نداء بوست-أخبار سورية-برلين
كشف رئيس «المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية»، المحامي أنور البني عن تلقي الشاهد في قضية الطبيب السوري المتهم بجرائم ضد المدنيين في سورية تهديدات من قِبل قوات الأمن التابعة لنظام الأسد.
واستمر الشاهد الذي بدأ شهادته أول من أمس أمام محكمة فرانكفورت في قضية المتهم علاء. م بتقديم شهادته وتلقى أسئلة المحكمة وأجاب عليها مؤكداً ما أفاد به سابقاً من قيام المتهم بضرب المعتقلين والتسبب بموت أحدهم على الأقل.
وأعرب أمام المحكمة عن خوفه على أسرته في سورية وحمّل المتهم مسؤولية أي شيء يصيبهم هناك بسبب شهادته.
وقالت رئيسة المحكمة: إنهم سيبذلون ما يمكنهم لتوفير الحماية للمتهم وأسرته.
وطلب محامي الدفاع بإلغاء جلسة 17 تشرين بسبب عدم تمكنه من الحضور فتقرر إلغاؤها وتأجلت المحكمة ليوم الخميس القادم 13.10.2022 لتتمة استجواب الشاهد حيث ستعقد كذلك نفس اليوم جلسة بقضية المتهم موفق. د في برلين لسماع شاهد جديد.
تهديدات عائلات الشهود
وأشار البني في حديث لموقع “نداء بوست” إلى أن “عائلة الشاهد تلقت تهديدات سابقاً من قِبل الأمن في سورية ولكنه رغم ذلك التهديد لم يتراجع وقدم شهادته أمام المحكمة وقال: أنا قلق على عائلتي في سورية وأحمل المتهم مسؤولية أي مكروه يصيبها”.
وأضاف الحقوقي السوري “لم يكن هذا الشاهد وحده بل كان هناك عدة شهود تلقى أهاليهم تهديدات أو زيارات أمنية لترهيبهم ومنع أولادهم من تقديم شهاداتهم”.
وحول طريقة حماية أهالي الشهود أوضح البني أن “المحكمة قدر الإمكان تؤمن الحماية للشاهد في ألمانيا ولكن موضوع حماية أهله في سورية غير ممكن”.
استقبالهم في ألمانيا
ولفت إلى أنه “من الممكن إذا استطاع أهالي الشاهد الخروج إلى خارج سورية فإن من الممكن أن يتم استقبالهم في ألمانيا ويستفيدون من الحماية”.
ورأى البني أن “الشاهد بمجرد أن يدلي بشهادته فهي تشكل لهم حماية لأن أي حركة ضدهم تصبح مراقبة وتكون تحت أنظار الجميع وبالتالي فإن هذه المسألة من الممكن أن تشكل لهم حماية حتى داخل سورية حيث إن النظام لا يمكن أن يقترب منهم لأن أفعاله ستكون مراقبة”.
وكانت السلطات الألمانية قد ألقت القبض على موسى في حزيران/يونيو 2020، على خلفية اتهامه بتعذيب المعتقلين وحرق أعضائهم التناسلية خلال عمله طبيباً في مستشفيات عسكرية تابعة للنظام السوري.
جرائم الطبيب المتهم
وفي جلسات الاستجواب، نفى موسى التهم الموجهة له، وكذلك حصول تعذيب للمرضى المعتقلين في مشفى «المزة» العسكري، مدعياً أنه كان يتم تعذيبهم من قبل طاقم التمريض الذي يعمل في المشفى، ومن قبل عمال النظافة في المشفى، وكان المرضى دائماً مقيدين وعيونهم معصوبة.
وخلال شهر مايو الماضي، قالت وسائل إعلام ألمانية: إن شابّاً سوريّاً أدلى بشهادته أمام المحكمة، ضد الطبيب علاء موسى، المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، خلال عمله في أحد المشافي العسكرية التابعة لنظام بشار الأسد.
وبحسب وكالة “دويتشه فيله”، فإن الشاب البالغ من العمر 29 عاماً، قال: إنه اعتقل خلال العام 2012، وشاهد الطبيب علاء موسى وهو يحقن مريضاً بإبرة، دفعت الأخير للارتعاش بشكل متسارع قبل أن يفارق الحياة.
ووقعت الحادثة بحسب الشاهد في مشفى حمص العسكري، حيث كان يخدم الطبيب موسى المتهم بالتسبب في وفاة العشرات.
وطالب الادعاء الألماني بتوجيه تهم القتل، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية للطبيب الذي خدم في المشفى العسكري بحمص خلال عامَيْ 2011-2012.
وتتم محاكمة علاء موسى في المحكمة الإقليمية العليا بفرانكفورت، وبدأت إجراءات محاكمته منذ كانون الثاني/ يناير الماضي.
وكانت قناة “الجزيرة” بثت تحقيقاً كشف عن الجرائم التي ارتكبها علاء موسى، قبل أن يصل إلى ألمانيا بصفته لاجئاً.
وبحسب التحقيق فإن من أعمال موسى الشنيعة إشعال النار في الأعضاء التناسلية للمعتقلين، وضرب مريض صرع حتى الموت، وإجراء عملية جراحية غير مؤهل لها بدون إعطاء تخدير، كذلك فهو متهم بتعذيب 18 معتقلاً، وقتل آخر.
ملاحقة المجرمين
وخلال حديث سابق مع “نداء بوست” قال البني:” نحن نحاول بكل إمكانياتنا أن نلاحق المجرمين الذين لدينا أدلة ضدهم، المعلومات وحدها لا تكفي هنا، رغم وجود ألف مجرم اِرتكبوا جرائم حرب ضد الإنسانية بسورية من كل الأطراف، معظمهم من النظام”.
الحقوقي أنور البني لـ “نداء بوست“: الأسد أصبح مجرّد نفايات سامة
ويضيف البني، ابن العائلة التي قضى عدد من أفرادها في سجون النظام سنوات يبلغ مجموعها 73 سنة: نحن نلاحق الجميع، ونجمع المعلومات قدر الإمكان، لكن دائماً الأساس في عملنا هو الشهود أو الضحايا، الذين يؤكدون اِرتكاب هذا المجرم لهذه الجريمة بهذا المكان، أو بهذا التوقيت.
لكن البني يقرّ أن مهمتهم في ملاحقة مرتكبي الجرائم بحق الشعب السوري تلقى تعاوُناً من كل المدّعين العامين ووحدات الشرطة في كل أوروبا، حيث يقول: الادّعاء العامّ في أوروبا يأخذ بكل جدّية ما نقدمه من معلومات، ومن توفر من شهود أو ضحايا، حيث يبدؤون إجراء تحقيقات رسمية حول المجرم.
وخلال شهر يناير الماضي، قضت محكمة ألمانية بسجن الضابط السابق في جهاز أمن الدولة السورية مدى الحياة أنور رسلان بعد إدانته يوم الخميس الماضي بقتل 58 شخصاً واغتصاب آخرين وتعذيب نحو أربعة آلاف معتقل في السجن التابع لقسم التحقيقات-الفرع 251 والمعروف باسم (أمن الدولة – فرع الخطيب).
وقال المدعون آنذاك: إن 4000 من نشطاء المعارضة السورية على الأقل تعرضوا للتعذيب فيه ما بين 2011 و2012.
ووصف الادّعاء العامّ الاتحادي بألمانيا المحاكمة بأنها الأولى من نوعها في العالم. وهذا هو ثاني حكم إدانة تصدره المحكمة الإقليمية العليا في مدينة كوبلنز (كوبلنتس) بغرب ألمانيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الحرب الأهلية السورية.
وصدرت الإدانة من المحكمة ضد الضابط الذي يُعرف وفقاً لقوانين الخصوصية الألمانية الصارمة باسم أنور رسلان على خلفية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
عمل رياديّ
وحول قرارات المحكمة أكد وزير العدل الألماني ماركو بوشمان أن قرار المحكمة الإقليمية العليا بكوبلنز (كوبلنتس) بالسجن مدى الحياة بحق ضابط سوري سابق بتهمة المشاركة في أعمال تعذيب قامت بها الدولة السورية، يُعَدّ “عملاً رياديّاً”، ويُعوّل على صدور مثل هذه القرارات من محاكم في دول أخرى.
وأضاف بوشمان أن حكم القاضي يستحق أن يتم ملاحظته في جميع أنحاء العالم، وقال: “سأرحب بأن تتبع دول دستورية أخرى هذا المثال. مَن اقترف جرائم ضد الإنسانية، يجب ألا يجد أية ملاذات آمِنة بأي مكان”.
وأضاف الوزير الألماني أنه وقع ظلم مروع في سجون التعذيب التابعة لنظام حكم (الرئيس السوري بشار) الأسد، وأكد “أنها مسؤولية المجتمع الدولي بأسره أن يجيب على هذا بلغة القانون”.