نداء بوست- حلب- محمد الشيخ
شهدت منطقة شمال غرب سورية، خلال الفترة القليلة الماضية، ومع اقتراب فصل الشتاء، تصاعُداً غير مسبوق في عمليات قطع الأشجار الحراجية بقصد بيعها واستخدامها حطباً للتدفئة.
وتتركز تلك العمليات بشكل أساسي في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي، المعروفة بغطائها النباتي، حيث أكد ناشطون أن أحراش ناحية شران تتعرض لعمليات قطع واحتطاب جائر.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً مصوَّراً يُظهر قيام أشخاص بقطع الأشجار من الأحراش القريبة من بحيرة ميدانكي، وبحسب ناشري التسجيل فإن هؤلاء عناصر يتبعون “فرقة السلطان مراد” في الجيش الوطني السوري.
كذلك تداولت صفحات محلية خلال الساعات الماضية صورة تقارن بين مدينة عفرين حالياً وبين المنطقة ذاتها قبل ثلاث سنوات، حيث يظهر بوضوح الأثر الذي طرأ على المنطقة بسبب قطع الأشجار.
وفي إدلب لا يختلف الأمر كثيراً، سوى أنه في ريف حلب هناك مَن تجرَّأ ورفع هاتفه المحمول ووثَّق عملية قطع الأشجار قرب بحيرة ميدانكي.
حيث أكد ناشطون أن عناصر من هيئة تحرير الشام قاموا بخطوة مماثلة في منطقة جبل الأربعين قرب مدينة أريحا جنوب إدلب، وأقدموا على قطع أشجار من المنطقة التي تُعتبر مقصداً سياحياً ومتنفساً للأهالي.
وبالرغم من تحذيرات المؤسسات المدنية والعسكرية في المنطقة من هذه العملية وخطورتها، إلا أن تلك النداءات لم تلقَ آذاناً صاغية، لا سيما أن المُقدِمين على قطع الأشجار يتمتعون بحصانة فصائلية أو يعملون لصالح قيادات في تلك الفصائل.
محاولة للإصلاح
في الخامس من كانون الثاني/ يناير عام 2020 أسس الفيلق الثالث في الجيش الوطني السوري “ضابطة حراجية” للحدّ من عمليات القطع الجائر وتعويض ما تم قطعه.
ويقول المسؤول الإعلامي في الفيلق سراج الدين عمر: إن تأسيس الضابطة جاء بعد قيام لجنة من قيادة الفيلق الثالث بالكشف على الحراج التي كان فيها القطع بشكل كبير ولإيقاف هذه الظاهرة.
وحول مهامّ الضابطة قال عمر في حديث لـ “نداء بوست”: إن مهمتها هي متابعة الأحراش ومنع القصّ والاحتطاب، إضافة لمنع الرعي في كروم الزيتون وتحويل المتجاوزين إلى المحاسبة، مؤكداً تحويل أكثر من 420 من المخالفين للجهات المعنية.
وتشرف الضابطة على حماية مساحة تقدر بـ 40 هكتاراً تم تشجيرها لتعويض ما قُطع من الحراج قبل تأسيس الضابطة، كما تقوم أيضاً بحماية محاصيل الزيتون من السرقة، كما تتعاون مع الدفاع المدني لإخماد الحرائق، وفقاً لمحدثنا.
ومن أبرز العقبات التي تواجه هذه الرابطة أن عملها ينحصر ضِمن القطاعات الواقعة تحت سيطرة الفيلق الثالث فقط.
وتتم متابعة العمل عن طريق دوريات بالدراجات النارية بشكل دائم ويوميّ كما يوجد دوريات مركزية في حال وجود أي مخالفة، وبحسب عمر فقد تم خلال الفترة الماضية إيقاف ما يزيد عن 90% من حالات التجاوز والقطع ومصادرتها وإحالة المرتكبين إلى اللجان المختصة.
الجدير بالذكر أن السوريين انتقدوا هذه العمليات التي تشكل تهديداً لسكان المنطقة أولاً، إلا أنهم في الوقت ذاته أشاروا إلى أن عملية قطع الأشجار وبيعها كحطب للتدفئة لم تكن لتحدث لولا ترك المجتمع الدولي لأكثر من خمسة ملايين نسمة شمال غربي سورية يواجهون مصيرهم وسط ضعف توريد المساعدات الإنسانية، وغياب مواد التدفئة البديلة والصحية.