"نداء بوست" – تحقيقات – مدريد – عقبة محمد
تمكن اللاجئان السوريان ليان وأحمد من افتتاح مشروعهما الخاص، في مدينة سرقسطة الإسبانية، في شهر أيار/مايو من هذا العام، بعد عناء طويل، ولهذا المشروع أهداف مختلفة يسعى إليها الشابان.
ليان الأحمد (28 عام) من ريف مدينة حلب، بعد اِندلاع الثورة السورية عام 2011 ونشوب الحرب، استهدفت مدفعيات النظام السوري جامعة المأمون بحلب التي كان يدرس فيها الأحمد، السبب الذي دفعه للرحيل إلى لبنان بهدف إكمال الدراسة مثل الآلاف من الشباب السوري.
لم يكن وضع الدراسة والمعيشة في لبنان مناسباً لليان، ما دفعه للعودة إلى سورية لفترة قصيرة، قبل الخروج مرة أخرى إلى تركيا، ومنها إلى اليونان عن طريق البحر عام 2015، حيث عمل فيها مترجماً للغتين العربية والانجليزية في مخيمات اللاجئين، وتعرّف من خلال عمله على نشطاء إسبان، أعجب من خلالهم بإسبانيا وثقافتها، السبب الذي جعله يقصد إسبانيا للعيش، كما أفاد ليان من خلال لقاء مع "نداء بوست.”
وتمكن الشاب من الوصول إلى إسبانيا -برشلونة عام 2016 بعد رحلة شاقة استغرقت مدة أسبوع، وبدأ بتأسيس حياته من جديد، ليتعرّف بعدها على يوسف شحيبر، شاب سوري (26 عام) من مدينة حلب، والذي التقى به في مدينة سرقسطة. "نحن السوريون لا نستطيع العيش على المساعدات، لذا يجب أن نعمل" يقول الأحمد.
عمل الشابان في مهن ومشاريع مختلفة، منها فرق تعمل على مساعدة اللاجئين في مدينتي أرغون وسرقسطة، وكان يقتصر عملهما على صناعة الطعام وتقديمه في الفعاليات التي تدعم اللاجئين وتقام في مناطق مختلفة من إسبانيا. وخلال عملهما، لفت انتباه الشابان أن نسبة كبيرة من الإسبان تجذبهم التقاليد والثقافة العربية والسورية على وجه التحديد، ولا سيما الطعام. فخططا أن يبذلا كل جهدهما إلى الدرجة التي تمكنهما من تأسيس مشروعهما الخاص، والذي لا يغفل عن حالة اللاجئين المأساوية التي عايشها الأحمد في اليونان، والتي لا تزال عالقة في ذهنه.
وعلى الرغم من أن تأسيس مشروع خاص باللاجئين والمهاجرين في إسبانيا لا يعد أمراً سهلاً، نتيجة عوائق كثيرة أبرزها اللغة والإجراءات البيروقراطية وعدم توفير فرص كافية من قبل الحكومة من شأنها أن تساعد في إنشاء المشاريع، إلا أنهما لم يستسّلما، وعملا قرابة أربعة أعوام حتى تمكنّا من افتتاح مطعمهما "سيريانا" في شارع Miguel Servet بمدينه سرقسطة, والذي لاقى ترحيب واسع وشعبية من قبل أهل المدينة وفي وسائل الإعلام الإسبانية.
مساعدة اللاجئين
قصص اللاجئين التي عايشها الشاب في اليونان بقيت عالقة في ذهنه حتى بعد مرور سنوات، ولهذا السبب كان قد عاهد نفسه أنه عندما يؤسس مشروع يخصص نسبة لمساعدة هؤلاء اللاجئين، والمشاريع الإنسانية التي تدعمهم على حد قوله.
خصص الشابان نسبة 5% من عائداتهم الشهرية لمساعدة اللاجئين والمشاريع الناشئة التي تسعى لدعمهم، حيث يوضح الأحمد أنها فكرة أيضاً لتشجيع المنظمات وأصحاب المشاريع الضخمة ليقدموا دعم مشابه وأكبر مؤكداً أنهم يسعون لتقديم المزيد.
حظي "سيريانا" بشهرة وترحيب واسع في المدينة، ويقول الأحمد " الزبائن الإسبان عندما يأتون للمطعم، يشعرون أنهم يذهبون في رحلة إلى الشرق الأوسط.
وحقق مطعمنا إقبالاً كبيراً، لأننا نقوم بشراء المنتجات الإسبانية، ونقدّم الطعام السوري الأصيل بطرقنا التقليدية"، مشيراً إلى أن حجز الطاولات من قبل أبناء المدينة لا تتوقف خلال أيام الأسبوع.
ليان ويوسف بصدد توسيع مشروعهم الحالي، وافتتاح فرع ثاني في سرقسطة، كما أنهم يبحثون عن ثالث في مدريد، ويطمحون في زيادة نسبة التبرع للمزيد من المشاريع الداعمة للاجئين، وتوظيف السوريين الذين يواجهون صعوبة في العيش ويخرجون من برنامج اللجوء، بالإضافة إلى نشر ثقافة بلدهم في إسبانيا.