نداء بوست- أخبار سورية- أنقرة
عاد تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري إلى الواجهة مجدداً بعد تصريحات رئيس حزب الوطن التركي دوغو برينجك، التي أكد فيها تلقيه اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية النظام فيصل المقداد، حول ذات الموضوع.
وقال برينجك: إن المقداد أبدى خلال الاتصال استعداد النظام للتطبيع مع تركيا دون قيد أو شرط، وتنفيذ عمليات مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني و”داعش”، والتعاون الأمني والاقتصادي، ومنح تركيا عقوداً اقتصادية وعقود إعادة إعمار في سورية.
سبق ذلك بأيام قليلة، تصريحات للمقداد زعم بها أن النظام السوري “لن يوافق على حوار مع تركيا قبل استيضاح أمور عدة، أولها الانسحاب التركي الكامل من سورية أو إبداء استعداد للانسحاب أو تحقيق انسحاب جزئي قبل الحوار”.
وفي هذا الإطار يقول الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو: إن النقاش يدور منذ أشهر في تركيا حول هذا الموضوع وخاصة بعد الكشف عن خطة تركية لإعادة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم.
وبعد سنوات من القطيعة بأشكالها الدبلوماسية والاقتصادية، يقول عودة أوغلو في حديث لـ”نداء بوست”: “ثمة نقاش عميق يدور حالياً في الأوساط الإعلامية وخلف الكواليس السياسية حول إعادة تطبيع العلاقات التركية مع النظام السوري في ظل التصريحات الإيجابية الأخيرة التي تصدر من أنقرة لتسوية كل خلافاتها الإقليمية”.
ويتزامن ذلك مع الجهود التي بذلتها وتبذلها تركيا لتحسين العلاقات مع الإمارات وإسرائيل وأرمينيا ومع السعودية ومصر.
وفي كل الأحوال -يضيف محدثنا- لم تكن العلاقات التركية مع النظام السوري منقطعة بالكامل على الأقل من الناحية الاستخباراتية المعلنة.
ومن وجهة نظر عودة أوغلو يجب التنويه هنا إلى نقطة مهمة، وهي أن تركيا ما زالت تنفرد بموقف صريح ومعلن يرفض بشكل قاطع أي حديث عن تطبيع العلاقات مع النظام، كما أن الموقف الرسمي التركي ما زال متمسكاً أيضا بالحل السياسي برعاية وإشراف الأمم المتحدة.
ويستدرك عودة أوغلو بالقول: “لكن هذا لا يمنع أن أنقرة بإستراتيجيتها العميقة تقرأ بوضوح أنه على الرغم من مرور 11 عاماً على الثورة السورية، فإن المجتمع الدولي نفسه ما زال أيضاً منقسماً بل وعاجزاً عن إيجاد حل نهائي للأزمة”.
وعليه، يبدو أن تركيا التي تحركت منذ مطلع العام الماضي، لفتح أبواب التواصل مع كل الدول الإقليمية التي كانت على خلاف معها على وقع المرحلة الاستثنائية التي تعيشها المنطقة من تحولات هيكلية وإستراتيجية، بدأت تستند على افتراض واقعي أن مصلحتها الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية وحتى مصلحة المنطقة برمتها تقتضي إعادة تطبيع علاقاتها مع النظام السوري.
وقد تكون مصلحة تركيا الأكبر هي بضمان عودة آمنة للاجئين السوريين الذين تستخدمهم المعارضة التركية كورقة ضغط ضد حزب العدالة والتنمية، الذي هو على أعتاب خوض انتخابات مصيرية في البلاد، لا سيما أن ورقة اللاجئين والدعم المالي لهم تعد من أخطر الأوراق التي تلعبها المعارضة لتأليب الشعب ضد الحزب الحاكم، وهو ما يدفعه إلى اتخاذ خطوات أكثر مرونة تجاه النظام السوري، وفقاً لعودة أوغلو.
تجدر الإشارة إلى أن نائب رئيس “حزب العدالة والتنمية”، نعمان كورتولموش، أكد في لقاء مع قناة “سي إن إن تورك“، اليوم السبت، أن عملية التطبيع مع النظام السوري “أمر صعب للغاية”.