مواطن سوري من الذين تم إجلاؤهم من السودان يصف المشهد لـ"نداء بوست

مواطن سوري من الذين تم إجلاؤهم من السودان يصف المشهد لـ"نداء بوست

نداء بوست-التحقيقات والمتابعات-خاص

بعد اندلاع الأحداث الأخيرة في السودان والاشتباكات التي شهدتها المدن والبلدات بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو حميدتي والتي بدورها تفاقمت وارتقت إلى حرب شوارع وأعمال عنف عمت أرجاء البلاد، وقع ضحيتها المدنيون وأبناء الجاليات الأخرى التي تستمر منذ أسبوعين على التوالي، وفي خطوة قامت على إثرها المملكة العربية السعودية بعملية إجلاء للمواطنين المقيمين في السودان، من بينهم أفراد من الجالية السورية على خلفية المعارك التي بدأت في 15 نيسان/إبريل الحالي وسط تغافُل من حكومة النظام وتأخر في رفع القوائم للقيام بعملية إجلاء لرعاياها متجاهلة الخطر الذي هدد العشرات من العائلات السورية المقيمة في السودان تزامُناً مع مسارعة البلدان الأخرى بإرسال الطائرات لنقل رعاياها وإعادتهم إلى بلادهم.

اللاجئين السوريين

يقول الدكتور عمر عبد الرزاق في حديثه لـ"نداء بوست": “قبل يومين من عملية الإجلاء التي قامت بها المملكة العربية السعودية كنا نحاول أن نخرج من السودان عقب احتدام المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع كنا أربعة أشخاص أردنا الخروج من الخرطوم إلى مدينة "بورتسودان" الساحلية تم التنسيق مع سائق لينقلنا إلى المدينة الأقل تضرراً استغرقت الرحلة 16 ساعة من التاسعة صباحاً حتى الساعة 12 منتصف الليل".

السودان

وتابع عبد الرزاق: كانت هناك تخوُّفات من الحواجز التي نصبتها قوات الدعم السريع وقوات الجيش السوداني على وقع المعارك العنيفة التي شهدتها السودان. وصلنا لبورتسودان كنا نريد أن نقيم فيها وهي مدينة ساحلية ويتواجد بها مطار دولي وكانت عمليات الإجلاء مستمرة أخبرني صديق بأن القنصلية السعودية تنظم عملية إجلاء في إدارة الموانئ وذهبت إلى هناك وكان هناك أعداد كبيرة من عناصر الجيش والقوات الأمنية السعودية وكبار المسؤولين والقنصليين الممثلين عن المملكة العربية السعودية".

المملكة السعودية وقفت إلى جانب السوريين

كما أشار عبد الرزاق في حديثه إلى أن المعاملة الجيدة التي حظي بها هو ومَن برفقته من الجالية السورية كانت مميزة من استقبال وترحيب حارّ وطمأنة من قِبل عناصر الجيش السعودي، وفي إدارة الموانئ تم أخذ جوازات السفر، هناك مَن يملك جوازات منتهية في تاريخها وهناك مَن لم يحضر جوازه أساساً والآخر لا يملك أوراقاً وبالرغم من ذلك كانت عبارة تتردد وتطمينات بأننا لن نعيدكم إلى سورية ولن نخرجكم من الحرب إلى الحرب".

عملية الإجلاء من بورتسودان

وأضاف عبد الرزاق: كان عدد أفراد الجالية السورية 83 شخصاً وعدد أفراد الجالية الأمريكية 30 شخصا والأكثر هم من الجالية اليمنية والموريتانية، وهناك قمنا بتسليم الجوازات وختمها من قِبل المسؤولين في الميناء على الرغم من أنني لا أملك جوازاً بتاريخ محدث إلى أن القنصل السعودي وافق على ذلك بمعاملة لبقة، ولم يشعروننا أننا في مكان غريب".

بداية عملية الإجلاء

يصف عبد الرزاق لـ"نداء بوست" رحلته قائلاً: "تحركت الباخرة في تمام الساعة السابعة برفقة سفن حربية تابعة للمملكة العربية السعودية وعناصر شرطة حماية كما وفرت القوات الأمنية الحماية للمدنيين المتواجدين على متن السفينة وكانت مخدمة بالكامل مؤلفة من 8 طوابق تقدم الخدمات مجاناً والباصات التي نقلتنا كانت أيضاً مجانية استغرقت الرحلة حوالَي 19 ساعة إلى أن وصلنا في الصباح الباكر لقاعدة الملك فيصل البحرية وهو ميناء عسكري".

كما يروي عبد الرزاق في قصته: "كان في استقبالنا سفراء وشخصيات رفيعة المستوى وقنصلان، كان استقبالاً يخلد في الذاكرة وكان هناك عدد من عناصر الجيش المنتشرين في المكان وأخبرونا بأنهم لن يسلمونا لحكومة النظام السوري".

ممثل النظام رفضنا وطلب إعادتنا إلى السودان

وقال عبد الرزاق: بعد الاستقبال أخذت جوازات السفر وتم فرز السوريين إلى قسم خاص، وقامت المملكة السعودية بتقديم تسهيلات خاصة لمن لا يملك جوازات كاملة بإعطاء فيزا سياحية لمدة سنة كاملة للتنقل بالإضافة للإقامة الفندقية لمدة ثلاثة أيام بشكل مجاني وقدمت أيضاً حرية التنقل لمدة شهر لأصحاب الجوازات والفيز الأخرى، لكن انتظرنا أنا وعائلة سورية أخرى ليأتي ممثل عن النظام ليلتقي بنا بغرض إتمام الإجراءات وانتظرنا من الساعة 8 حتى الساعة 2 ظهراً ولم يأتِ، كما أجرى مدير الجوازات في ميناء جدة الإسلامي اتصالاً هاتفياً بممثل الجالية السورية التابع للنظام وأخبره بالحرف الواحد: "لن آتي أَعِدْهم إلى السودان".

وختم عبد الرزاق بقوله: "قامت المملكة العربية السعودية بموقف نبيل، وموقفها كان مشرفاً لم تفعله حكومة النظام، حيث قامت بتقديم المساعدة وكان هذا من فضلها الكبير. ووقفت إلى جانب الجالية السورية في عملية الإجلاء من السودان التي كان من الصعب الخروج منها لكنها مدت يد العون للسوريين وللجاليات الأخرى".

وتشهد العاصمة السودانية الخرطوم وعدة مدن سودانية اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش والدعم السريع، حيث أغلق الجيش الجسور والطرق المؤدية للقصر الرئاسي وسط الخرطوم بالمدرعات الثقيلة، كما نشر مدافع ومركبات مدرعة في مدينة أم درمان.
وعطل البرهان في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي استكمال انتقال السلطة إلى المدنيين عَبْر اعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وغالبية القادة المدنيين وتعليق عمل مجلس السيادة.

ورغم توقيع البرهان وحمدوك اتفاقاً سياسياً يتضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهُّد الطرفين بالعمل سوياً لاستكمال المسار الديمقراطي، إلا أن قوى سياسية ومدنية رفضت الاتفاق معتبرة أنه “محاولة لشَرْعَنة الانقلاب”.
وتشهد مختلف المدن السودانية حالة من الاحتقان الشعبي رفضاً للحكم العسكري مطالبةً بتسليمه بشكل كامل للمدنيين.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد