نداء بوست – أخبار سورية – تحقيقات – أحمد عكلة:
كشف موقع المونيتور الأمريكي عن طرح إحدى شركات النفط البريطانية والتي أنتجت النفط في سورية قبل اندلاع الحرب مبادرة من شأنها أن تُستخدم عائدات النفط السوري في المساعدة، مع ذهاب الأموال إلى الأمم المتحدة وليس للنظام السوري ونقل الموقع عن جون بيل العضو المنتدب لشركة “Gulfsands Petroleum”، أن شركته “كانت رائدة في مفهوم تعود بموجبه شركات النفط الدولية إلى عملياتها في شمال شرق سورية مع استحقاق عائدات مبيعات النفط إلى الجمهورية العربية السورية بدلاً من ذلك. مودعة في صندوق مُدار دولياً وصرفها، بموجب اتفاق أصحاب المصلحة، لتمويل المشاريع الإنسانية والاقتصادية والأمنية في جميع أنحاء البلاد لصالح جميع الشعب السوري”.
كما أضاف بيل: “سيتم إجراء ذلك بطريقة متوافقة مع العقوبات، بالتعاون مع المجتمع الدولي وأصحاب المصلحة السوريين وبما يتماشى مع قرار الأمم المتحدة رقم 2285”.
ولفت إلى أن صناعة النفط والغاز السورية ككل يمكن إعادة بنائها وتطويرها لإنتاج أكثر من 500000 برميل من النفط الخام يومياً، مما يدرّ عائدات إجمالية سنوية تزيد عن مليارَيْ دولار بأسعار النفط الحالية.
وأكد بيل أنه أثار المبادرة مع المسؤولين المعنيين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ومسؤولي وزارة الخارجية في المملكة المتحدة. قال بيل: إن المناقشات “جارية”.
ثلث النفط السوري للمستثمرين
وبحسب الموقع الأمريكي فإنه سيذهب نحو ثلث العائدات إلى مقاولين وشركات نفط دولية. وتؤكد الشركة أن المبادرة تتطلب موافقة الأطراف السورية المعنية، والتي تشير ظاهرياً إلى النظام وقوات سورية الديمقراطية، وكذلك من شركات النفط العالمية، ويمكن تنفيذها من خلال منتديات دولية مثل الأمم المتحدة.
كما سيتطلب دعم الحكومات الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وتركيا والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى، كما تقول الشركة.
وفي غضون ذلك، وصفت مصادر دبلوماسية اقتراح الشركة بأنه غير واقعي في ظل التقسيم الفعلي لسورية بين النظام المدعوم من روسيا وإيران في الجنوب، والأكراد المدعومين من الولايات المتحدة في الشمال الشرقي والفصائل المعارضة المدعومين من تركيا في الشمال الغربي.
وفي السياق يشير آخرون إلى أن الشركة لها مصلحة في الترويج للاقتراح لأن حقلها النفطي الكبير في شمال شرق سورية، بلوك 26، هو أصلها الوحيد.
وعلاوة على ذلك، ليس من الواضح ما هو الدور الذي ستلعبه المعارضة ولا سيما هيئة تحرير الشام التي تسيطر على إدلب والتي تصنفها الولايات المتحدة والأمم المتحدة على أنها جماعة إرهابية، في أي من المناقشات حول تقاسم النفط وعائداته.
ونقل المونيتور عن مسؤول بريطاني قوله: “نظل في دعم العقوبات الدولية على سورية ونعارض إعادة الإعمار في غياب تقدم في العملية السياسية”، لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل.
ويكمن الجزء الأكبر من ثروة سورية النفطية في المنطقة التي تسيطر عليها “قسد” والتي تديرها الإدارة الذاتية لشمال شرق سورية المدعومة من الولايات المتحدة.
الباحث الاقتصادي أسامة الخير يؤكد أن مبادرة النفط والغذاء لن تلقى قبولاً بين الأطراف المتصارعة والتي تسيطر على النفط لأن “قسد” لا يمكن أن تتخلى عن مردود النفط الذي يؤمّن لها مداخيلَ شهريةً كبيرة مقابل تأمين مشاريع لكل المناطق السورية الخارجة عن سيطرتها كذلك سيكون موقف نظام الأسد الذي يسيطر على ما يقارب 20 بالمائة من حقول النفط في دير الزور.
وأضاف في حديث لموقع “نداء بوست” أن “مثل هذه المبادرة تحتاج توافُقاً دوليّاً، وعملها في مناطق سيطرة “قسد” سيجلب لها مشاكل وخصوصاً أن تنظيم pyd مصنف على لائحة الإرهاب الدولية وكذلك فإن تركيا سترفض قطعاً هذا المقترح بسبب أن استخراج النفط سيكون في مناطق سيطرة التنظيم المعادي لها”.
الأصفري والشريك الروسي
ويقدر نظام الأسد إجمالي إنتاج البلاد من النفط بما يقارب 86 ألف برميل يومياً في عام 2021، أي ما يقرب من ربع الكمية والتي تقدر بـ 353 ألف برميل يومياً المنتجة في عام 2011، والتي تمثل ما يقرب من ربع عائدات النظام.
وأشارت مصادر صحفية أن الملياردير الروسي مايكل كروبيف المقرب من روسيا كان قد اشترى العام الماضي أسهم الملياردير السوري أيمن أصفري في الشركة. من خلال شركته الاستثمارية Waterford Finance .
وفي وقت سابق من هذا العام، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن الأصفري واجه اتهامات بتقديم رشوة لمسؤولين ووزراء بريطانيين، في الوقت الذي يعدّ فيه أحد أبرز المتبرعين لحزب المحافظين البريطاني بعد أن تم الكشف عن تبرّعه بمبلغ 800 ألف جنيه إسترليني لـلحزب.
وفي العام 2017 تم إلقاء القبض على الأصفري والتحقيق معه من قِبل مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في بريطانيا، وتم التوصل إلى تسوية تدفع شركته “بيتروفاك” وفقها مبلغ 77 مليون جنيه إسترليني، بعد فشلها في منع موظفين بارزين سابقين فيها من تقديم أو دفع رشى لضمان الحصول على عقود في منطقة الشرق الأوسط بين عامَيْ 2012 و2015، وأكّد لاحقاً مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطرة بشكلٍ رسمي، أنّ الأصفري لم يعد موضع اتهام.
وأعلن حينها أن الأصفري قد غادر منصبه كمدير تنفيذي لشركة الخدمات النفطية، أواخر عام 2020، ولكنه بقي ضِمن مجلس الإدارة منذ ذلك الحين.
تم تأسيس “بيتروفاك” عام 1981 وطرحت أسهمها في سوق لندن للأوراق المالية، عام 2005، فحققت أرباحاً بقيمة 55 مليون جنيه إسترليني.
الأصفري درس في كلية “وارتون” لإدارة الأعمال، وانطلقت مسيرته من دبي كمهندس استشاري متخصص بالتربة، مطلع الثمانينيات، ثم غادر إلى عُمان وأنشأ شركة مقاولات، قبل أن يتحول إلى مجال النفط.
والتحقيقات التي خضع لها بيّنت أن هناك صلة ما بين شركة الأصفري ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق ديفيد كاميرون، وأن الأخير استفاد من الطائرة الخاصة للأصفري، إضافة إلى خليفته تيريزا ماي التي أوصت السلطات في البحرين بالتعاقد مع شركة الأصفري.
ويمتلك الملياردير الروسي كروبيف الآن أكثر من 50 بالمائة من أسهم الشركة ويعمل كمدير لها. وتُثار شكوك غير مؤكدة حول استمرار علاقة الأصفري بالشركة، واستخدام رجل الأعمال الروسي كواجهة يمكن أن تحمي الشركة من استهداف القوات الروسية لها.
أما حقول “رميلان” التي تنشط فيها أعمال الاستثمار فتنتج أكثر من 20 ألف برميل يومياً من النفط الخام، في حين تتجاوز كمية إنتاج النفط في عموم مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” الـ50 ألف برميل يومياً.
وتجدر الإشارة إلى أن “الإدارة الذاتية” التابعة لقسد تصدِّر النفط الخام إلى نظام الأسد عَبْر صهاريج “شركة القاطرجي”، وإلى إقليم كردستان العراق، إضافة إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية عَبْر تجّار ينقلون النفط بصهاريج من معبر منبج إلى مناطق جرابلس والباب شمال شرقي حلب.