7 أسباب لعدم تدخُّل إيران إلى جانب حماس في الحرب ضد إسرائيل
ناقشت صحيفة "فورين بوليسي" الأمريكية الأسباب التي دفعت إيران إلى تجنب التدخل إلى جانب حركة حماس في حربها ضد إسرائيل.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمه "نداء بوست": إنه منذ بداية الحرب في غزة تم النظر إليها على أنها قد تكون مؤشراً لنشوب نزاع مباشر بين إيران وإسرائيل.
كما رحب المتشددون الإيرانيون بتدخُّل بلادهم المباشر بالحرب، حيث كتب مسؤولون رسالة إلى المرشد الأعلى في إيران في محاولة لإقناعه بالانخراط في الصراع مع إسرائيل نيابة عن حماس.
ومع ذلك، فإن احتمال نشوب حرب إقليمية موسعة منخفض للغاية، وتقول الصحيفة: إنه على الرغم من الشعارات التي يرددها المتشددون الإيرانيون، إلا أن واقع التفكير الإستراتيجي لإيران أكثر حذراً.
وفقاً للصحيفة هناك على الأقل سبعة أسباب تجعل من المحتمَل أن تتجنّب طهران بَدْء حرب مع إسرائيل نيابة عن حماس.
نقمة المجتمع الإيراني على النظام السياسي في البلاد
من المؤكد أن الحكومة في إيران غير قادرة على حشد المجتمع الإيراني للمشاركة في حرب جديدة كما فعلت خلال الحرب مع العراق في الثمانينيات، فقد كانت تعبئة الحشود المستمرة، من بين عوامل أخرى، أحد العوامل التي قاومت الجيش العراقي وأجبرت بغداد على الانسحاب من الأراضي الإيرانية.
ومع ذلك، بعد عقود عدة، انخفض دعم المجتمع الإيراني للنظام السياسي بشكل كبير، كما تزايد الاستياء بين الشباب والطبقة المتوسطة من سكان المدن عقب احتجاجات العام الماضي، إلى جانب الأزمة الاقتصادية الناجمة جزئياً عن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة.
الخشية من التورُّط في حرب مع الولايات المتحدة
حذّر الفصيل المعتدل في الحكومة الإيرانية من التدخل المباشر لإيران في الحرب، وبالفعل فقد أدت الحرب في غزة إلى تعميق الانقسامات السياسية في طهران.
في تقييم التهديد الذي يقوم به المتشددون الإيرانيون، يتم ربط تدمير حماس تلقائياً بالانهيار اللاحق لحزب الله وفي نهاية المطاف هجوم عسكري على إيران، ولهذا السبب يدعمون استهداف القواعد الأمريكية في العراق وسورية من قِبل وكلاء إيران.
وتتناقض هذه الرؤية بشكل صارخ مع رؤية المسؤولين المعتدلين، وخاصة ظريف، الذي حذر باستمرار من العواقب المدمرة لتورُّط إيران المحتمل في حرب مع الولايات المتحدة.
ووفقاً لظريف، فإنه إذا اتخذت إيران موقفاً أكثر تطرُّفاً بشأن غزة، فقد يؤدي ذلك إلى إشعال نزاع دموي مع الولايات المتحدة، وهو ما سترحب به إسرائيل.
وعلى الرغم من تهميشه من قِبل حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إلا أنه لا يزال ظريف يحتفظ بتأثير كبير بين النخب السياسية في إيران وحتى داخل المجتمع الإيراني نفسه.
فرصة غير مواتية
لا يغير الفشل الظاهري لإسرائيل في ردع هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من حسابات طهران الإستراتيجية تجاه إسرائيل، فعلى الرغم من اعتماد إسرائيل على تكنولوجيا الدفاع عالية التقنية مثل نظام الدفاع الصاروخي المسمى بـ"القبة الحديدية"، فقد ألحقت حماس ضربة عسكرية واستخباراتية كبيرة بها، مما يؤدي إلى تحطيم سياسة تل أبيب القائمة على الردع.
ولكن ذلك لا يغير منظور إيران تجاه إسرائيل أو ديناميكيات القوة في المنطقة، فعلى الرغم من أن عملية حماس أحدثت قلقاً في إستراتيجية الردع الموثوقة التي طالما عمل عليها وتغنى بها الإسرائيليون، إلا أنها لا توفر لإيران الفرصة لتحدي إسرائيل باستخدام القوة الصاروخية. على العكس قد تعتقد إيران أن إسرائيل تشعر أن إعادة إقامة الردع هو أولوية وُجوديّة تستحق المخاطرة العسكرية أو السياسية الاستثنائية من أجلها.
طبيعة التحالف مع حماس
ترى الصحيفة أنه على عكس الاعتقاد السائد، لا تُعتبر حماس وحتى حزب الله وكلاء لإيران؛ بل من الأدق النظر إليهم كحلفاء غير دوليين لإيران.
وتضيف أنه لا توجد علاقة توجيهية من الأعلى إلى الأسفل بين طهران وحماس، وحتى مع توافُق حماس مع إيران في أفعالها، فقد تختلفان في النهج، كما حدث بشكل واضح خلال الثورة السورية عندما دعمت حماس المتظاهرين المناهضين للأسد.
كما أشارت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية إلى أن كبار المسؤولين الإيرانيين لم يكونوا على علم بعملية حماس، ففي منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، ذكرت وكالة رويترز أن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أخبر إسماعيل هنية، رئيس حماس، أن الحكومة الإيرانية لم تكن تعلم بالهجوم على إسرائيل، وبالتالي لن تدخل الحرب نيابة عن الحركة.
موقف روسيا والصين
لم يعلن الشركاء الإستراتيجيون لإيران في موسكو وبكين دعمهم الكامل لحماس، بينما سعت إيران إلى التوافق مع الصين وروسيا في إطار سياستها "النظر شرقاً" وستتجنب إفساد علاقاتها مع تلك الدول.
في الواقع، تتبع طهران في غزة سياسة مماثلة لتلك التي اتبعتها بعد مراقبتها لنهج الانتظار والترقب "الصيني- الروسي" تجاه استيلاء طالبان على كابول قبل عامين.
الهدف بالنسبة لإيران هو تجنُّب العزلة في الأزمات الدولية الكبرى.
موقف الدول العربية
يوجد اعتقاد عميق بين صانعي القرار المؤثرين في إيران بأن المشيخة العربية في دول الخليج سترحب بحرب واسعة النطاق بين إيران وإسرائيل.
قد تأمل إيران أن تقطع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل نتيجة لحرب أوسع، ولكن هذا غير مرجَّح، فالرأي العامّ العربي ليس له تأثير كبير على سياسات دولهم الخارجية.
كما يعتبر الزعماء العرب حماس منذ فترة طويلة وكيلاً إيرانياً مزعزعاً يسعدهم رؤية إسرائيل تُفكّكه نهائياً.
موقف خامنئي
إن العامل الأكثر أهمية الذي يؤثر على تردُّد إيران في الانخراط في الحرب هو وجهة نظر خامنئي الخاصة تجاه الصراعات الإقليمية.
على عكس الرأي السائد في الغرب، يتعامل المرشد الأعلى لإيران مع استجابات الصراعات الإقليمية من منظور واقعي بدلاً من منظور أيديولوجي.
كونه شغل منصب رئيس الجمهورية خلال الحرب المدمرة مع العراق، فهو على دراية تامة بعواقب الحرب، وخاصة مع الولايات المتحدة.
أدى هذا الوعي إلى اختيار إيران لاستجابة محددة نسبياً عقب اغتيال الولايات المتحدة للجنرال قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس.
إن هذا السلوك يتوافق مع إستراتيجيته العامة في التعامل مع الأزمات الإقليمية، فقبل أكثر من عقدين، عندما قُتل دبلوماسيون إيرانيون في شمال أفغانستان على يد الإمارة الطالبانية الأولى وكان الرأي العام في إيران يميل بشدة نحو تدخُّل كبير، ساعد خامنئي وحسن روحاني، رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي في ذلك الوقت في منع التصعيد.
حرب غزة فرصة لتعزيز قدرات إيران النووية
تفسر الأسباب المترابطة السبعة السابقة تردُّد إيران في الانخراط في الحرب نيابة عن حماس، ومع ذلك قد تُسرّع الحرب في غزة من برنامج إيران النووي، فهناك أصوات قوية في إيران -وخاصة في معسكر المتشددين- تقول بأن أهم أداة لإيران لمنع تدمير حماس تتوقف على قرارها بالسعي الكامل لامتلاك القدرات النووية.
يعتقدون أن الورقة الرابحة لإيران تكمن في تهديدها بتطوير أسلحة نووية، مظهرةً دعماً حيوياً لحلفائها، مشابهة لدعمها السابق لحكومة الأسد في سورية.
وقد اكتسب هذا التفكير زخماً كبيراً عندما دعا وزير التراث الإسرائيلي القومي اليميني أميخاي إلياهو إلى إلقاء "نوع من القنبلة الذرية" على قطاع غزة "لقتل الجميع" كـ "خيار".
لا يعني أي من هذا أن إيران على استعداد للتخلي عن حماس، الأصل الإستراتيجي لها في غزة.
وبدلاً من الوقوف مكتوفي الأيدي، من المرجح أن تواصل طهران ممارسة الضغط على كل من إسرائيل والولايات المتحدة - من خلال حزب الله ووكلائها في العراق وسورية، دون تصعيد النزاع إلى حرب إقليمية شاملة.