نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
ينشغل الشارع الأردني هذه الأيام بقضيتين جدليتين هما: إلغاء وزارة العمل ونقل مهامها وأدوارها لعدد من الوزارات المعنية، وقضية علاوة الـ 200 دينار التي يجري تداولها بين الناس وفي وسائل الإعلام المحلية المختلفة، أن النواب أقروها لأنفسهم تحت بند علاوة محروقات، بعد الارتفاع المتواصل لعدة أشهر في أسعار البنزين بنوعيْه في الأردن، إلى درجة أن بنزين أوكتاف 90 وصل إلى ما يقترب من 20 ديناراً للتنكة، أي حوالي دينار للتر الواحد.
وكان وزير التخطيط والتعاون الدولي في الأردن ناصر الشريدة، قد أعلن قبل أيام عن خارطة طريق تحديث القطاع العام التي ستمتد، بحسبه، حتى العام 2033.
وفي سياق هذا التحديث، أعلن الشريدة عن إلغاء وزارة العمل، ودمج وزارتي الثقافة والشباب في وزارة واحدة، وعن إنشاء وزارة معنية بتوفير خدمات البنية التحتية من خلال دمج وزارتي النقل والأشغال العامة والإسكان تحت مسمى وزارة خدمات البنية التحتية، وإنشاء وزارة للتواصل الحكومي لتوحيد الخطاب الحكومي.
وبحسب الشريدة سيتم، إلى ذلك، دمج وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي ومؤسسة التدريب المهني تحت مسمّى وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية.
وبيّن أنه سيتم تحويل المجلس الصحي العالي إلى هيئة رقابية تنظيمية للخدمات المقدمة في القطاع العام، كما سيتم نقل مهام دور الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة من وزارة التنمية الاجتماعية إلى وزارة الصحة.
وأشار إلى أن الحكومة ستشكل لجنة وزارية للإشراف على تنفيذ خطة تحديث القطاع العام.
وقال الشريدة إن العمل جار على “إنشاء سجل موحّد لتسجيل المنشآت التجارية وإدارته من خلال دائرة مراقبة الشركات”.
وكشف أن المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية ستكون مسؤولة عن المنشآت المتوسطة والصغيرة والريادية، وأن العمل على قدم وساق لإنشاء مركز إحصائي وطني بديل لدائرة الإحصاءات العامة لتوفير البيانات ورسم السياسات الحكومية واستشراف المستقبل.
قرار الألغاء والدمج أثار ردود فعل متباينة، فمن جهته قال الخبير في قضايا العمل والعمال هيثم الخصاونة، إن قرار إلغاء وزارة العمل ونقل صلاحياتها إلى وزارات أخرى، “قرار غريب وغير مدروس ويشهد استهجاناً”.
واعتبر أن قرار إلغاء وزارة العمل تفتيت لمهامها، وضربة قوية لسوق العمل، وتحديداً ما يتعلق بهذا الجانب بالعمال كونهم “الطرف الأضعف”.
وتضم وزارة العمل الأردنية 19 مديرية ووحدة في مركز الوزارة، و19 مديرية في الميدان في جميع المحافظات، إضافة إلى 12 مكتب عمل شبيه بالمديريات، فيما يبلغ عدد الموظفين والعاملين فيها 701.
رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة أبو نجمة وصف النية لإلغاء وزارة العمل بأنه توجه “غير مدروس، ولا يراعي مبادئ عمل وزارات العمل وأدوارها المتعارف عليها في الإدارة العامة وفي المعايير الدولية وتجارب الدول”.
وقال: إن تشتيت مهام الوزارة من خلال توزيعها على عدة وزارات، هو مؤشر “لتقزيم مهام رئيسية للوزارة أو تلاشي الدور المفترض أن تلعبه في سوق العمل، وهو توجه يغلب الجانب البيروقراطي على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في النظر لشؤون وقضايا العمل”.
من جانبه استهجن المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في بيان أصدره، قرار الحكومة إلغاء وزارة العمل ونقل مهامها وأدوارها إلى عدد من الوزارات الأخرى. وأكد أن تبعات اتخاذ مثل هذا القرار ستكون “كارثية” على أطراف الإنتاج كافة في سوق العمل أكان العمال أو أصحاب العمل أو النقابات.
يذكر أن من مهام وزارة العمل في الأردن الإشراف على شؤون العمل والعمال، وممارسة جميع الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بتلك الشؤون والمنصوص عليها في سائر التشريعات، ورعاية العمال الأردنيين خارج المملكة، وتنمية علاقات العمل مع الدول المستقبلة لهم، وتنظيم الشؤون المتعلقة بالعاملين الأجانب داخل المملكة، والإشراف عليهم وتحديد شروط عملهم، وتنظيم سوق العمل الأردني، ووضع التعليمات اللازمة لتوفير فرص العمل والتشغيل للأردنيين داخل المملكة وخارجها وبالتعاون مع الجهات المختصة.
أما القضية التي أثارت الجميع من أصحاب الاختصاص ومن عموم الناس في الشارع الأردني فهي المتلقة بما جرى تداوله حول نية النواب زيادة مخصصاتهم المالية 200 دينار أردني بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، حيث كان مصدر نيابي قد كشف المستور بتسريبه خبر زيادة رواتب النواب في الأردن بواقع 200 دينار أردني (حوالي 282 دولار) كـ “بدل تنقلات” لتضاف على رواتب رئيس مجلس النواب الأردني وأعضاء المجلس.
وفي حيثيات الخبر قال المصدر إن الزيادة على الرواتب جاءت لكثرة تنقل النواب من المحافظات إلى العاصمة عمان، وذلك بعد الارتفاع الذي طال أسعار المحروقات خلال الأشهر الماضية، والشهر الحالي والأشهر القادمة.
مصدر آخر بيّن لبعض المواقع الإخبارية الأردنية أن هذه الزيادة جاءت بمناقلات بين بنود موازنة مجلس النواب من خلال تخفيض موازنة بنود أخرى ونقلها إلى مخصصات النواب، موضحاً أن الزيادة اعتمدت من موازنة مجلس النواب المقرة مسبقاً في الموازنة العامة والمنشورة في موقع وزارة المالية.
في مختلف الأحوال، وبغض النظر عن التبريرات القانونية أو الموضوعية، فإن ردود فعل المواطنين تمثّلت بالغضب ما أن سمعوا أن نوابهم يسعون لتحقيق مكاسب لهم فقط، وآخر همهم الناس الذين انتخبوهم وأوصلوهم إلى قبة البرلمان.