المصدر: ذا ميديا لاين
بقلم: دانيال سونفيلد
ترجمة: عبد الحميد فحام
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان: إن طائرات إسرائيلية نفّذت، أمس الإثنين، هجمات على أهداف عسكرية تابعة لنظام الأسد وحلفائه، أسفرت الهجمات عن أضرار مادية لكن لم يتم تسجيل وقوع إصابات.
وجاء القصف بعد عدة هجمات على أهداف مرتبطة بالنظام السوري في الأسابيع الأخيرة، اتُّهمت إسرائيل بارتكابها، ولعل أبرزها وفاة مسؤول سوري الأسبوع الماضي، ونُسبت الحادثة أيضاً إلى إسرائيل. مدحت صالح، عضو سابق في البرلمان السوري ورئيس مكتب شؤون مرتفعات الجولان السورية، قُتل برصاص قناص إسرائيلي في 16 تشرين الأول/ أكتوبر في قرية سورية على الحدود مع إسرائيل. وُلد صالح في "مجدل شمس"، وهي قرية درزية في مرتفعات الجولان المتنازع عليها على الجانب الإسرائيلي من الحدود، وقضى سابقاً 12 عاماً في سجن إسرائيلي بعد إدانته بالعمل ضد قوات الأمن الإسرائيلية، وغادر إلى سورية بعد إطلاق سراحه من السجن عام 1998، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل اعتبرت صالح الوسيط بين نظام الأسد وإيران وحزب الله والميليشيات المدعومة من إيران في الجولان السوري، مما يساعد على ترسيخ إيران على حدود إسرائيل.
وألقت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) باللوم على إسرائيل في مقتل المسؤول بينما لم يعلّق لا الجيش الإسرائيلي ولا السياسيون. وبالرغم أن روسيا حليف وثيق لرئيس النظام السوري بشار الأسد ولها وجود عسكري في البلاد، إلا أنها تجاهلت موسكو الهجمات الإسرائيلية المزعومة على أهداف النظام. وعلى خلفية هذه الهجمات المتكررة، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في "سوتشي" يوم الجمعة، وقال وزير الحكومة الإسرائيلية زئيف إلكين، الذي كان حاضراً في الاجتماع كما كان في جميع الاجتماعات بين القادة الإسرائيليين وبوتين في العقد الماضي حيث عمل أيضاً كمترجم: إن الاجتماع كان دافئاً بشكل استثنائي. وبحسب إلكين، اتفق الزعيمان على استمرار سياسة إسرائيل تجاه سورية، بما في ذلك غاراتها الجوية على أهداف في البلاد. وقد قال زفي ماغن، السفير الإسرائيلي السابق في موسكو وزميل باحث كبير في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، لموقع (ذا ميديا لاين): إن "إسرائيل تعمل حصرياً ضد أهداف إيرانية وإيران في سورية".
وقال: إن "إيران تستعد لصدام مع إسرائيل وتبني بنيتها التحتية وتقوم بتسليح حزب الله ولذا فإن إسرائيل تعمل ضد ذلك". ولطالما تم التنسيق بين روسيا وإسرائيل في هذا الشأن، بينما تتعاون موسكو أيضاً مع طهران في سورية. وكما يقول ماغن: "هناك تطوران أخيران يجعلان دعم روسيا الهادئ للهجمات الإسرائيلية المزعومة على جيش الأسد والمسؤولين أمراً مفهوماً، ففي الآونة الأخيرة، كان هناك بعض التوتر في سورية؛ لأن إيران ترغب في طرد الآخرين [روسيا وتركيا] وتبقى وحدها لتسيطر على سورية"، وأضاف بنبرة مستهزئة: "من المرجح أن الروس ليسوا مُغرمين بإيران". ولم تكن الأهداف الأخيرة في سورية مرتبطة بالأسد فحسب، بل كانت مرتبطة أيضاً بإيران ووكيلها، حزب الله.
ويوضح ماغن أيضاً أنه يتم بذل جهد أكبر للوصول إلى تسوية في سورية من شأنها أن تسمح للدولة التي مزقتها الحرب لملمة جراحها والبدء في إعادة البناء. هذا الجهد، الذي يمكن لإسرائيل أن تكون شريكاً فيه، شجعه ليس فقط الروس، ولكن الولايات المتحدة وأجزاء من العالم العربي شجّعوا ذلك أيضاً. وأوضح ماغن أن "هذا يستلزم طرد القوات الأجنبية من سورية"، ولكن الجهود الإيرانية في ترسيخ تواجدها في البلاد يناقض هذه الجهود. ربما تكون الهجمات الإسرائيلية على الأسد ملائمة لروسيا ليس فقط لأنها تحدّ من الجشع الإيراني على حساب ما يسمى بشركائها في تحقيق الاستقرار في سورية، ولكن أيضاً لأنها تضع الأساس لتسوية مستقبلية للبلاد.
ويسلط الدكتور جوشوا كراسنا، زميل أقدم في برنامج الشرق الأوسط التابع لمعهد أبحاث السياسة الخارجية، الضوء على مصلحتين روسيتين قد تكونان وراء موقفها تجاه الهجمات الإسرائيلية: تحصين موقف نظام الأسد والحفاظ على علاقات موسكو الطيبة مع إسرائيل. ويضيف أن هذين العاملين يتطابقان. وقال كراسنا لموقع (ذا ميديا لاين): إن "وضع النظام السوري بشكل عامّ في تحسن"، مشيراً إلى تحسين العلاقات مع الدول العربية الأخرى كمثال. لكن الوجود الإيراني في سورية هو مصدر عدم استقرار، ليس أقله بسبب معارضة إسرائيل النشطة له.
ويمكن أن يؤثر التصعيد بين إسرائيل والأسد أو حلفائه الإيرانيين بشكل كبير على محاولات تحقيق الاستقرار في البلاد. وأوضح كراسنا أن العمل ضد الوجود الإيراني في سورية كان بمثابة مبرر لتحسين علاقاتها مع نظام الأسد. ومع ذلك، يقول: "أعتقد أن الروس يعرفون أفضل بكثير من الإسرائيليين أنه لا توجد طريقة حقيقية للإطاحة بإيران في إطار زمني قصير أو متوسط". ويشرح كراسنا أن إيران ووكلاءها متأصلون بعمق في مسألة بقاء نظام الأسد. فإزالتها بسرعة يمكن أن تضر بمكانة النظام. ومع ذلك، فإن العمل على تقييدها وتقليل نفوذها تدريجياً يمكن أن يكون طريقاً نافعاً يمكن التقدم خلاله، ويمكن أن تخدمه أفعال إسرائيل. إن قدرة إسرائيل على تعطيل عمل إيران ووكلائها في سورية ليست السبب الوحيد للاستعداد الروسي للتنسيق مع إسرائيل. فقد قال كراسنا: "العلاقات الجيدة مع إسرائيل ميزة" للروس، كما أن إبقاء مصالح إسرائيل ومخاوفها في الذهن وتسوية الخلافات خلف الأبواب المغلقة يعملان على الحفاظ على تلك العلاقات.