلباً على سعر صرف الدولار أمام الليرة خاصة في ظل غياب أي خطة واضحة من الحكومة، وأكّد عدم قدرة الحكومة والمسؤولين في هذه الحالة على لجم سعر الدولار ووضع سقف لارتفاعه.
وعن تأثير هذا الارتفاع على القطاعات التجارية، قال الخبير المالي: إن هذه القطاعات تتأثر بشكل مباشر بسعر الدولار، وبالتالي تنعكس سلباً على المواطن اللبناني الذي يتحمل العبء الأكبر في ظل غياب قدرته الشرائية وانخفاض قيمة العملة، خاصة أنّ معظم رواتب العاملين سواء في القطاع الخاص أو العام بالليرة اللبنانية، وبالتالي انخفضت قيمته الشرائية، وهو ما يؤدي إلى مزيد من الإفقار.
وحول المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أشار قميحة إلى أنّ كل ما يحكى عن تقدم في المفاوضات هو بمثابة "قنابل دخانية للاستهلاك الداخلي" وبالعامية "ما بطعمي خبز"، موضحاً أنّ زيارة وفد الصندوق الأخيرة كانت بروتوكولية.
وقال: "إنّ الحديث عن البدء بالإصلاحات غير صحيح، إذ لا يمكن تحقيق أي إصلاح في ظل غياب العمل الحكومي"، مؤكداً أنّ غياب الحكومة وغياب خطة عملها يؤثران سلباً على موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى عدم وجود أي أفق للحل على الصعيدين السياسي والمالي والاقتصادي.
وحول موضوع رفع منصة سعر الدولار في المصارف إلى سعر ثمانية آلاف ليرة، رأى الخبير المالي أنّ هذا القرار أدى إلى رفع الدولار في السوق السوداء إلى ثمانية وعشرين ألفاً، وبالتالي أثّر سلباً على الموطن اللبناني.
وختم قميحة حديثه مع موقعنا بالتأكيد على أنّ لبنان اليوم أمام أزمة حقيقية يتحمل مسؤوليتها النظام الطائفي والمذهبي والمحاصصة الطائفية المسيطرة على البلد في ظل وجود نظام اقتصادي مختل ونظام مصرفي ريعي، وقال: "لا أمل بالإصلاح في البلد إلا بإعادة النظر بالنظام اللبناني القائم على المحاصصة الطائفية والمذهبية في لبنان".