نداء بوست -قسم المتابعة والتحقيقات -باريس
كشفت مصادر خاصة لموقع “نداء بوست” أن هناك محاولة فرنسية لفتح خط تواصل مع الهيئة، وأنه ربما يتم ترتيب زيارة لشخصية قريبة من الهيئة إلى فرنسا لمتابعة هذا المسار.
ولم تنقطع محاولات قائد “هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني لتسويق نفسه وفصيله كجزء من الحل السياسي في سورية.
الجولاني كثف في الآونة الأخيرة، توجيه الرسائل للمجتمع الدولي لنفي تهمة الإرهاب عن الهيئة، التي تسيطر على أجزاء واسعة من محافظة إدلب ومحيطها في الشمال الغربي من سورية.
وقال الجولاني في مقابلة مع الصحفي الأميركي مارتن سميث، بُثت خلال وقت سابق، وستكون جزءاً من وثائقي يُسلّط الضوء على صعوده كـ “قائد عسكري إسلامي”.
ونشرت شبكة FRONTLINE أجزاء من المقابلة، التي أجريت داخل محافظة إدلب، وقال فيها الجولاني: إن “هيئة تحرير الشام” لا تشكل أي تهديد أمني أو اقتصادي، للولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، داعياً هذه الدول إلى مراجعة سياستها حيال الهيئة.
ورأى الجولاني أن “دوره في محاربة الأسد وداعش، وفي السيطرة على منطقة تضم ملايين النازحين السوريين الذين قد يصبحون لاجئين، يعكس المصالح المشتركة مع الولايات المتحدة والغرب”.
وقال الجولاني “أولا وقبل كل شيء، لا تمثل هذه المنطقة تهديداً لأمن أوروبا وأميركا. هذه المنطقة ليست نقطة انطلاق للجهاديين الأجانب”.
وأشارت الشبكة إلى أن المقابلة أجريت مع الجولاني على دفعتين في 1 و14 فبراير/شباط الماضي.
وأشار إلى أن النظام السوري هو من يجب تصنيفه ضمن الجهات الإرهابية في العالم، “لأنه من ينفذ فعل الإرهاب الحقيقي بقتل الأبرياء”، مضيفاً: هناك اعتراف ببشار الأسد رغم استخدامه السلاح الكيميائي، وقصفه عشرات المدن السورية.
واعتبر الجولاني نفسه “جزءاً من الثورة السورية”، مشيراً إلى أن الهيئة لم تعد ضمن تنظيم “القاعدة”، لافتاً إلى أن فصيله حارب تنظيم “داعش” في سورية.
وأكد أن الهيئة “لا تعتقل معارضين ومنتقدين لها”، معتبراً أن الاعتقالات تستهدف عملاء للنظام أو تنظيم “داعش” أو لصوصاً، لافتاً إلى أنه سيمنح منظمات حقوق الإنسان الدولية حق الوصول إلى السجون.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية صنفت، في ديسمبر/كانون الأول 2012، “جبهة النصرة” منظمة إرهابية، لكن المبعوث الأميركي السابق إلى سورية جيمس جيفري قال لمارتن سميث، في مارس/آذار الماضي: إنّ “هيئة تحرير الشام” كانت من الأمور المفيدة لاستراتيجية أمريكا في إدلب، معتبراً أنها الخيار الأقل سوءاً في إدلب.
تسويق الهيئة دولياً
وهذه ليست المحاولة الأولى من الجولاني لتسويق نفسه جزءاً من حل سياسي، ليس في الشمال الغربي من سورية فحسب بل في عموم البلاد، إذ دأب خلال العامين الماضي والحالي على القيام بزيارات دورية للأسواق ومنازل المدنيين في محافظة إدلب، وإطلاق التصريحات الإعلامية.
وذهب الجولاني أبعد من ذلك، حين وافق بشكل غير معلن على مجمل التفاهمات التركية الروسية حول إدلب في إطار مسار أستانة التفاوضي، بل سهّل للجيش التركي الانتشار في كل محافظة إدلب.
وشنت “هيئة تحرير الشام”، خلال العام الحالي، حملات اعتقال واسعة النطاق بحق قياديين في تنظيم “حراس الدين” الأكثر تطرفاً في الشمال الغربي من سورية، في محاولة لنفي صفة التشدد عنها، وإحكام السيطرة الأمنية على محافظة إدلب.
فصيل متشدد
لكن ينظر إلى الهيئة من قبل شريحة واسعة من الشارع السوري المعارض على أنها فصيل متشدد يحاول فرض تعاليمه على نحو 4 ملايين مدني يقطنون محافظة إدلب، فضلاً عن قيامها باعتقال كل الأصوات المنتقدة لسلوكها المتطرف.
ويذهب كثيرون إلى القول إن الهيئة، ومن يدور في فلكها من تنظيمات سلفية جهادية، كانت الذريعة الأكبر للنظام وحلفائه الروس والإيرانيين للفتك بفصائل المعارضة السورية والمدنيين في عموم البلاد، خلال 10 سنوات هي عمر الثورة السورية.
وأشارت مصادر إلى أن المدعو حسام الشافعي الموجود في الأراضي التركية وهو مسؤول في الهيئة يقوم بترتيب الجلسات مع الفاعلين الدوليين ويرتب زيارات بين قيادات الهيئة ومسؤولين في استخبارات الدول.
وخلال الأشهر الماضية قام الجولاني بعدة زيارات تضمنت مناطق سيطرة الدروز في إدلب وأعطاهم تطمينات بحمايتهم في المنطقة، كذلك سمح للمسيحيين بالاحتفال داخل إحدى الكنائس بريف إدلب الغربي.