"نداء بوست" -بيروت- ريحانة نجم
انعقدت جلسة مناقشة البيان الوزاري ومنح الثقة للحكومة اللبنانية الجديدة أمس الإثنين على دفعتين قبل الظهر وبعده برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
ويمكن القول: إنّ الجلسة اتسمت بالهدوء إلى حد ما مقارنة مع سابقاتها من الجلسات، إلا أن الأمر لم يخلُ من بعض المناوشات النيابية في ظل الخلافات السياسية والكيديات بين بعض الكتل النيابية، وكان أبرزها المشادة الكلامية بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ونائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، وأيضاً الرسالة القاسية التي وجهتها عضو "كتلة المستقبل" إلى رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره وحليفه حزب الله، والرد من عضو كتلة الوفاء والمقاومة النائب علي عمار.
رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل ألقى كلمة استهلّها بالقول: "مع أنه لا شيء يلزمنا، ولم نعطِ لا وعوداً ولا التزاماً، بالعكس، أنا كنت أبلغت رئيس الحكومة بأننا لن نسميه ولن نشارك ولن نعطيه الثقة".
وأضاف "مع أن إعطاء الثقة أمر غير شعبي ولا يناسب مصلحتنا السياسية والشعبية بسنة انتخابات، كوننا غير مشاركين بالحكومة عبر وزراء محسوبين على التيار الوطني الحر، لكننا سنعطي الثقة من باب الإيجابية وتحمل المسؤولية وعدم الهروب منها، ولأننا نريد المساهمة بخلاص البلد وليس بتخريبه".
وأشار باسيل "سنعطي الثقة أولاً، لأن التشكيلة الحكومية أتت حسب الأصول، واحترم رئيس الحكومة الشراكة الدستورية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واحترم التوازنات في الحقائب والطوائف، واحترم حق كل فريق بتسمية وزرائه وفق المعايير، ولو مع بعض الخربطة".
وأوضح "سنعطي الثقة ثانياً لأن الحكومة ضمّنت في بيانها الوزاري، من تلقاء نفسها أو بناءً على كلامنا العلني أو نتيجة حوار معنا، مطالبنا لإعطاء الثقة"، مشيراً إلى "أنها مرتبطة بخمسة أمور أساسية: أموال المودعين والأمان الاجتماعي والإصلاح المالي وانفجار المرفأ والانتخابات النيابية".
وأعاد التشديد على أهمية التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، غامزاً من قناة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في موضوع مسؤوليته عن تحويل الأموال إلى الخارج، وقال: "نحن في التيار الوطني الحر طالبنا منذ سنتين من البرلمان بلجنة تحقيق برلمانية، كذلك تقدمنا بإخبار مع أرقام ووقائع إلى المدعي العام التمييزي، والأهم تقدمنا بقانون لاستعادة الأموال المحولة إلى الخارج، ولا زال هذا القانون ينتظر إقراره من قبل الغالبية النيابية التي لا تزال حتى الآن تحمي أصحاب هذه الأموال، والجزء الأكبر منهم مسؤولون سياسيون ونواب في هذا المجلس ووزراء سابقون وأصحاب مصارف وأعضاء مجلس إدارة واصحاب نفوذ مالي وسياسي"، سائلاً "إلى متى هذه الحماية وهذا السكوت المريع؟ وبالمقابل التبجّح بحماية أموال المودعين!".
وهنا قاطع نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي باسيل ورفض تعميم الاتهام على النواب، وطلب تسميتهم، فأجابه باسيل: "مش شغلتي سمّي وأنا مش قاضي ومنّي لجنة تحقيق"، فعقّب الفرزلي "إذاً ما بتعتدي عالناس"، وتدخّل عضو "التكتل الوطني" النائب فريد هيكل الخازن فقال لباسيل: "إذا كنت رجّال بتسمّي"، فتدخّل نائبا التيار العوني سليم عون وجورج عطالله للرد عليه.
وساد هرج ومرج في القاعة، عندها طلب الرئيس بري من باسيل تزويده بأسماء النواب، وعمل على تهدئة الموقف وقال للنائب عون: "تصرّفك يا سليم مش سليم". فيما علّق الخازن على باسيل "أنت منّك رجال انت واحد جبان".
وتابع باسيل كلمته، فطالب بالتدقيق الجنائي في وزارة الطاقة وباقي الوزارات والمؤسسات، واعتبر أن "موضوع المرفأ ليس للمزايدة الشعبوية، لأنه لا ربحاً سياسياً لنا عندما ينفجر قسم من العاصمة ويوقع هذا الحجم من الضحايا بسبب تقاعس الدولة ككل".
كما شهدت الجلسة المسائية هجوما قاسياً على رئيس الجمهورية وفريقه من عضو كتلة المستقبل النائبة رولا الطبش التي قالت: "نعطي الثقة بغض النظر عن تفاصيل البيان الوزاري والسير الذاتية لأفراد الحكومة واحتمالات التعطيل والتفخيخ والوعود، وذلك لأن البلد ما عاد يحتمل بعدما تلاعبوا بالدولة والشعب على مدى 13 شهراً ، لأن جنرالاً أضاع البوصلة فأراد ترتيب التاريخ من جديد ومرة أخرى على حساب العيش المشترك"، ووقالت: "لولا الرئيس بري لكانوا غيّبوا الدولة أيضاً، والأمل برئاسة تحترم ما أقسمت عليه، وبحكومة تدرك أنها ورثت رماد جهنّم، وعليها أن ترسم طائر الفينيق من جديد ولو بألوان الخريف".
وسألت "لماذا لم نسمع موقفاً سريعاً من الدولة تجاه احتفالات النصر بعبور الصهاريج؟ هذا الصمت دليل على موافقتكم على هذا الانتهاك للكرامة الوطنية".
وأضافت "كفانا شرشحة دبلوماسية أبعدت عنا كل الأشقاء واليد التي امتدت دائماً لمساعدتنا في أيامنا الصعبة، ونتمسك بالانتخابات في موعدها، وإلا لا خيار لنا سوى الاستقالة لدفع الأمور نحو مسارها الطبيعي".
في المقابل، أصرّ عضو كتلة الوفاء والمقاومة النائب علي عمار على الرد على كلمة الطبش رافضاً اتهام حزب الله بحرق أنفاس الدولة، وقال: "من حرق أنفاس الدولة هي تلك السياسات الريعية التي استباحت المال العام والدولة والدستور"، متمنياً أن "يُشطب الكلام الذي فيه إساءة وإشاعة لنا لأننا مكوّن من مكوّنات الشعب اللبناني".
يشار إلى أن 20 نائباً تكلموا خلال الجلسة التي انتهت بإعطاء الثقة للحكومة الجديدة بـ 85 صوتاً.