“نداء بوست”- عواد علي- بغداد
لمناسبة أربعينية الشاعر الراحل مظفر النواب، تقيم “دار بابل للثقافات والفنون والإعلام” في مدينة “الحلة”، مركز محافظة “بابل” العراقية، مهرجاناً ثقافياً بمشاركة أدباء وفنانين عراقيين وعرب، تنطلق أولى فعالياته يوم الخميس المقبل.
وأعلن مدير الدار، الشاعر علي الشلاه، أن أربعينية الشاعر الراحل مظفر النواب ستُقام في سجن “الحلة”، من خلال مهرجان ثقافي عربي بمشاركة أدباء وفنانين عراقيين وعرب ابتداءً من يوم الخميس المقبل وحتى السبت.
وأضاف أن المهرجان سيشارك فيه جمعٌ من الشعراء العرب، منهم المنصف المزغني من تونس، وزاهي وهبي من لبنان، والفنانتان أميمة خليل وفايا يونان من سورية، ونقاد وباحثون عراقيون.
وعن برنامج المهرجان، قال الشلاه لـ”نداء بوست”: إنه “سينطلق من مسرح الرشيد في العاصمة بغداد، ويتضمن زيارة قبر الرحل في النجف الأشرف، وندوةً في معهد المعلمين، ويُختتم في سجن “الحلة” الذي هرب منه مظفر النواب خلال شبابه”.
وأوضح أن هذا المهرجان “يُعدّ أول فعالية ثقافية عراقية تقام في سجن! حيث يجري الافتتاح في الساعة السادسة من مساء الخميس 30 حزيران/ يونيو الحالي على مسرح الرشيد في بغداد، بترتيل المصحف الشريف، يليه النشيد الوطني، وكلمات رسمية، وفيلم تسجيلي بعنوان “الشاعر لا يترجل”، وشهادات لأدباء وفنانين عرب وعراقيين، وقصائد بمرافقة الموسيقى لمظفر النواب يؤديها فنانون تشكيليون وموسيقيون عراقيون وعرب”.
وتابع الشلاه أن “فعاليات المهرجان ليوم الجمعة، ستشهد زيارة الضيوف إلى شارع المتنبي (شارع الثقافة) في بغداد الساعة الحادية عشرة صباحاً، وعرض مقطع من مسرحية “الشاعر ليس استيراداً” تأليف مظفر النواب على مسرح الرشيد في السادسة مساءً، وقراءات شعرية مهداة لمظفر النواب، من شعراء عراقيين وعرب، وفي الثامنة مساءً قصائد مع الموسيقى”.
وبيّن أن “الوفد سينطلق في الساعة التاسعة من صباح السبت المقبل إلى النجف الأشرف للزيارة، ووضع إكليل من الزهور على قبر الراحل النواب، وفي الساعة الثانية والنصف ظهراً ستعقد ندوة “مظفر النواب شاعراً” تتضمن مداخلتين وقصائد. وتُختتم فعاليات مهرجان أربعينية مظفر النواب في سجن “الحلة” الساعة السادسة والنصف مساءً، خلال ندوة تتضمن شهادات وقصائد لشعراء عراقيين وعرب”.
ويُذكر أن الشاعر مظفر النواب رحل يوم 20 من الشهر الماضي في مستشفى الجامعة بمدينة الشارقة الإماراتية بعد صراع مع المرض. وهو من مواليد عام 1934 في بغداد، ويعود أصله لعائلة أرستقراطية تُقدِّر الفن والشعر والموسيقى، وعُرف بمعارضته الشديدة للحكومات العراقية المتعاقبة، كما يُعَدّ من أبرز الشعراء في العراق خلال العصر المعاصر.
وأظهر النواب موهبةً شعريةً منذ سن مبكرة، وأكمل دراسته الجامعية في جامعة بغداد، وأصبح مدرساً، لكنه طُرد لأسباب سياسية عام 1955، وظل عاطلاً عن العمل ثلاث سنوات، في وقت صعب على أسرته التي كانت تعاني من ضائقة مالية. والتحق بالحزب الشيوعي العراقي أثناء دراسته الجامعية، وتعرض للتعذيب على يد الحكومة. وفي مطلع الستينيات عُيّن مفتشاً في وزارة التربية والتعليم، واضطُرّ إلى مغادرة العراق إلى إيران بعد اشتداد المنافسة بين القوميين والشيوعيين، الذين تعرضوا للملاحقة والمراقبة الصارمة من قِبل النظام الحاكم. وجرى اعتقاله وتعذيبه من قِبل المباحث الإيرانية (السافاك) وهو في طريقه إلى روسيا، قبل إعادته قسراً إلى الحكومة العراقية. وأصدرت محكمة عراقية حكماً بالإعدام بحقه بسبب إحدى قصائده، وخُفف فيما بعدُ إلى السجن المؤبد. وفي سجنه الصحراوي، واسمه “نقرة السلمان”، القريب من الحدود السعودية- العراقية، أمضى وراء القضبان مدة من الزمن ثم نُقل إلى سجن “الحلة”.
وهرب من السجن بحفر نفق، وتوارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ثم سافر إلى جنوب العراق وسكن “الأهوار”، وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالَي سنة.
وفي عام 1969 صدر عفو عن المعارضين، فرجع إلى سلك التعليم مرةً ثانيةً، وعمل مدرساً في إحدى المدارس. ثم غادر إلى بيروت ومنها إلى دمشق، وظل يسافر بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر به المقام أخيراً في دمشق.