مَنْ يقف وراء هجوم الكلية الحربية في حمص وما دلالاته؟

مَنْ يقف وراء هجوم الكلية الحربية في حمص وما دلالاته؟

أعلن النظام السوري اليوم الخميس، تعرُّض الكلية الحربية في حمص لهجوم جوي بعد انتهاء حفل تخريج دورة جديدة من الضباط، ما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى.

وتقع الكلية الحربية على الطرف الشمال الغربي لمدينة حمص على مقربة من حي الوعر الذي سيطر النظام السوري عليه بشكل كامل عام 2017، وتجاورها من جهة الغرب كلية الإشارة، وكلية المدرعات، إضافة إلى كلية الشؤون الفنية، وجميعها تعتبر ثكنات عسكرية عزز النظام السوري من وجوده فيها بشكل أكبر خلال السنوات الماضية.

وكما جرت العادة فإن النظام السوري حمّل على الفور مَن وصفها بـ "التنظيمات الإرهابية" و"الجماعات المسلحة المدعومة من جهات دولية" مسؤولية الوقوف وراء الهجوم.

ومن الجدير ذكره أن الكلية الحربية لم تتعرض لهجوم بهذا الحجم حين كانت الفصائل المعارضة تسيطر على حي الوعر الذي لا يفصل بينه وبينها سوى بضع مئات من الأمتار، ولا حين كانت المعارضة تسيطر على الريف الشمالي حيث تبعد بلدة الدار الكبيرة عنها نحو كيلومترين اثنين.

شكوك حول رواية النظام السوري

بالنظر إلى موقع الكلية في عمق مناطق سيطرة النظام، وطبيعة الاستهداف بطائرة مسيرة قادرة على ضرب الأهداف بدقة، فإنه من الصعب تصديق رواية النظام والأخذ بها.

وبالعودة إلى اتهام النظام لفصائل المعارضة بالهجوم، فيلاحظ أن أقرب نقطة لفصائل الشمال السوري على مدينة حمص تبعد أكثر من 100 كيلومتر، وأما إذا كان القصد "جيش سورية الحرة" المتمركز في قاعدة التنف على الحدود السورية العراقية فإنه يبعد أكثر من 150 كيلومتراً، وفي كِلتا الحالتين لا يملك الطرفان طائرات مسيرة قادرة على التحليق كل هذه المسافة.

ويعتقد المحلل العسكري والإستراتيجي العميد أسعد الزعبي وقوف النظام السوري وراء هذا الهجوم، خاصة أنه قام خلال السنوات الماضية بعمليات مماثلة استهدفت مدنيين وعسكريين في مناطق سيطرته واتهم المعارضة بها.

وقال الزعبي في حديث لـ"نداء بوست" إن شكل القصف وتوقيته ومكانه يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن النظام السوري هو من قام بالفعل، وسوابقه في هذا كثيرة جداً".

من جانبه، اعتبر الباحث في "مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية" فراس فحام أن حادثة استهداف الكلية الحربية في حمص "مريبة للغاية"، بالنظر إلى الجهات التي يمكنها شن هجوم كهذا وتوقيته وطريقة تعامل النظام السوري معه.

ونبَّه فحام إلى وجود عدة ملاحظات على الهجوم أهمها أن الجهات التي اتهمها النظام تمتلك طائرات مسيرة بسيطة لا تستطيع التحليق لمسافات كبيرة أو حمل متفجرات ذات وزن، في المقابل تمتلك الميليشيات الإيرانية طائرات حديثة قادرة على ذلك.

كما أشار فحام في تدوينة على منصة "إكس" إلى أن وقوع الهجوم بعد مغادرة وزير الدفاع وكبار الضباط، واستهداف طلاب الكلية الحربية مع عوائلهم، يثير الشكوك، وتساءل عن سبب عدم قيام الجهة المنفذة باستهداف الحفل أثناء وجود الضباط الكبار لتعظيم الخسائر.

فحام لفت أيضاً إلى أن مبادرة إعلام النظام السوري في نشر أخبار الهجوم بشكل واسع النطاق، يتناقض مع سياساته الإعلامية الحذرة وحرصه الأمني الشديد.

متهم واحد

بناء على المعطيات السابقة، فإن معظم المحللين والمتابعين للشأن السوري يؤكدون وقوف النظام السوري خلف هذه الحادثة، خاصة أنه سبق له أن قام بعدة حوادث مشابهة أبرزها تفجير خلية الأزمة التي أودت بحياة مجموعة من كبار ضباطه ورموزه.

ويؤكد الباحث في مركز جسور للدراسات النقيب رشيد حوراني أن جميع المؤشرات تؤكد أن العملية جرت بتنفيذ داخلي، بدليل مغادرة وزير الدفاع قبل 20 دقيقة منها.

كما أشار حوراني في حديث لـ"نداء بوست" إلى وجود وحدات حرب إلكترونية تقوم بالاستطلاع وتأمين الوحدات العسكرية المنتشرة في مدينة حمص بما في ذلك الكلية الحربية.

وعن الجهة المحتملة التي نفذت الهجوم، توقع حوراني وقوف الميليشيات الإيرانية خلفه، موضحاً أن مطار الضبعة في ريف حمص الجنوبي والذي تنتشر به تلك الميليشيات بشكل كبير يُعتبر نقطة رئيسية لانطلاق الطائرات المسيرة.

ويقع مطار الضبعة شمال مدينة القصير ويبعد عن الكلية الحربية نحو عشرين كيلومتراً، وكما هو معلوم فإن تلك المنطقة تُعتبر معقلاً رئيسياً للميليشيات الإيرانية في مدينة حمص خصوصاً وسورية عموماً.

الجدير بالذكر أن العميد أسعد الزعبي رأى في حديثه لـ "نداء بوست" أن النظام السوري قد يكون لجأ إلى هذا الهجوم للتغطية إعلامياً والتشويش على الحراك الشعبي في السويداء الذي يأخذ يوماً بعد يوم صدى دولياً أكبر، كما أنه قد يكون رسالة تحذير لأبناء الطائفة العلوية من عواقب المشاركة في أي حراك ضده وإيهامهم أنهم في خطر، خاصة أن أكثر منتسبي هذه الكلية من أبناء هذه الطائفة.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد