هل سيُتوفَّى "علي بابا" قبل أن يُتم عامه الخامس والعشرين؟

هل سيُتوفَّى "علي بابا" قبل أن يُتم عامه الخامس والعشرين؟

نداء بوست- خالد تركاوي

منذ أن ضرب فيروس "كورونا-كوفيد19" العالم مطلع 2020، راحت التجارة الدولية تتعرض لأزمات غير مسبوقة، حيث تعطلت سلاسل التوريد، وأصبح سعر الوقود متقلباً، وبدأت أسعار العملات تتأرجح على نحو غير متوقع ولا يمكن التنبؤ به، مما أضعف عمليات التخطيط وهدد الأعمال المحلية والدولية.

منذ ذلك الحين؛ تضاعفت تكاليف الشحن عدة مرات، وأصبحت قدرة المستوردين على تنويع مصادر سلعهم أقل مرونة، وما إن مدّ العالم رأسه من جائحة كورونا حتى راحت أسعار النفط تتضاعف بشكل جنوني، ومن ثم بدأت الحرب "الروسية-الأوكرانية" التي دمرت أي جهود يتم العمل عليها في سبيل استعادة الوضع السابق.

تعد الصين تاجراً رئيسياً على مستوى العالم، بل في الحقيقة هي التاجر الأول للسلع على مستوى العالم، ففي عام 2021 بلغت حصة الصين من الصادرات لدول العالم حوالي 15%، وأتت الولايات المتحدة الأمريكية ثانياً بفارق كبير هو 8%، ثم ألمانيا بـ 7.3%. في الحقيقة؛ تمتلك الصين إمكانيات لا يمتلكها الآخرون، فهي تحوي أكبر كتلة سكانية في العالم، وتعد الأجور فيها من أخفض الأجور، وعلاوة على ذلك؛ تمتلك الصين سعرَ صرفٍ منخفضاً يشجع عمليات التصدير. يرى منافسو الصين الدوليون في العالم الغربي أنه يستخدم ميزات تنافسية غير عادلة، مما يجعل سعر المنتج منخفضاً للغاية مقارنة بمنتجاتهم.

إلى جانب الجهاز الإنتاجي، تمتلك الصين أدوات لوجستية ورقمية للترويج لسلعها، ويعد موقع علي بابا أحد أبرز هذه الأدوات، بموارد قدرها 140 مليار دولار أمريكي، وأرباح تصل إلى 50 ملياراً، ويعتبر "علي بابا" واجهة حقيقة للتجارة الخارجية الصينية، ويعبر بشكل أو بآخر عن مستوى الرواج.

يبلغ موقع علي بابا من العمر حوالَيْ 24 عاماً، حيث تأسس في 1999، وقد بلغت القيمة السوقية للسهم في 2019 مبلغاً وقدره 185 دولاراً أمريكياً، وارتفعت مع مطلع 2020 -أي في خضم جائحة كورونا التي رفعت من قِيَم شركات التجارة الإلكترونية- ارتفعت القيمة إلى أكثر من 300 دولار، ومنذ ذلك الحين نرى أنها راحت تتراجع لتعود أقل من 70 دولاراً مع أواخر 2020، حيث يواجه الموقع صعوبات عديدة أبرزها الحرب "الأمريكية-الصينية"، وكذلك يواجه الموقع مشاكل أخرى تتعلق بفقدان جزء من قدراته على تقديم السلعة الصينية بسعر منخفض لأسباب تتعلق بالتجارة الصينية ذاتها، حيث إن تكلفة الشحن والقيود التي باتت تفرض على السلع الصينية أصبحت متزايدة.

تواجه السلع الصينية تحدِّيَات ضخمة؛ تتعلق بقدرتها على الاحتفاظ بالميزة التنافسية التي تمتلكها، ألا وهي السعر المنخفض، وذلك على خلفية القيود الجمركية المتزايدة من الدول الغربية، وبقاء سعر الوقود مرتفعاً، إضافة إلى ارتفاع كلفة التأمين على السلع بسبب الحروب، وأيضاً الارتفاع الكبير في كلف الشحن والقيود الصحية المعدلة على السلع الصينية بعد جائحة كورونا.

لقد أدركت الدول الغربية كثيراً من الحقائق، حيث إن الاعتماد الغربي على الغاز الروسي كلفها الكثير، فاستخدمت موارد الغاز من قبل روسيا في حرب خاضتها ضد زبائنها، كما تدرك هذه الدول أن الصين تحارب بأسلحة أخرى، حيث تتهمها بالتجسس على الشركات والمؤسسات الغربية، وبسرقة التصاميم وغيرها من المسائل التي تصل لمستوى تهديد الأمن القومي.

تتجه الدول الغربية للاعتماد على نفسها أكثر في المستقبل، وفرض قيود أكبر على الصين، ولعل التجارة في هذه الحالة ستصبح أصعب من أي وقت على مستوى "الصين-الغرب"، ويتوقع أن تستمر كلف الشحن بالارتفاع كما يتوقع أن تزداد القيود على الشركات والسلع الصينية، مما يهدد كثيراً من المؤسسات والسلع القادمة من الصين.

قد يُتوفى علي بابا خلال فترة زمنية قصيرة، وبرأيي أن عامه الخامس والعشرين سيكون هو عام ذروة الشباب، والتي سيبدأ بعدها بالانحناء أكثر ليتجه لحالة من المرض التي تسبق الموت.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد