جسور يناقش حالة النفوذ الروسي في سورية بعد 8 سنوات من التدخل العسكري

جسور يناقش حالة النفوذ الروسي في سورية بعد 8 سنوات من التدخل العسكري

 

أصدر مركز "جسور" للدراسات تقريراً تحليلياً حول حالة النفوذ الروسي في سورية بعد 8 سنوات من التدخل العسكري.

وناقش التقرير تراجع أولوية سورية بالنسبة لروسيا في سياستها الخارجية بسبب الانشغال في حرب أوكرانيا وانعكاسها على العديد من القضايا في سورية.

وبحسب التقرير تُعتبر روسيا مؤثراً كبيراً في عدد من القضايا في سورية مثل وقف إطلاق النار والعملية السياسية والعلاقة مع القوى الخارجية ومسارات التطبيع مع النظام السوري.

ووفقاً للتقرير اعتمدت روسيا لدعم حملتها العسكرية التي بدأت في 29 أيلول/ سبتمبر 2015 على العديد من الأُسُس الدعائية؛ كشرعية التدخُّل الذي جاء من حكومة معترَف بها، ومكافحة الإرهاب واستعراض القوة المفرطة وما تحتويه من أسلحة متطوّرة.

أهداف روسيا في سورية

وتطرق التقرير إلى الأهداف الاستراتيجية التي دفعت روسيا للتدخل في سورية وكان أبرزها إعادة سيطرة النظام وسيادته على كامل أراضي البلاد، إضافة لإعادة رسم العلاقات الدبلوماسية في الشرق الأوسط.

كما سلط التقرير الضوء على اعتراض مساعي روسيا الوجود الأجنبي لكل من الولايات المتحدة وتركيا منذ سقوط حلب واضطرار موسكو إلى حصر مناطق الاشتباك وتوقيع مذكرة خفض التصعيد 2017 مع تركيا والولايات المتحدة.

ونوه التقرير إلى أنه رغم ما حققه هذا التكتيك من استعادة النظام السيطرة على مناطق جنوب سورية ووسطها وقضم أخرى شمال البلاد، لكنه توقّف عند حدّ بات فيه أي تقدُّم عسكري سيقود إلى الاصطدام مع القوات التركية شمالاً والقوات الأمريكية شرقاً.

مذكرة موسكو

وبيّن التقرير أن عمليات القضم العسكري توقفت بعد توقيع مذكرة موسكو 2020 بين تركيا وروسيا، التي حاولت بعدها إحداث اختراق سياسي يؤدي لاستعادة سيادة النظام واستمرارها على كامل البلاد عَبْر الدبلوماسية؛ حيث استكملت وركّزت جهودها لفكّ العزلة الدولية عنه.

كما أشار التقرير إلى أن روسيا رعت ودعمت مسارَي التطبيع العربي والتركي معه. رغم التقدُّم الكبير الذي تم تحقيقه في هذا الصدد خلال عام 2022.

لكن سرعان ما بدأت العلاقات مع النظام عام 2023 تشهد تراجُعاً ملحوظاً ومؤثّراً، وبقيت -بالنتيجة- مناطق شرق البلاد وشمالها خارج سيطرته وتراجعت سيادته على مناطق أخرى جنوباً بحسب التقرير.

وتطرق التقرير إلى أسباب دفعت روسيا لمحاولة كسر الحواجز الميدانية في سورية والتي صنعتها أمريكا وتركيا وإيران، ومنها عدم التوازن العسكري مع تلك القوى فضلاً عن إصرار كل منها على الحفاظ على نفوذها في ظل غياب أي أُفُق لحل سياسي شامل للمسألة السورية.

ويرى التقرير أن روسيا تحاول حالياً الاستمرار في خفض الأعمال القتالية إلى الحدود الدنيا مع خصومها وشركائها في سورية، مع استمرار استثمار نفوذها السياسي المدعوم بقوتها العسكرية وتوظيفه لضمان تحقيق أهدافها الإستراتيجية.

ونتيجة التدخّل العسكري في سورية لفت التقرير إلى أن روسيا تحكمت بشكل مطلق بالجوانب العملياتية المتعلقة باتخاذ القرار الذي يقضي بشنّ معركة من عدمه وتأمين التغطية الجوية لها، والإمساك بالقرار العسكري للقوات سواء من ناحية التنظيم أم التدريب.

وعزا التقرير السبب إلى عدم الاعتماد على الوحدات العسكرية التقليدية خلال العمليات العسكرية شمال البلاد عام 2020، مقابل اللجوء للوحدات العسكرية التي أنشأتها روسيا وقامت بتدريبها وتسليحها باستمرار مثل الفرقة 25 والفيلق الرابع والفيلق الخامس؛ حيث توكل قاعدة حميميم المهامّ لتلك الوحدات وتخطط لها وتشرف عليها.

وناقش التقرير تأثير الحرب الأوكرانية على القوة العسكرية الروسية بما فيها التكنولوجيا العسكرية، وتعرضها لمزيد من التآكُل، مما أثّر على صورتها التي رسمتها في منطقة الشرق الأوسط حول دورها في المنطقة.

كما أن النفوذ الروسي في سورية شهد تراجعاً محدوداً لحساب إيران التي ملأت الفراغ الناجم عن استثمار روسيا لكوادرها العسكرية التي درّبتها في سورية ونقلتها إلى جبهات أوكرانيا وفقاً لما ذكره التقرير.

وخلص التقرير إلى أن حالة النفوذ الروسي في سورية تشهد تراجُعاً مستمراً، وأخفقت روسيا أيضاً قبل شن حربها على أوكرانيا في تحويل الإنجازات العسكرية والميدانية إلى مكاسب اقتصادية وسياسية نتيجة موقف الدول الغربية.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد