واشنطن تحاكم علي مملوك وجميل الحسن بتهمة قتل ليلى شويكاني

واشنطن تحاكم علي مملوك وجميل الحسن بتهمة قتل ليلى شويكاني

يستعد مكتب التحقيقات الفيدرالي في وزارة العدل الأمريكية FPI، لرفع دعوى قضائية ضد اللواء علي مملوك واللواء جميل الحسن، اللّذَيْن يعتبران من كبار قيادات النظام السوري، وذلك لتورطهما في تصفية الناشطة الإغاثية ليلى شويكاني.

وتأتي هذه الدعوى -بحسب صحيفة نيويورك تايمز- بعد خمس سنوات من العمل والتحقيق السري الذي كانت وزارة العدل الأمريكية تقوم به، بقيادة المدعي العام في شيكاغو، وإجراء مكتب التحقيقات الفيدرالي مقابلات مع شهود عيان في أوروبا والشرق الأوسط لجع الأدلة في قضية مقتل شويكاني، بما في ذلك اللقاء مع الشخص الذي ربما يكون هو من دفن ليلى.

وستكون لائحة الاتهام الفيدرالية التي تتهم علي مملوك وجميل الحسن بارتكاب جرائم حرب، هي المرة الأولى التي توجه فيها الولايات المتحدة اتهامات جنائية لكبار المسؤولين في النظام السوري بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

ويهدف التحقيق، الذي لم يتم الإفصاح عنه من قبل، إلى محاسبة كبار المسؤولين الذين يعتبرون من المهندسين الرئيسيين لنظام الاعتقال والتعذيب الذي ازدهر في عهد بشار الأسد، وهما: جميل حسن رئيس شعبة المخابرات الجوية عندما اختفت شويكاني، وعلي مملوك رئيس مكتب الأمن القومي.

من هي ليلى شويكاني؟

هي مواطنة سورية أمريكية من مواليد عام 1990، حصلت في عام 2012 على شهادة في هندسة معلوماتية، تعود أصولها إلى ريف دمشق، وتعتبر من أولى الناشطات اللواتي شاركن في الحراك الثوري ضد نظام الأسد، وكان تركيزها منصباً على الجانب الإغاثي والإنساني.

[caption id="attachment_70533" align="alignnone" width="1046"]ليلى شويكاني ليلى شويكاني[/caption]

وفي عام 2015 انتقلت شويكاني من شيكاغو إلى دمشق للانضمام إلى مجموعة محلية من عمال الإغاثة، إلا أن نظام الأسد الذي يسيطر بإحكام على جميع جهود المساعدة في سورية، اعتبر تلك المجموعة تهديداً له، واتهم أفرادها بـ"الإرهاب"، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".

وتمكنت قوات النظام السوري من اعتقال شويكاني ووالدها وخطيبها في 19 شباط/ فبراير عام 2016، بعد أن اعتقلت جميع أفراد المجموعة الإغاثية التي كانت تعمل معها.

قضت شويكاني قرابة العام في سجون النظام السوري، وسط ظروف سيئة، تنقلت خلالها من معتقلات مطار المزة وسجن عدرا، ومن ثم سجن صيدنايا العسكري سيء الصيت، والذي تم إعدامها فيه.

تعرضت شويكاني للتعذيب من قبل عناصر الأفرع الأمنية التابعة للنظام، وهددوها بقتل والدها وخطيبها، وأجبروها على الاعتراف زوراً بارتكاب جرائم ضد "الدولة"، بما في ذلك الإرهاب.

ويعتقد المحققون أن أسوأ فترة اعتقال مرت بها شويكاني، كانت في مركز احتجاز في المزة تحت إدارة اللواء جميل الحسن، حيث أفاد أحد الناجين منه أن المعتقل فيه كان معصوب العينين ومقيدي اليدين وعارٍ تماماً، في زنزانة ممتلئة يضطر المعتقلون إلى النوم واقفاً فيها.

وقال الناجي إن عناصر السجن علقوه من معصميه، وبالكاد تلامس قدميه الأرض، وضربوه بالتناوب وتركوه معلقاً لساعات، مضيفاً: "لقد اعترفت بأي شيء يريدونني أن أفعله".

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1412127076719734789?t=J4WhlRDxkdqK98GyNAtVTw&s=19

وفي أواخرا عام 2016، نقلت قوات النظام شويكاني إلى سجن عدرا، وحينها أرسلت إدارة أوباما السفيرة التشيكية في دمشق إيفا فيليب لمقابلتها.

وبحسب مسؤولين أمريكيين فإن فيليب أبلغت أبلغت إدارة أوباما أن شويكاني اعترفت تحت التعذيب بالتهم المنسوبة إليها.

وقبل أن تتدخل إدارة أوباما، تم نقل شويكاني أواخر كانون الأول/ ديسمبر عام 2016 إلى سجن صيدنايا، وتمت محاكمتها ميدانياً، وبحسب وثيقة مسربة عن النظام السوري، فقد جرى إعدامها في الساعة 7:07 من صباح يوم 28 من ذلك الشهر.

علي مملوك وجميل الحسن

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن التحدي الأكبر كان الربط المباشر بين كبار مسؤولي المخابرات وتعذيب شويكاني وإعدامها، لكن فريق التحقيق حقق نجاحات بمساعدة النشطاء السوريين والضحايا والمنظمات غير الحكومية التي جمعت لسنوات أدلة على الانتهاكات في سورية.

وأكد سجين واحد على الأقل رؤية جميل حسن في سجن المزة بينما كانت شويكاني هناك، كما أن أوراق "حفار القبور" المسؤول عن التخلص من جثث المعتقلين تم توقيعها وختمها من قبل اللواء علي مملوك.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1438610976098684941?t=a1onBfsT7j5aj5WihXOiYQ&s=19

وقال حفار إن اللواء جميل حسن هو من أمر بعمله، حيث كان في كل ليلة يتلقى اتصالات من ضباط المخابرات لاستلام شاحنات تنقل جثث المعتقلين إلى المقابر الجماعية.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1436221939606069252?t=HGkRfXdxnjp2R2Jdt-g3vQ&s=19

وأضاف: "عندما تقوم المقطورات بإمالة الجثث إلى الخنادق الشاسعة، تتدفق مئات الجثث، ووقتها يبدو بعض البشر في هيكل عظمي لأنهم كانوا جائعين، وكذلك تبدو علامة حبل المشنقة على رقبتهم وأيديهم وأرجلهم مقيدة، كانوا دائماً عراة، وكانت جثثهم دافئة، لأنهم أعدموا للتو".

محاسبة النظام السوري في ظل التطبيع العربي معه

خلال السنوات الماضية، كانت الجهود الدولية لتقديم كبار المسؤولين عن جرائم الحرب التي ارتكبت في سورية على مدى أكثر من عقد محدودة بشكل كبير، ولم تتم مقاضاة سوى عدد قليل من الجناة.

وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن يتم القبض على مملوك والحسن، إلا أن الإدانة تشير إلى أن الولايات المتحدة تهدف إلى تحميل النظام السوري المسؤولية عن تصفية شويكاني، علماً أن واشنطن فرضت بالفعل عقوبات على بشار الأسد ودائرته المقربة بما في ذلك مملوك والحسن بسبب الانتهاكات ضد المدنيين.

يقول المبعوث الأمريكي السابق إلى سورية جيمس جيفري إن توجيه لائحة اتهام محتملة ضد مملوك والحسن، "من شأنه أن يضفي طابع شخصي على شر هذا النظام ويوضح أنه لا يمكنك التعامل مع الأسد".

وخلال الفترة الماضية، بدأت بعض الدول العربية بالتواصل مع النظام السوري والعمل على إعادة العلاقات معه، فيما اتهم منتقدون إدارة بايدن بالتحول ضمنياً عن الموقف الذي كانت تشغله الإدارات الأمريكية السابقة بأنه لا ينبغي لأي دولة أن تتعامل مع الأسد، وهو ما نفاه البيت الأبيض.

وفي هذا الإطار، قال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لمجموعة "الطوارئ السورية"، وهي جماعة مناصرة في الولايات المتحدة، إن لائحة الاتهام سترسل رسالة لا يمكن إنكارها، بأنه لا ينبغي لأحد تطبيع العلاقات مع نظام قتل ما يقدر بنحو 500 ألف إلى مليون شخص، بمن فيهم الأمريكيين والأوروبيين، وما يزال مستمراً في ذلك".

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد