آمنة البش"... من صفوف التطوع مع (الخوذ البيضاء) إلى دخول قائمة (BBC) لأكثر 100 امرأة ملهمة حول العالم

آمنة البش"... من صفوف التطوع مع (الخوذ البيضاء) إلى دخول قائمة (BBC) لأكثر 100 امرأة ملهمة حول العالم

متل أي امرأة سورية عشت الحرب والتهجير، والقهر والخوف والأمل. وعيت على أول صوت حرية وصرت أعرف الكرامة، أنا منحازة لقضية أهلي وناسي ولفطرتي البشرية ولإنسانيتي" بهذه الكلمات تبدأ السورية آمنة البش الحديث عن قصة نجاحها في عملها مع منظمة الدفاع المدني ووصولها إلى العالمية.

آمنة البش متطوعة مع منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء).  منذ عام 2017 وهي أم لخمسة أطفال شاركت في إنقاذ حياة مئات المدنيين خلال سنوات الحرب والزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمال غرب سورية.

قصة آمنة تشبه قصص الكثير من النساء في سوريا، فهنّ الحلقة الأضعف في هذه الحرب وهنّ أكثر من قدَّمْنَ التضحيات. لكن آمنة قررت ألا تستسلم وأن تأخذ زمام المبادرة وجدت بالعمل مع "الخوذ البيضاء" مهمة إنسانية عظيمة لتُسهم في تخفيف المعاناة. عن المجتمع المحلي وبشكل خاص النساء بسبب تصاعد الأعمال العدائية والوحشية التي أدت لتفاقم الوضع الإنساني في سورية.

وقبل أسابيع، اختارت هيئة الإذاعة البريطانية  (BBC)، المتطوعة "آمنة البش" من كوادر "الخوذ البيضاء" ضِمن قائمتها السنوية التي تضم أكثر 100 امرأة ملهمة ومؤثرة حول العالم لعام 2023. لتكون آمنة السورية الوحيدة الممثلة عن النساء السوريات حيث أسهم هذا التكريم بإيصال صوت النساء السوريات وتسليط الضوء مجدداً على معاناة السوريين.

جهود جبارة

هذا الاختيار يُسلط الضوء على الجهود الجبارة التي تبذلها آمنة وزميلاتها من متطوعات "الخوذ البيضاء" والعاملات في المجال الإنساني في سورية، لتحسين حياة مجتمعاتهن في الحرب والكوارث، رغم صعوبة الظروف، والتحديات التي تواجههن، آمنة اليوم هي صوت كل سيدة سورية لم تستسلم للظروف وأخذت زمام المبادرة واستطاعت القيام بمهام إنسانية عظيمة في حياتها ولمجتمعها.

واعتبرت آمنة في حديثها لـ"نداء بوست" أن "هذا التكريم ما كان موجهاً فقط لآمنة، هذا التكريم هو لكل متطوعة في الدفاع المدني السوري ولكل امرأة سورية كافحت وصبرت خلال سنوات الحرب، للسيدات والعاملات وربات المنازل في سورية لكل امرأة سورية عم تسعى لحلمها، قدرت أوصل صوت نساء بلدي ومعاناتهن على مر السنين، وصلت لهون بسبب أعمالنا وخدماتنا يالي الهدف الأساسي فيها هو مساعدة المدنيين وتخفيف معاناتهم".

وأوضحت قائلة: "فخورة كسورية بهذا الإنجاز وحلمي أن تنتهي الحرب وتختفي المخيمات وترجع كل الناس لبيوتها ويقتصر عملنا على إعادة إعمار سورية، وتتحقق العدالة لكل أسرة سورية عانت من الظلم".

إكمال الدراسة

تتمنى البش على الصعيد الشخصي أن تكمل دراستها وتمارس دوراً أكبر في الدفاع عن حقوق النساء، وفي بناء مستقبل سورية والسوريين.

وعن أبرز القصص التي مرت بها خلال عملها مع الخوذ البيضاء أضافت البش في حديثها لـ"نداء بوست": "خلال كارثة الزلزال المدمر في 6 شباط وخلال تقديم الإسعافات الأولية وأيضاً الاستجابة للمخيمات ومراكز الإيواء، أصعب المشاهد التي رأيتها كانت خلال كارثة الزلزال، رأيت أُمّاً كانت تحمل طفلتها الصغيرة لتحميها وللأسف الوقت لم يسعفهم أبداً وفارقتا الحياة مع بعضهما"..

ولفتت في حديثها: "هذه المشاهد كانت كتير قاسية عليّ وعلى زملائي، في المخيمات تحت كل خيمة قصة معاناة ومأساة عاشتها عائلة سورية بخيم قماشية لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف، الطفلة فاطمة صادفناها خلال جولة لتقديم الرعاية الصحية بمخيم كفر دريان كانت تجمع أعواد الحطب لتتدفأ هي وعائلتها، ومتل فاطمة في كتير أطفال انحرموا من أبسط حقوقهم بسبب استمرار قصف قوات النظام وروسيا".

شكر للدفاع المدني

وتوجه آمنة شكرها لمؤسسة الدفاع المدني السوري وزملائها وزميلاتها، معتبرة أنهم كانوا دعماً وسنداً لها بعد انقطاع ١٧ عاماً عن الدراسة، مشيرة إلى أن  تحفيزهم وتشجيعهم كان بمثابة قوة ودافع حتى تكمل دراستها.

ولفتت في حديثها: "أدرس الآن بالسنة الثانية في معهد إدارة الأعمال، وهناك لحظات لا تُنسى عشناها مع بعضنا، كنا أنا وزميلاتي تشاركنا فيها لحظات حزن ولحظات انهيار ولحظات مليئة بالأمل، لمّا أتعب من أحد المشاهد يالي بشوفها خلال عملي دائما زميلاتي كانوا مصدر قوتي واستمراري وتعاهدنا لنستمر بتقديم كل ما بوسعنا للتخفيف عن أهلنا المدنيين".

وأشارت بالقول بأن أول إنجاز حققته هو انضمامي لمؤسسة الدفاع المدني السوري لأساعد أهلي وناسي ورفيقاتي، أكبر إنجاز حققته، لما بعملنا استطعنا أن نخفف ولو قليلاً من معاناة أم أو طفل أو سيدة، لما تنقذ روحاً من تحت الركام ... لما تساعد عائلة مهجرة، لما تقدم خدمة لمسنّ أو مسنة، فكل عمل أقوم فيه يخدم المدنيين هو إنجاز بالنسبة لي ولكل المتطوعين، وبالتأكيد إنجازي الشخصي أني عم أسعى لتحقيق هدفي ورجعت للمقاعد الدراسية بعد انقطاع طويل.

بطلة وملهمة

وأكدت أنها المرة الأولى التي تحصل على مثل هذه الجائزة لكن أتمنى كل عام يكون ضمن القائمة نساء سوريات؛ لأنهنّ الضحايا الأكبر خلال سنوات الحرب فكل امرأة سورية هي بطلة وملهمة بحكايتها وقصتها لأن كل امرأة من النساء السوريات يالي عاشوا الحرب وظروفاً أبدا مو طبيعية هي بطلة".

وتعتبر آمنة أن الخوذ البيضاء هي "عائلتي الثانية يالي بافتخر إني جزء منها... أكيد هي ما مجرد مكان عمل... هي المكان يلي حققت في ذاتي.. المكان يلي وعيت فيه على الإنسانية وشو يعني كون منقذة... الدفاع تجاوز بمراحل كونه مؤسسة.. وتحول لتوجه بالنسبة إلي يمثل مظلة وطنية بتجمع السوريين".

آمنة البش ليست المرأة السورية الأولى التي تدخل ضِمن قائمة bbc بل سبقتها الناشطة السورية أحلام الرشيد والتي تنشط شمال سورية، وحصلت على العديد من الجوائز العربية والعالمية.

الرشيد ضمن القوائم

وفي عام 2017  تم اختيار الرشيد ضِمن أكثر 100 امرأة إلهاماً وتأثيراً في العالم ضِمن التصنيف الذي أجرته شبكة "bbc" البريطانية كما حصلت على وسام صانعي التغيير ووسام الإبداع والريادة من قِبل مؤسسة المؤتمر العربي الثاني في بيروت.

ساهمت الرشيد في الحدّ من الزواج المبكر في محيطها، حيث تم إيقاف ثلاث حالات، ونظّمت جلسات محو أمية وتحفيظ النساءِ القرآنَ الكريمَ وجلسات تعليم اللغة الإنجليزية للمبتدئات.

كما أشرفت على أكثر من 16 مركزاً للمنظمة المذكورة، وعلى تدريب الشبان والشابات في مجالات الحماية.

عملت أحلام مع منظمة دولية معنية بالتوعية حول العنف ضد المرأة بعد أن تلقت تدريباً على Gender based violence (GBV أي العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، وخاصة زمن الحرب.

تخريج العشرات

افتتحت "أحلام" مراكز للتدريب والتعليم في بلدة "أطمة" على الحدود السورية التركية وخرّجت عشرات الطلاب والمعلمات في عدد من المجالات منها الإنساني والتعليمي، ودربت بعد ذلك ما يقارب 4800 متدرب في كل المناطق من سورية وأكثر من 1000 شخص منهم وجدوا فرص عمل بعد تلقيهم هذه التدريبات.

وحول رأيها بحصول البش على التكريم العالمي تقول أحلام الرشيد لـ"نداء بوست": إن "دخول امرأة أخرى في قائمة أكثر مئة امرأة تأثيراً في العالم يدل على أنه لدينا نساء قادرات على أن يصلن إلى مراكز عليا على مستوى الأمم وليس على المستوى المحلي".

وأضافت في حديثها أن "هذا يدل على الثبات الحق والعمل الجاد والشفاف، والمرأة السورية هي مثل لكل نساء العالم ويجب أن يحتذى بها في عملها وتفانيها وفي نضالها من أجل إثبات وجودها".

وحول شعورها عندما وصلها خبر تكريم البش تقول الرشيد "شعرت بالاعتزاز لأني امرأة سورية، والأيام القادمة ستثبت أن الكثير من النساء السوريات قادرات على الوصول إلى مراكز عليا دولياً وليس فقط محليا كل إنسان مؤمن بقضية سوف يصل، فما بالكم بامرأة سورية عانت من التهجير القسري والقتل والحرمان وفقد الأهل والبلاد".

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد