نداء بوست- اللاذقية – سليمان سباعي
انتشرت خلال الفترة الماضية ظاهرة جديدة ضِمن المدن والمناطق الساحلية الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري، والتي تُعتبر الحاضنة الشعبية له، تمثلت بإقدام عدد من الفتيات اللواتي لم يتخطَّ متوسط أعمارهن العشرين عاماً على الانتحار، الأمر الذي أثار حالة من الذعر بين الأهالي.
مُراسل "نداء بوست" نقل عن المُعلّمة "ن، ر" من حي "الصليبة" وسط محافظة اللاذقية قولها: إن المدينة سجّلت ارتفاعاً بعدد حالات الانتحار التي بلغت عشر حالات خلال عام 2021 الحالي، وذلك بسبب مقتل زوج أو خطيب الفتاة المنتحرة خلال المعارك التي تشهدها البلاد، أو بسبب الهجرة التي باتت حُلْماً يراود الغالبية من الشباب.
وأضافت المُعلّمة "ن" التي أخفت اسمها لضرورات أمنية أن آخِر حادثة شهدتها مدينة اللاذقية كانت في حي "قنينص" عندما فُوجئت أخت الفتاة القاصر "رشا جمال الدين" ذات السادسة عشرة من عمرها بانتحارها شنقاً داخل منزلها الذي تسكنه مع أخيها "غسان" البالغ من العمر أربعة عشر عاماً لأسباب مجهولة، مضيفةً بأن والدة رشا تقيم في لبنان منذ أن تُوفي والدها الذي اعتُقل في عام 2017 على أيدي المخابرات بعد تورُّطه بعملية سلب أحد محلات الصاغة في مدينة "جبلة".
إلى ذلك تباينت ردود الأفعال بين أهالي المدينة حيث ذهب البعض إلى أنه من المَعيب خلال القرن الواحد والعشرين أن تشهد مدينة حضارية، وشعب مثقف مثل هذه الجنح التي تتسبب بانحراف المجتمع عن قِيمه ومبادئه التي تربَّى عليها، فيما قال آخرون: إن ظروف الحياة، ومصاعبها، وانتشار الفقر، هو ما يدفع الفتيات للانتحار بعد أن تفشت بين أفراد المجتمع عادات لم نكن نألفها من قبل.
وفي سياق متّصل، قالت المعلمة في معرض حديثها: إن شوارع مدينة اللاذقية تكاد تخلو من وجود الشباب، إلا ما ندر من أبناء العائلات المقتدرة مالياً، أو أولئك المقربين من بعض الشخصيات الحكومية الذين تمكنوا من الالتفاف على القرارات التي تُوجِب التحاق أبنائهم بالخدمة الإلزامية، بالوقت الذي تغصّ به الشوارع بعناصر الأمن، والدوريات الذين يتذرعون بأن انتشارهم يهدف لحماية المنشآت، والمرافق العامة والخاصة، في حين أنهم يعملون على مضايقة الفتيات بشكل خاصّ دون أن يتجرأ أحد على محاسبتهم أو تقديم شكوى على أقل تقدير للجهة الأمنية المسؤولة عنهم.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور زاهر حجو رئيس الطبابة الشرعية التابعة للنظام أعلن في وقت سابق عن ارتفاع نسبة الانتحار بين المدنيين، حيث تم تسجيل 116 حالة انتحار منذ منتصف العام 2020 الماضي حتى الآن، ونسبة 70% من تلك الحالات سُجِّلت في مدن الساحل السوري.