زلزال ملالي إيران مِن صُنْع أيديهم

زلزال ملالي إيران مِن صُنْع أيديهم

زلزال ملالي إيران من صنع أيديهم

في كتابه "الثكنة تُمَرحِلُ أهدافها"، رأى الأكاديمي الفلسطيني الياس شوفاني إسرائيل كدور استعماري حديث تنفذه ثكنة عسكرية متقدّمة في منطقتنا الحسّاسة، وتنجز أهدافها على مراحل. ولو قُيِّض للشوفاني أن يكتب عن "جمهورية ملالي إيران" لاختار العنوان ذاته والدور ذاته، ولكن بأدوات مختلفة. وكما الغرب أحياناً سعى إلى "حماية إسرائيل من نفسها" -كما كتب "كيسنجر" يوماً- هناك مَن هاجسه الآن حماية دور الملالي من أنفسهم عبر ضبط سلوكهم على صعيد خارجي؛ تماماً كما يُطلب من نظام الأسد أن "يُغيّر سلوكه"؛ ولكن الملالي ربما خرجوا عن المرسوم بأشواط، ولا بُدّ من ضبط الإيقاع أو إنهاء الدور.

منذ نشأت جمهوريتهم، دأب ملالي إيران على ربط البُعد الخارجي لمشروعهم بوضعهم الداخلي؛ فكانت متانة الداخل معتمدة على النجاح في الخارج؛ وسعوا قصارى جهدهم ألّا ينعكس فشل مشروعهم في الخارج على الداخل. ومِن هنا، تباهَوْا علنياً بالسيطرة على أربع عواصم عربية.

زلزال ملالي إيران من صنع أيديهم

من جانب آخر، يتضح أن ارتدادات الخارج السلبية تجد ترجمتها في الداخل الإيراني المنخور وتفاقمه؛ إلا أن الملالي لا زالوا يتوهمون أن هذه الرضوض والكسور في الأذرع الخارجية للمشروع تبقى ضرباً في الريش، ولا تصل إلى القلب، مع أن المشروع برُمَّته أضحى في خطر حقيقي.

لبنان، سويسرا الشرق، ورئته الثقافية، وانفتاحه على كل بوابات العالم، يتحول إلى حوزة للملالي، وفرع أمني أسدي؛ يخنقه الرعب والفقر وسطوة حزب حسن نصرالله الذي يأخذ تعليماته وتغذيته المادية والدموية والكبتاغونية من طهران مباشرةً. وكلما تخبّط المركز، كلما اهتزّ كيانه. وكذبة "حسن نصرالله" في "المقاومة" لم تَعُدْ تنطلي على أحد. واهتزاز هذا الذراع القريب من القدس وإسرائيل، ضربة في الصميم للملالي. وعدم وجود رئيس أو وزارة في لبنان ليست إلا تفاصيل عقابيل حال ملالي فارس.

العراق ليس بأحسن حالاً؛ فالملالي يمتصّون عافيته ويدمرونه اجتماعياً وسياسياً؛ ولكن صحوته قادمة لا محالة؛ ربما من خلال تصفية حسابات "أمريكية-إيرانية"، بحكم خلاف المجرمين واللصوص. أما الحوثيون فبطريقهم إلى خارج الزمن، ما يجعل أسيادهم الملالي بلا ذراع في تلك المنطقة. أيضاً "حماس"، التي أخذ منها قادة طهران بندقية أجرة لاستفزاز إسرائيل، وعلى حساب الدم الفلسطيني؛ فليست بخير، وهي لا بدّ خارجة من يدهم بفعلٍ فلسطينيٍ قادم.

شاهد أيضا: “الانهيار العمودي”.. كيف أثّرت الأبنية الرخوة على رفع عدد ضحايا الزلزال؟

زلزال ملالي إيران من صُنْع أيديهم

وتبقى جوهرة تاج الملالي، منظومة الاستبداد في دمشق، حيث تكبّلها قوانين قيصر والكبتاغون والكيماوي؛ ويأتي الزلزال ليكشف عريها وإجرامها وانفصامها عن سورية وأهلها. حتى عندما تكون تلك المنظومة على آخِر أنفاسها، يهب الملالي ليسبقوها إلى لقاء مع تركيا رغماً عن بوتين عرّاب المصالحة، ورغماً عن أردوغان، ودون أي اعتبار للمنظومة. ومبدأ الملالي ها هنا: "ألعبُ أو أخرِّب". وبذا يربطون مصير كل تلك الأذرع بمصيرهم؛ والكل يقترب من الهاوية. على أية حال، يكفي الملالي قلقاً الآن، أن أي مبادرة لإيجاد حلّ لقضية مستعصية كالقضية السورية، تشرط قطع الذراع الإيراني من سورية.

تجاه هذه المخاطر الإستراتيجية الداهمة على المشروع، يعود الملالي إلى تفعيل سلاح التكتيك في مسعى لتحويله إلى إستراتيجية. وعلى رأس تلك الأفعال "المخدرات"، وتحديداً في سورية درة تاجهم. ولصدمتهم، كانت نتيجة ذلك صدور "قانون الكبتاغون" الذي حرق رأس ذراعهم في سورية. ثم أتى سلاح الإرهاب؛ ففي البادية السورية تحرك ميليشياتها من زينبيين وفاطميين تحت يافطة "داعش"، التي تستضيف زعيمها "سيف العدل"، وتذبح المئات من بسطاء السوريين. ذلك كان مكشوفاً تماماً، رغم محاولة الملالي زجَّ "داعش" كفاعل. وفي "الزلزال"، يقنع الملالي الأسد، بأن الكارثة الطبيعية هذه، فرصةٌ لتعويمه ورفع العقوبات والتسوّل؛ لأنها تصبّ في خزائنهم.

زلزال ملالي إيران مِن صنع أيديهم

والآن وبحكم اختلاط التكتيكي بالإستراتيجي، إيران الملالي في ورطة في كل مكان وبكل شيء: في أوكرانيا- في أربع دول عربية- في تجارة المخدرات- في النووي- في العقوبات- مع ملك الكبتاغون وصعوبة ضبطه و-مع إسرائيل وصفعاتها المتتالية.

الآن، ملالي إيران يستشعرون كل تلك الاهتزازات، وخاصة انعكاساتها ومفاعيلها في الداخل الإيراني الذي يغلي بمظاهرات شعبية ترفض الفساد والتسلُّط والاستبداد خارجاً وداخلاً. ويبقى الاهتزاز الأكبر الزلزال الذي سيخلّفه استهداف إسرائيل القادم لمشروع الملالي النووي.

في ضوء كل ذلك، ماذا نحن فاعلون كسوريين؟ أعتقد أن كل فرد من تلك الميليشيا التابعة للملالي، وكل مَن له علاقة معها أضحى هدفاً مشروعاً؛ لا كقوة احتلال، بل كجَرَاد يدخل مكاناً، فيحوّله إلى أرض يَباب. ومن يقاوم الجراد، يدافع عن نفسه، ويسعى لإنقاذ ما تبقى منه ومن بلده. ولكم الأمر؛ الّلهم إنّي بلَّغتُ.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد