المصدر: معهد الشرق الأوسط للدراسات
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: يوليا سابينا جوجا (مديرة مبادرة فرونتير يوروب: مديرة مشروع: أفغانستان ووتش)
بعد مرور أكثر من 100 يوم على الغزو الروسي الثاني لأوكرانيا، بدأت الحرب تتسبب في وقوع ضحايا حول العالم حيث إنه وسط أزمة الغذاء العالمية المتزايدة، فقد أصبحت تصرفات روسيا تُسرّع من المجاعة المحتملة التي تلوح في الأفق في كل أنحاء العالم.
ولقد قامت موسكو خلال عطلة نهاية الأسبوع، بتدمير صومعة تخزين حبوب استراتيجية في مدينة ميكولايف الأوكرانية. كما منع الحصار البحري الروسي أوكرانيا من تصدير أكثر من 20 مليون طن من الحبوب، إذ أن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة يعتمد على أوكرانيا للحصول على 40٪ من القمح الذي يستخدمه البرنامج، مما يعني أن التأثير على الفئات الأكثر ضعفاً، في كل من المنطقة نفسها وحول العالم، سيكون شديداً. وتتعهد تركيا بإزالة الألغام من البحر الأسود والتوسّط مع روسيا لإزالة الحصار البحري، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد.
في الوقت نفسه، يقول سفير أوكرانيا في تركيا أن بعض الدول تقوم بشراء حبوب أوكرانية مسروقة من روسيا. وبهذا فقد أصبحت آثار أزمة الغذاء نفسها والدعاية الروسية التي تلقي باللوم فيها على العقوبات الغربية واضحة للعيان. وقد نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن خبير كيني قوله إن “الأفارقة لا يهتمّون من أي مكان جاء طعامهم الذي حصلوا عليه، وإذا كان هناك من سيخرج علينا بالمواعظ الأخلاقية للقول بأن هناك عقوبات سيتم فرضها على من يستخدم الحبوب لأنها قادمة من مكان محظور، فنحن بدورنا نقول لمثل هؤلاء: أنتم مخطئون”، وذلك بسبب شدّة الحاجة الموجودة في تلك الدول الافريقية. إن العلاقة بين البحر الأسود والمجاعة العالمية تزداد قوّة كل يوم، مع المزيد من التصعيد الذي يلوح في الأفق. وقد حذّر القائد السابق للناتو جيمس ستافريديس من فتح “جبهة جديدة” في حرب البحر الأسود حيث ستحاول الأمم المتحدة السماح بصادرات الحبوب الأوكرانية.
ولقد أدّى العدوان الروسي أيضًا إلى نشوء أزمة طاقة عالمية. ففي الأشهر التي سبقت غزو 24 شباط /فبراير، أحدثت موسكو أزمة غاز في أوروبا برفضها توقيع عقود جديدة. ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الغاز ارتفاعًا هائلًا.
وبينما يتدافع الاتحاد الأوروبي بمساعدة الولايات المتحدة لاستبدال الغاز والنفط الروسي، هناك الآن مخاوف متزايدة بشأن أزمة الكهرباء والنفط في جميع أنحاء العالم. فالقرار الأخير الذي اتخذته أوبك + لتعزيز الزيادات المخططة في الإنتاج لشهري تموز/يوليو وآب/أغسطس – في اختراق دبلوماسي أشادت به الولايات المتحدة – يهدف إلى الحدّ من تأثير أزمة الطاقة.
وفي أعقاب الحظر الجزئي الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الروسي كجزء من حزمة العقوبات السادسة التي فرضها الاتحاد على موسكو، سيواصل كل من الاتحاد والولايات المتحدة الضغط على الدول الأعضاء في أوبك لتعليق تنسيق الأسعار مع روسيا لتحقيق الاستقرار في سوق النفط. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أوبك ستقرر استبعاد روسيا، التي لم تحقق أهدافها الإنتاجية بموجب اتفاق أوبك + لعدة أشهر.
فإذا قامت أوبك بفعل ذلك، فقد يكون ذلك عاملاً مُغيّرًا للعبة في جهود الغرب لعزل موسكو ومنع المزيد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. بغض النظر عما إذا كانت الجهود الغربية للضغط على أوبك ستنجح، فإن آثار أزمة الطاقة ستظهر بقوة في أوروبا وآسيا مع اقترابنا من أشهر الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.