”ألما”: القوة الجوية الأمريكية المتنامية في الشرق الأوسط ليست موجهة ضد إيران فقط
نشر مركز ألما للدراسات والأبحاث الإسرائيلي، تقريراً تحدث فيه عن تعزيز الولايات المتحدة لقدراتها الجوية في الشرق الأوسط.
وأكد المركز في تقرير ترجمه "نداء بوست" أن تلك التحركات ليست مرتبطة فقط بالتوترات مع إيران وإنما مع روسيا كذلك.
وفيما يلي نص التقرير:
يمكن تفسير سلسلة الخطوات الأخيرة التي اتخذتها القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم)، لتعزيز القواعد الجوية المتواجدة في الشرق الأوسط، على أنها مصممة لردع روسيا بقدر ما هي مصممة لردع إيران.
ويرجع ذلك إلى قائمة متزايدة من الحوادث بين الولايات المتحدة وروسيا في الأجواء السورية، والتي تظهر كنقطة توتر عالمية محتملة جديدة بين الخصمين العالميين.
أصبحت الصراعات والتوترات بين الساحتين الأوروبية والشرق أوسطية متداخلة بشكل متزايد، مع الآثار المترتبة والمحتملة التي يمكن أن تقع على إسرائيل.
في تموز/ يوليو، أعلنت القوات الجوية الأمريكية والبنتاغون أنه سيتم نشر طائرات F-35 في قاعدة العديد الجوية في قطر.
كما تم نشر الطائرات في نفس الوقت الذي أرسلت فيه الولايات المتحدة مدمرة وسفينة هجومية برمائية إلى الخليج العربي، وعلى متنها مشاة البحرية الأمريكية.
الانتهاكات الروسية في سورية
جاءت تلك الخطوات رداً على تزايُد المحاولات الإيرانية للاستيلاء على ناقلات النفط أو تعطيلها في المنطقة.
لكن طائرات F-35 لها نفس الأهمية فيما يحدث في سورية، حيث أطلقت طائرة روسية من طراز Su-35، في شهر تموز/ يوليو أيضاً، قنابل مضيئة ألحقت أضراراً بشفرات طائرة أمريكية بدون طيار من طراز MQ-9 - في أحدث حلقة من سلسلة هذه الاشتباكات.
في شهر آذار/ مارس، تسببت طائرة مقاتلة روسية من طراز Su-27 في تحطم طائرة أمريكية من طراز MQ-9 في البحر الأسود - وهو ما يوضح كيف أن هذه الحوادث جزء من اتجاه عالمي متزايد.
وفي تموز/ يوليو أيضاً، ألحقت طائرة مقاتلة روسية أخرى أضراراً بطائرة أمريكية بدون طيار باستخدام قنابل مضيئة.
وفي الشهر نفسه، حلقت إحدى الطائرات الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم الجوية على مسافة قريبة جداً من طائرة أمريكية لجمع المعلومات الاستخبارية من طراز MC-12.
شكلت تلك الحادثة خطراً مباشراً على السلامة الجوية على مَن هم على متن الطائرة، وفقاً لتصريح قيادي في القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية.
كما حلقت طائرة استطلاع روسية، من طراز An-30، فوق قاعدة التنف الأمريكية شرق سورية لفترة طويلة.
وحينها وجدت الولايات المتحدة نفسها دون طائرات مقاتلة للدفاع عن القاعدة، وهو أمر مثير للقلق، ويمكن أن يساعد في تفسير سبب وجود طائرات F-35 الآن في قطر.
الولايات المتحدة تعزز قدراتها الجوية في الشرق الأوسط
قامت الولايات المتحدة بإرسال سرب من طائرات F-35، لينضم إلى سربين من طراز F-16 وسرب واحد من طراز A-10 تحت قيادة القيادة المركزية الأمريكية، بالإضافة إلى طائرات من طراز F-22 Raptors.
وعندما تم الإعلان عن وصول طائرات Raptors، وجهت القيادة المركزية انتقادات لاذعة للسلوك الروسي.
وأدانت ما قالت إنه "سلوك غير آمن وغير احترافي على نحو متزايد من قِبل الطائرات الروسية في المنطقة".
وفي وقت سابق من هذا العام، حذرت القيادة المركزية من أنه مع اعتماد القوات الجوية الروسية على الطائرات الانتحارية الإيرانية بدون طيار في أوكرانيا، فإن موسكو مضطرة إلى العمل لصالح إيران.
وذلك تطور "أدى إلى التواطؤ، إذا صح التعبير، بين الروس والإيرانيين، وهذا مدفوع من الإيرانيين" الذين يريدون رؤيتنا خارج سورية”.
التوترات "الأمريكية – الروسية" في سورية
تحتفظ الولايات المتحدة بنحو 900 جندي في سورية، بهدف محاربة تنظيم داعش، وهو ما يحتاج إلى قدرات استخباراتية ومراقبة واستطلاع وقدرات من القوة النارية.
لقد بدأت القوات الروسية في سورية بمضايقة الطائرات الأمريكية بدون طيار فوق سورية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، عندما تم إطلاق صاروخ "أرض- جو" على طائرة أمريكية بدون طيار من طراز Reaper.
في الخامس والعشرين من شهر تموز/ يوليو، صرح مسؤول في البنتاغون أن بلاده لا تسعى إلى التصعيد أو الحرب مع روسيا.
لكنه أضاف: إنه "لا يوجد عذر لمضايقات القوات الروسية المستمرة لطائراتنا من طراز MQ-9، خاصة بعد سنوات من العمل داخل المنطقة وبعد سنوات من الوضوح الشديد بشأن أهدافنا، وهي الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش”.
المضايقات الإيرانية في الشرق الأوسط
نشرت الولايات المتحدة طائرات من طراز F-16 في المنطقة، للقيام بدوريات في مضيق هرمز والتعامل مع العدوان الإيراني.
وبينما يمكن أن تنضم طائرات F-35 إلى تلك الدوريات، يمكن للطائرات الشبح أن تجد نفسها مدعوة بسهولة إلى التدخل في النشاط العسكري الدائر في سورية.
وحتى الآن، لم تؤثر هذه التطورات بشكل واضح على ترتيبات منع الاشتباك بين إسرائيل وروسيا بشأن سورية.
وكان هذا الترتيب حيوياً في تمكين إسرائيل من مواصلة حملتها طويلة الأمد لضرب جهود إيران لترسيخ تواجدها في سورية.
وبحسب ما ورد، أسقطت إسرائيل آلاف الذخائر كجزء من هذه الحملة، مستهدفة محاولات نقل الأسلحة، وقواعد إنتاج وتخزين الصواريخ، وغيرها من الأنشطة الخطيرة التي تقوم بها إيران على الأراضي السورية حيث بقيت روسيا خارج حرب الظل هذه.
ومع ذلك، يبدو أن سلوك روسيا في سورية يعكس بالفعل المنطق الإستراتيجي المتغير لموسكو، وهو المنطق الذي يهدف إلى إرضاء حليفها الإيراني في سورية.
نمو العلاقات بين روسيا وإيران
يزداد اعتماد روسيا على الطائرات بدون طيار الإيرانية لتلبية احتياجاتها من القوة النارية ضد أوكرانيا.
لقد أصبحت إيران الآن المورد الرئيسي للطاقة النارية لروسيا، حيث تقوم بتزويد أوكرانيا بالطائرات بدون طيار شاهد 131 وشاهد 136 ومهاجر 6.
ومن جانبهم، يستخدم الأوكرانيون مجموعة من أنظمة الدفاع الجوي التي يزودهم بها الغرب لاعتراضهم.
والشهر الحالي، بدأت روسيا جهودها لتصنيع الآلاف من الطائرات الهجومية بدون طيار ذات التصميم الإيراني على أراضيها.
وذلك يمثل المزيد من توطيد العلاقات العسكرية الإستراتيجية "الروسية الإيرانية".
ومن المحتمل جداً أن تؤثر هذه التطورات، عاجلاً أم آجلاً، على قدرة روسيا على تجنب الصراع مع إسرائيل.
كما أنه من المرجح أن تتعرض روسيا لضغوط متزايدة من إيران لتحدي العمليات الجوية الإسرائيلية المكثفة فوق سورية، وكلما زاد اعتماد موسكو على طهران، كلما كان من الصعب على موسكو أن تقول "لا" للإيرانيين.
وعلى هذا النحو، فمن الضروري أن تقوم إسرائيل والولايات المتحدة بإجراء تخطيط طوارئ مفصل لسيناريو التحدي "الإيراني الروسي" المشترك لأنشطة القوات الجوية الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة.
ولم يَعُدْ من الممكن افتراض إمكانية تقسيم التوترات الجيواستراتيجية إلى مناطق، فقد أصبحت الروابط بين الصراعات في الشرق الأوسط والصراعات الأوروبية متشابكة على نحو متزايد.
المصدر: مركز ألما للدراسات والأبحاث
بقلم: يعقوب لابين
ترجمة: عبدالحميد فحام