إبراهيم حنا الظاهر:لم نعتد أن يستبق السياسي أي أزمة قبل وقوعها
في ظل الأحداث والتحولات السياسية في لبنان، يبرز الوزير السابق الشيخ إبراهيم حنا الضاهر كشخصية مميزة برؤية واضحة وإسهامات متعددة، يحمل تراثاً وطنياً وسياسياً غنياً.
وُلِد إبراهيم حنا في بشّري في العام 1948، وتألق في مجالات العلم والعمل والحياة المهنية، إذ إنه حائز على شهادات في الهندسة والسياسة والاقتصاد والحقوق.
أسس وترأس الظاهر إدارة أهم الشركات الفرنسية والأوروبية البارزة، ولعب دورًا فعّالًا في المجتمع اللبناني، من خلال "مؤسسة إميل وثريا حنا الضاهر الثقافية". وعلى الصعيد السياسي، تولى في لبنان مهام وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في عام 2004.
عُرِف الظاهر بتفانيه في رئاسة مجلس إدارة البيت اللبناني الفرنسي في باريس، كما أنه أصبح رمزًا للعلاقات بين الكنيسة المارونية والدولة الفرنسية. كما يتميز برؤية تجمع بين "أخلاقيات القناعة" و"أخلاقيات المسؤولية".
حيث يرى الظاهر أن القائد يجب أن يتحمل المسؤولية ويأخذ في الاعتبار تأثير قراراته على الناس ومحيطهم من خلال مواقفه ومقالاته، يظهر الشيخ إبراهيم حنا الضاهر كشخصية مفعمة بالحكمة والرؤية، محاولًا أن يساهم بإلهامه في تشكيل مستقبل لبنان المتجدد.
ويعتبر الضاهر بعيداً اليوم عن الإعلام ويؤكد أنه أكمل حضوره على "طريقته"، ويقول: "ابتعدت، مع الإبقاء على إطلالات قليلة عبر الإعلام، لكن الاهتمامات والمواضيع ما زالت موجودة وأنا أتابعها وفق الوتيرة التي تعنيني من دون الكثير من الضجة، فأنا أتطلع وهذا الأهم، إلى معاناة الشعب اللبناني في الوقت الحاضر".
وعن مبادرته اللافتة الأخيرة، وجهوده لتأمين هبة لشراء آلية لجرف الثلوج والأعمال الزراعية وغيرها من الأشغال الى بلدة بشوات- دير الأحمر في لبنان. يشير الظاهر إلى الأزمات في لبنان منها محطة تكرير المياه لبلدة بشوات أيضاً.
إضافة إلى ذلك تأمين تركيب الطاقة الشمسية من أجل المشاريع الزراعية وغيرها لبلدة الخالدية- زغرتا (والتي معظم اهاليها أصلهم من بشري) قبل حلول العواصف، علماً أنها كانت مبادرة “مستغرَبة” لم نعتد عليها بأن يستبق السياسي أي أزمة قبل وقوعها، ومن دون ضجة إعلامية.
وأوضح الضاهر أنها” تأتي في إطار اهتمام قديم ٍ ومتواصل، فالاهتمام الأساسي هو آلية العمل التنموي في المناطق البعيدة عن العاصمة نسبياً والتي يسمّيها البعض مناطق الأطراف، وهي غالبا ً ما تغيب عن رادار الاهتمام السياسي.
ويرجح الظاهر السبب قائلاً:" لأن همّنا الأساسي هو الحدّ من هجرة الشباب والحدً من شعورهم بالإهمال، ما دفعنا الى إرساء نوعين من المساهمة: الأولى آنية أو ظرفية لدى حدوث حاجة ملحّة تأتي في إطار دعم إنساني، والثانية هي عبارة عن مساعدات على المدى المدروس لتحسين وتأهيل الوضع المعيشي في بلداتنا. “
وحول التواصل والتنسيق مع فعاليات هاتين البلدتين وردود فعلها، أكد الضاهر أنه “على الصعيد السياسي، لم يحدث أي تواصل مع المعنيين إذ إن التواصل جرى على صعيد الفاعليات التي تعمل ميدانياً على الأرض مثل البلديات والمسؤولين عن يوميات المواطنين والأوضاع المعيشية لهاتين البلدتين.
ويقول الظاهر "نحن لا نعمل بمفردنا إذ هناك مساعدات من قبل جمعيات إنسانية خارجية، ودورنا هو تحويل هذه المساعدات بالشراكة مع بعض الدوائر الكنسية ومنها أبرشية بعلبك ودير الأحمر بهدف مباشر وأساسي وهو الاستثمار بالعمق من أجل السماح لأهل البلدة للبقاء وللعمل في أرضهم والعيش بكرامتهم من دون منّة من أحد.”
وفي ضوء حديثه ورغم تعلّقه ببلدة بشوات “التي تضم مزار السيدة العذراء (حيث تلقّيتُ سرّ المعمودية)، وحيث هناك رابط “بشرّاني” وعائلي معها يقول الظاهر إنما الواقع ليس فقط الرابط العاطفي مع هذه البلدة، بل كمؤسسة بدأنا العمل قبل بشوات وغيرها من المناطق وهي مستمرة معها وخارجها، إذ إنها تهتم بأمور كبيرة وعامة في بلدات أخرى ضمن الإمكانات المتاحة.
كما نوه الظاهر إلى أهمية تعلقه في بشوات من جانب آخر إذ إنَّ هناك وضعا ً إنسانيا ً مباشرا ً تتم معالجته إنسانياً، "فنحن قد بدأنا بالعمل منذ أكثر من ثلاثين عاماً وبصورة دورية، وفكرة تقديم منح دراسية انطلقت في البداية في إطار مساعدة الطلاب المتفوقين وأهاليهم ليتمكنوا من إكمال دراستهم وتحصيل شهاداتهم الجامعية خصوصاً و”بكل كرامة ”،علماً أن التوجّه في البداية كان لتعليم الطلاب، ثم انتقلنا الى أوضاع أخرى نظراً للظروف الصعبة وعلى قدر المستطاع.”
وأضاف أنه “بالنسبة الى المنح، فقد بدأت هذه المبادرة الفردية على مستوى قضاء بشري لسنوات عدة، بحيث كانت هذه المنح تُقدّم للمتفوقين على كل المستويات التعليمية من "البروفيه" الى البكالوريا بكل فروعها إضافة الى مساعدة المدارس التي تضم طلاباً متفوقين.
كما أوضح الظاهر أن عشرات الشباب استفادوا من هذه المنح، وأستطيع القول وبكل راحة ضمير أن لا أحد طلبَ منهم أي شيء، ومن دون أيِّ “مِنّة”، فكلُّ ما قمنا به مع عائلتي كان انطلاقاً من إيماننا بأنه كلما تطور العلم بين صفوف الشباب فهو سيرتدّ خيراً على المجتمع.”
وتابع الظاهر: “لم يقتصر النشاط على لبنان بل تم إنشاء مؤسسة في فرنسا، يدخل ضمن إطار الاهتمام بالشباب ويستطرد في حديثه:” ليست مبادرتي، فهي مؤسسة قديمة العهد بين الدولة الفرنسية والبطريرك الماروني ممثلاً الكنيسة المارونية.
أنشئت الكنيسة المارونية في العام 1936 أي منذ نحو 90 عاماً احتراماً للدور الذي تضطلع به البطريركية المارونية، وقد تطورت لاحقاً في محيطها الجغرافي في وسط باريس حيث أنشئ ” بيت الطالب”، وبالتالي تكرّست من خلالها أدوار عدة منها: التمثيل البطريركي، تأمين مسكن لائق للطلاب في مكان مرموق (65 غرفة للطلاب)، ولاحقاً دخلت التقديمات الاجتماعية، علماً أن مجلس إدارة المؤسسة تقليدياً هي برئاسة كاردينال باريس، ومنذ نحو عشرين عاماً استقر الرأي على أن أترأس كأول علماني، مجلس إدارتها الذي يضم ممثلاً عن وزارة الخارجية الفرنسية وهيئة التعاون وعُمدة الدائرة وكاردينال باريس. بحسب ما وصفه الظاهر.
إضافة الى عدد من السفراء الفرنسيين السابقين الذين ينضمون الى المجلس في إطار العُرف لا القانون، وغيرهم من الأعضاء، كما ونحن راهناً في طور إنشاء مسكن ٍ إضافي ملاصق للأول لاستقبال الأقارب أو الأشخاص الذين يزورون الطلاب المقيمين في باريس.
ولم يخفي الضاهر دهشته من “مستوى التفوّق الذي وصل اليه الشباب اللبناني رغم الظروف الصعبة بشكل عام وظروف كل واحد منهم بشكل خاص، ويقول: لا أبالغ إذا قلتُ إنه نقص من الدولة الا تهتم بهؤلاء الشباب، فهي بموقفها هذا وكأنها تضحّي بأهم ثروة نُحسد عليها، علماً أن تاريخ الحرب يطغى عند هؤلاء الشباب على تاريخ لبنان الصحيح.
ويوصي الظاهر بالشباب قائلاً:" أتمنى عليهم الانتباه أكثر الى مسار البلد، وأولُّ خطة يجب أن تكون إعادة الثقة بهذا البلد وهي مسؤولية القيّمين عليه اذ يتوجّب عليهم إحياء هذه الثقة أولاً بشخصهم وثانياً بمؤسسات الدولة لإعادة تكوينها وإحيائها لأن الشباب يحتاج على الأقل لبصيص من الأمل وفق خطط مستدامة.
"وكمثل ٍ واضح ٍ وملموس أعطيه فإن إحدى البلدات التي تملك موارد سياحية مهمة، يُلاحظ تجمّع لفئات عمرية صغيرة في ساحة البلدة كل يوم من دون أيِّ رعاية أو نشاط توعوي أو تثقيفي، وباعتقادي وانطلاقاً من هذا المثل البسيط فإن وراء هذا الإهمال هو الجهل.”
وعن احتمال وضع خطة للتنمية على مستوى الشباب، قال الظاهر: “عندما نتكلم بهذا الموضوع مع جهات معنية لا نلحظ الاهتمام المطلوب، وكذلك هناك إخفاق عند بعض المواطنين لتحمل".
المصدر : جوزيان الحاج موسى في LebTalks