لم يدّخر نظام بشار الأسد شيئاً في سعيه الوحشي للبقاء على في السلطة على مدار العَقْد الماضي مِنَ القتل باستخدام الأسلحة الكيماوية للمدنيين في البلدات وَهُمْ نيام وقصف المستشفيات والمدارس والمخابز إلى استخدام حصار التجويع المُستَمِرّ لسنوات واستخدام محارق الجثث لإخفاء القتل الجماعي لنزلاء السجون.
فعندما نزل الرجال والنساء والأطفال إلى الشوارع في ربيع عام 2011 للمطالبة بالإصلاح السياسي -ورفع العديد منهم الورود كرمز للسلام- وصفهم حينها الأسد بأنهم "جراثيم"، وبعد عشر سنوات، قتل ما لا يقل عن نصف مليون سوري، واختفى أكثر من 100000 شخص، ولا يزال أكثر من نصف السكان نازحين. لقد تّم جمع أدلة تنفع في مقاضاة النظام على ارتكابه لجرائم الحرب أكثر من تلك الأدلة التي تم تقديمها ضد النازيين في "نورمبرج".
ومع ذلك، وعلى الرغم من فداحة جرائم نظامه، فإن الأسد يجلس في دمشق اليوم بشكل أكثر راحة من أي وقت مضى منذ عام 2011. فالمجتمع الدولي مرهق حيناً وغير مُهتم في أحيان كثيرة، ولا يتخذ أي إجراء ملموس لحلّ الأزمة السورية المستمرة، ناهيك عن عدم قيامه بما يؤدي إلى أي نوع من العدالة أو المساءلة.
في الواقع، يبدو أن العالم يقبل تدريجياً بعودة الأسد إلى المجتمع الدولي- وبالتالي يساعد في تطبيع الفظائع التي ارتكبها نظامه. وقد اعترف وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد أنه في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، عندما ادّعى أن "إنجازات الحرب السورية على الإرهاب" هي بالضبط سبب تغيُّر "الأجواء السياسية الدولية" تجاه النظام مؤخراً.
وفي خطوة غير اعتيادية، على سبيل المثال، أعاد الإنتربول إضافة سورية إلى شبكاته في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر، مما زوّد نظام الأسد بالقدرة على إصدار مذكرات توقيف دولية (ما يُسمى بالنشرات الحمراء) لأول مرة منذ عام 2011، مما قد يضع مئات الآلاف من هؤلاء اللاجئين السوريين في الخارج في خطر محتمل.
إن منح نظامٍ الأحقية بـ "تجارة المخدرات" العابرة للدول التي تُقَدَّر بمليارات الدولارات بعد عقد من ارتكابه لجرائم الحرب سيُشَكّل إدانة قويّة لجهاز الإنتربول الدولي الذي يتحدث عن الأخلاق.
وكذلك كان قرار منظمة الصحة العالمية في أيار/ مايو بمنح النظام مقعداً في مجلس إدارتها على الرغم من سِجلّه الواسع والموثَّق في قصف المستشفيات وفرض حصار مميت وتقييد إيصال المساعدات وغير ذلك.
كما تبنَّت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن نهج عدم التدخل إلى حد كبير في التعامل مع سورية. وعلى الرغم من أن إدارة بايدن نفسها قد لا تُرحّب بعودة الأسد إلى الحظيرة بأذرع مفتوحة، فمن الواضح أنها تركت الباب مفتوحاً للآخرين للقيام بذلك، محطِّمةً الأعراف الدولية ومُكافِئةً مجرمي الحرب الأكثر شهرة في القرن الحادي والعشرين. حتى أن أحد المسؤولين، الذي تحدث -ولكن دون الكشف عن هويته- اعترف بأن إدارة بايدن لن تتصرف لمنع حلفاء الولايات المتحدة من الانخراط مع نظام الأسد والتطبيع معه.
فعلى الرغم من أن أحداً لم يتوقع من إدارة بايدن أن تضع سورية على رأس جدول أعمال سياستها الخارجية أو في مرتبة متقدمة من تلك الأولويات، إلا أن تركيزها المزدوج على حقوق الإنسان والحاجة إلى "دبلوماسية دؤوبة" بدلاً من الحرب التي لا نهاية لها قد أثار الآمال في أن سورية قد تحظى بفرصة من الدبلوماسية.
في الوقت الحالي، تتمثل المكونات الوحيدة الواضحة لسياسة إدارة بايدن في سورية في ضمان وصول المساعدات الإنسانية ومواجهة تنظيم الدولة الإسلامية. هذه مجالات مهمة بلا شك للعمل، وقد لعبت الدبلوماسية الأمريكية دوراً أساسياً في تأمين استمرار وصول المساعدات إلى شمال غرب سورية في تموز/ يوليو. لكن تقديم المساعدة ومحاربة الإرهاب ما هي إلا وسائل إسعاف أولية تعالج أعراض الأزمة السورية بينما تسمح للأسباب الجذرية -وعلى رأسها حكم الأسد الوحشي- بالتفاقم.
على الرغم من الضغط الكبير من الكونغرس والجماعات المُهتمة الأخرى، لم تُعين الإدارة مبعوثاً كبيراً ومخصصاً لسورية، وبدلاً من ذلك اختارت في شهر أيلول/ سبتمبر التخلص من هذا الدور تماماً وإدراجه في المسؤوليات الإقليمية الأوسع لنائب مساعد وزير الخارجية الجديد لشؤون الشرق الأدنى إيثان جولدريتش.
نظرياً، لا تزال الولايات المتحدة ملتزِمةً بالتوصل إلى تسوية سياسية تتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 لعام 2015، والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني وإلى مفاوضات بقيادة سورية وبتسهيل من الأمم المتحدة نحو تسوية سياسية تؤدي إلى" نظام حكم ذي مصداقية وشامل وغير طائفي"، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات وطنية حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة. لكن في غياب دَفْعة دبلوماسية أمريكية جادَّة، لن يحدث ذلك ببساطة.
تستمر الدبلوماسية في الأمم المتحدة، لكن لا يخفى على أحد أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية، الدبلوماسي النرويجي غير بيدرسون، عاجز فعلياً عن مهمته إذا لم تتولَّ الولايات المتحدة دوراً حازماً. فمن دون ذلك، فإن جهود بيدرسون التي لا تعرف الكلل لتحقيق ولو ما يشبه التقدم من قِبل اللجنة الدستورية السورية -التي أنشأتها الأمم المتحدة لتسهيل عملية "يملكها السوريون" للتفاوض على دستور وطني جديد- هي أكثر ما يمكن توقعه، وهذا لا يمثل حتى حالة إسعاف أولي.
و قد فسر حلفاء الولايات المتحدة هذا الافتقار إلى نهج أمريكي شامل وملموس بطرق مختلفة. ففي أوروبا، حفّز عدم وجود نهج أمريكي ابتعاد الأوروبيين عن سياسة خاصة تجاه سورية، وكان ذلك الابتعاد مدفوعاً جزئياً بالتعب ويضاف إليه عدم وجود دور أمريكي قيادي؛ لأن الحكومات الأوروبية اعتادت على الانقياد بمثل دور كهذا، كما أن الحكومات الأوروبية ليس لديها اهتمام كبير بالضغط من أجل تحقيق أهداف محددة. فقبل عدة أشهر، كان المسؤولون الأوروبيون ينتظرون بفارغ الصبر نتائج مراجعة إدارة بايدن للسياسة تجاه سورية والتي تم التبجُّح بها كثيراً، لكن اليوم، ينظر حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا إلى المراجعة المزعومة التي يُزعم أنها لا تزال جارية بنوع من السخرية، وبأنها سخيفة وتثير الضحك.
بالنسبة للحكومات في الشرق الأوسط، كانت الاستجابة مختلفة. فعندما وصلت إدارة بايدن إلى السلطة في كانون الثاني (يناير)، كانت المنطقة داعمة إلى حد كبير للقرار 2254، والحاجة إلى تسوية سياسية، والمطالب التي أعلنتها الولايات المتحدة بتغيير سلوكي من جانب النظام السوري (على عكس تغيير النظام) كانت شرطاً لإعادة العلاقات الدبلوماسية أو إعادة الإعمار الاقتصادي للنظام. وكانت الإمارات العربية المتحدة قد بدأت بالفعل في زيادة مشاركتها تدريجياً مع النظام السوري بحلول هذا الوقت، لكن ذلك لم يكن أكثر من مجرد خطاب.
لكن عندما زار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني واشنطن في تموز/ يوليو وسط تراجع الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، جاء بفكرة جديدة حول كيفية التعامل مع سورية: إذا كنت تريد حقاً رؤية تغيير سلوكي من نظام الأسد، كما اقترح عبد الله، فيجب علينا تحديد ماذا يعني ذلك؟ والبدء في عملية "خطوة بخطوة" من الاختبارات وتدابير بناء الثقة مع النظام للتأكد من استعداده للعمل بشكل بنّاء. واقترح إنشاء فريق عمل من الدول ذات التفكير المماثل، والجمع بين الحكومات الإقليمية مع أوروبا والولايات المتحدة، لتحديد النهج الأكثر فاعلية. وقد قُوبل الملك بتكرار روتيني للدعم الأمريكي للقرار 2254 ولكن لم يرفض صريحاً إعادة ارتباط إقليمي مرحلي مع دمشق.
وفي الأسابيع التي تلت ذلك، كانت التغييرات الناتجة دراماتيكية. فقد تم الانتهاء من اتفاق متعدد الأطراف لإحياء وتوسيع مشروع خط الغاز العربي (الذي كان يعمل لفترة وجيزة من 2008 إلى 2010) لنقل الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأراضي الأردنية والسورية. ووَفْقاً لتقارير، لعبت السفارة الأمريكية في بيروت دوراً رئيسياً في خلق مساحة للمفاوضات، وشجّعت الأطراف على المضي قدماً والإشارة إلى التنازل الفعلي عن العقوبات الأمريكية على نظام الأسد بموجب قانون "قيصر" لحماية المدنيين في سورية، والتي كان من الممكن أن تؤدي إلى حظر الصفقة.
منذ الإعلان عن صفقة الغاز، استضاف الأردن تدفُّقاً مستمراً من وزراء حكومة النظام السوري -للطاقة والنقل والموارد المائية والزراعة والإصلاح الزراعي والاقتصاد والتجارة والصناعة، والأهم من ذلك، وزير الدفاع المصنف دولياً علي أيوب في 3 تشرين الأول/ أكتوبر.
وقد تحدث عبد الله عَبْر الهاتف مع الأسد نفسه، وتحدث، وفقاً للديوان الملكي الأردني، عن العلاقة بين "الدول الشقيقة وسُبُل تعزيز التعاون".
وسط الجهود الدبلوماسية للأردن، حضر المقداد (المدرج حالياً على عقوبات المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي) الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/ سبتمبر وزاره سبعة وفود غير مسبوقة من الشرق الأوسط على مستوى الوزراء. في غضون ذلك، جددت الجزائر عزمها على ضمّ سورية مرة أخرى إلى جامعة الدول العربية في الوقت المناسب لاستضافة القمة العربية المقبلة في الجزائر في وقت لاحق في عام 2021.
كما جددت الإمارات العربية المتحدة انخراطها الاقتصادي مع دمشق: فقد دعت سورية للمشاركة في معرض دبي في تشرين الأول/ أكتوبر، وعقدت اجتماعات وزارية مع وزير الاقتصاد والتجارة السوري، نوقشت خلالها آفاق التعاون الاقتصادي والاستثمار مع المسؤولين الإماراتيين الذين أعلنوا عن رغبتهم في عودة سورية إلى وضعها السابق لعام 2011. كما تم وضع خطط لإحياء مجلس رجال الأعمال السوري الإماراتي.
حتى أن الإمارات العربية المتحدة هنَّأت علناً "قيادة وشعب" سورية في 5 تشرين الأول/ أكتوبر على دور البلاد في "حرب تشرين التحريرية" – المعروفة أيضاً باسم الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 أو حرب يوم الغفران، والتي لم يكن من الممكن وصفها بأي حال من الأحوال كانتصار للجانب العربي.
في حين أن هذه التحركات مدفوعة على وجه التحديد بالديناميكيات والقرارات الإقليمية، يبدو أن إدارة بايدن لم تزعجها، على الرغم من تأثيرها الضار على دعم الولايات المتحدة المعلن للتفويض التوجيهي الوحيد في العالم لسياسة سورية: القرار 2254. وهي تُصرّ على أنها لا تزال موالية للقرار 2254 والمبادئ العديدة المرتبطة به، وتستمر وزارة الخارجية في إعلان أن الولايات المتحدة "لن تطبع أو تطور علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأسد"، ولكن استعداد واشنطن لمعارضة أو منع حلفائها الإقليميين من القيام بذلك يتضاءل بشكل واضح.
لنأخذ مثالاً واحداً فقط: قرار التنازل بشكل أساسي عن عقوبات قانون "قيصر" التي تسمح بتنفيذ صفقة خط الغاز العربي. فقد تم إصدار قانون "قيصر" -رسمياً كقانون لحماية المدنيين السوريين لعام 2019- على اسم مصوِّر الشرطة العسكرية السورية الذي تم تحديده فقط بالاسم الرمزي "قيصر" الذي هرب، عندما انشقَّ في عام 2013 ، مع أكثر من 53000 صورة أظهرت، من بين أمور أخرى أهوال وصور سجناء تعرضوا للتجويع بوحشية وتعذيبهم حتى الموت في سجون النظام السوري.
كان الهدف من التشريع هو ليس فقط تمكين المساءلة، وحماية المدنيين، ولكن أيضاً منع الاستثمار الخارجي في سورية التي يسيطر عليها النظام، وبالتالي منع التطبيع مع الأسد. ولكن بعد 10 أشهر، لم يتمّ استخدامه من قِبل إدارة بايدن على الرغم من أجندة السياسة الخارجية التي نصت على أنها موجهة لحقوق الإنسان. والأسوأ من ذلك، قد يتم التنازل عن قانون "قيصر" للسماح بالتطورات التي تساعد على تسهيل التطبيع مع الأسد.
يبدو أن إستراتيجية عدم التدخل التي تتبعها إدارة بايدن إلى حد كبير -أو ربما بشكل أكثر صراحة- نهج ذو وجهين (لا يحبون التطبيع ولكن يرفضون منع القيام به، وفي بعض الأحيان، يسهّلون التطبيع مع الأسد) هو جزء من فلسفة أوسع لما أسميه: "الاستقرار المفوض" تجاه الشرق الأوسط، حيث تُمنح الدول المحلية إذناً ضمنياً لمحاولة حلّ القضايا الإقليمية الحادة بنفسها بأقل قدر من التدخل الأمريكي. على الرغم من أن النتائج قد تكون في كثير من الأحيان غير مستساغة، فإن هذا النهج من الناحية النظرية يمكّن إدارة بايدن من التركيز على القضايا التي تعتقد أنها ذات أهمية أكبر، مثل المنافسة مع الصين.
ومع ذلك، لا تترجم النظرية دائماً بشكل جيد إلى واقع. لن يؤدي التخلي عن الأسباب العميقة الجذور للأزمة السورية والسماح لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة بإعطاء الأولوية لمصالحهم الخاصة المباشِرة تِجاه سورية إلى الاستقرار. في مسارها الحالي ومع وجود الأسد على رأس دولة محطَّمة وفاسدة للغاية واقتصاد محطَّم، فإن مصير سورية ليس سوى البؤس. المستقبل يبدو مشرقاً فقط لنظام الأسد والشبكات الإجرامية والمنظمات الإرهابية.
والأسوأ من ذلك، أن إعادة الارتباط الإقليمي مع نظام الأسد يُشكل تهديداً جديداً لملايين السوريين الذين يعيشون كلاجئين في البلدان المجاورة. إن التقارير التي تفيد بأن المخابرات الأردنية تعتقل صحافيين سوريين في عمَّان، بالأردن، وتهددهم بترحيلهم بسبب تقارير انتقادية للنظام السوري، هي علامة مُقلقة للغاية لما قد يخبئه المستقبل.
في الوقت الحالي، تصرفت إدارة بايدن بشكل مثير للإعجاب في مجالين من أولوياتها في السياسة السورية: وصول المساعدات الإنسانية ومواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية". ومع ذلك، فإن استدامة كليهما موضع تساؤل متزايد طالما بقيت إستراتيجية أوسع وأكثر شمولية غائبة. مع تعاطي الدول الإقليمية مع نظام الأسد بمعدل غير مسبوق، فمن المؤكد أن احتمالية استعداد روسيا للسماح بالوصول عَبْر الحدود إلى شمال سورية ستتراجع.
وعلى الرغم من أن الحكومة الأمريكية كانت واضحة جداً في أنها لا تنوي سحب القوات الأمريكية من شمال شرق سورية، إلا أن الاقتصاد المُتردّي بشكل متزايد "للإدارة الذاتية" لقوات سورية الديمقراطية (SDF) يضع استدامة نشر القوات موضع تساؤل أيضاً. وفقاً لمصادر موثوقة تحدثت إليها، فإن البيروقراطية المتضخمة للإدارة الذاتية والاعتماد على الليرة السورية التي تم تخفيض قيمتها بشكل كبير قد يؤدي إلى إفلاسها في غضون عام. في ظل هذه الضغوط، قد تضطر قوات سورية الديمقراطية في النهاية إلى التنازل وإبرام صفقة مع دمشق – وهي صفقة كانت في ظل ظروف أقل سوءاً في عامَيْ 2018 و2019 بمثابة استسلام. باختصار، فإن النهج الأمريكي الحالي تجاه سورية غير مُتَّسِقٍ.
ففي حين أن الأردن قد يجني عائداً ضئيلاً من التجارة من خلال إعادة التعامل مع الأسد، فمن شِبه المؤكَّد أنه سيكون قصير الأجل ولن يؤدي إلى استقرار جنوب سورية أو إنعاش الاقتصاد الأردني المُتعثر. والأهم من ذلك أن ذلك لن يمنح الثقة لأكثر من مليون لاجئ سوري في الأردن للعودة إلى سورية. ويمكن قول الشيء نفسه بالنسبة لدول أخرى في المنطقة تزيد من تفاعُلها مع النظام السوري: من شِبه المؤكد أن تطلعاتها الدبلوماسية والجيوسياسية والمالية مُعدّة للفشل فيما الرابح الحقيقي الوحيد هنا هو الأسد.
إذا أراد الأردن وآخرون في المنطقة تبني نهج "خُطوة بخُطوة" تجاه سورية، فيجب أن تكون الولايات المتحدة جزءاً من تلك المعادلة، مما يوضح أن مثل هذه العملية يجب أن تسير في كِلا الاتجاهين. إذا كانت إدارة بايدن لا تزال متمسكة بمواقفها العامة، فيجب أن تبدأ بترجمة كلماتها إلى إجراءات واضحة وحاسمة. اعتباراً من الآن، يبدو أن الأسد يرحب بإعادة المشاركة، وآفَاق الاستثمار، والتطبيع الدبلوماسي بينما لا يُقدّم شيئاً على الإطلاق في المقابل. كما أن صَمْت واشنطن والعواصم الأوروبية على هذه التطوُّرات أمر مُريع حقّاً.