من المسؤول عن اغتيال قاطرجي؟ ولماذا هو؟

من المسؤول عن اغتيال قاطرجي؟ ولماذا هو؟

قبل شهرين من اغتيال قطب الأعمال السوري محمد براء قاطرجي، يوم الإثنين، أعلنت مجموعته أنها ستبني مجمعاً صناعياً ضخماً في حلب، وقالت الشركة إن المشروع سينتهي في غضون عام وسيوفر فرص عمل لآلاف الأشخاص. 

ولكن في ذلك الوقت، انتشرت شائعات عن نشوء عداوة بين النخبة الحاكمة في دمشق وقاطرجي، أحد رجال الأعمال المؤيدين للنظام الذين بنوا ثروات خلال فترة الحرب ولكنهم أصبحوا أقوياء جداً.

نشأة قاطرجي

بعد التدخل العسكري الروسي في عام 2015، أي بعد أربع سنوات من اندلاع الثورة في سورية، وهو التدخل الذي ضمن بقاء بشار الأسد في السلطة، بدأ الأسد في تعزيز سلطته إلى جانب دائرته الداخلية المكونة من زوجته أسماء وشقيقه ماهر.

وكجزء من عملية الدمج، انخرط الأسد ودائرته العائلية المقربة في حملة للسيطرة على رجال الأعمال الذين دعموهم. وتم تجريد بعضهم من ثرواتهم، مثل ابن خال بشار الأسد رامي مخلوف، بينما توفي آخرون في ظروف غامضة.

وفيما يخصّ الضربة التي استهدفت سيارة قاطرجي بالقرب من الحدود اللبنانية، ألقت شركته وكذلك وسائل الإعلام الموالية للنظام باللوم على إسرائيل، إلا أن إسرائيل لم تعترف بتنفيذها للهجوم، وهي نادراً ما تعلّق علناً على مثل هذه الضربات، كما لم يكن هناك أي تأكيد مستقل على تورطها.

لم يكن قاطرجي، المولود عام 1976، معروفاً في قطاع التجارة والأعمال قبل الحرب. وقد ركزت مجموعة قاطرجي القابضة التي يملكها والتي تتخذ من حلب مقراً لها، وتربطها علاقات وثيقة بإيران، على النفط والغاز والبناء والتصنيع والنقل والتجارة والتمويل.

نشاطات تجارية مُحرّمة

وبحسب عضو من أعضاء المعارضة السورية يقوم برصد علاقات النظام التجارية، فإن أسطول النقل البري الذي يمتلكه قاطرجي، والذي يتألف من ناقلات النفط والشاحنات، كان جزءاً مهماً من سلسلة توريد الأسلحة من إيران إلى ميليشيا حزب الله اللبنانية، مع نقاط جمع وتحميل البضائع الواقعة بالقرب من الحدود السورية مع العراق. 

وأضاف عضو المعارضة: "لقد كان الإسرائيليون يراقبون قاطرجي منذ فترة طويلة، وبعد اشتعال حرب غزّة، كان عليهم أن يتصرفوا، وهذا يعني أن إسرائيل توسع دائرة أهدافها في سورية لتشمل أعضاء من طبقة رجال الأعمال المرتبطين بإيران، الذين لم يعودوا آمنين بعد الآن".

لقد زادت إسرائيل من حملتها لاغتيال الشخصيات المرتبطة بإيران في سورية ولبنان منذ اندلاع الحرب في غزة في تشرين الأول/أكتوبر، وفي الأسبوع الماضي، قتلت غارة إسرائيلية أخرى بطائرة بدون طيار ياسر قرنبش، الحارس الشخصي السابق لزعيم حزب الله حسن نصر الله، على نفس الطريق الذي قتل فيه القاطرجي.

وقالت مصادر في المعارضة السورية إن قرنبش كان عنصراً أساسياً في عمليات حزب الله لتأمين الأسلحة المتقدمة.

حلقة جديدة من الاغتيالات الإسرائيلية

وقال بنيامين فيف، المحلل في منظمة الأبحاث "ترايانجل" ومقرها بيروت، إن القاطرجي يشتبه في أنه كان يتولى عمليات نقل الأسلحة لصالح حلفاء الميليشيات الإيرانية، كما كان يشتبه في أنه كان يسهل المعاملات المالية التي تشمل طهران.

وإذا تأكد مقتله على يد إسرائيل، فهذا يشير إلى أن إسرائيل يمكنها الآن استهداف أي شخص، وليس فقط الشخصيات العسكرية وأن لا أحد آمن، حتى رجال الأعمال. وعلى ما يبدو، لم تقم إسرائيل بقتل شخصيات يمتلكون خلفيات أو أدواراً مشابهة لتلك التي يمتلكها قاطرجي، مثل رجال الأعمال أو الشخصيات المرتبطة بالنظام ولديهم علاقات مشابهة أو مشاركات في أنشطة مماثلة، ولكن، سنرى في الأسابيع المقبلة كيف قد يؤدي هذا إلى ظهور اتجاهات جديدة في الاغتيالات والشخصيات المستهدفة".

إمبراطورية الأعمال النفطية

لقد بنى القاطرجي إمبراطوريته على توريد النفط، الذي أصبح سلعة نادرة في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام أثناء الحرب، مع استيلاء تنظيم داعش، وقسد في وقت لاحق، على حقول النفط الرئيسية في البلاد، على الرغم من بقاء مصفاتي النفط في سورية في أيدي النظام. ولم يمنعه ولاؤه للأسد من فتح قنوات مع معارضيه، طالما كانت هذه الروابط مربحة.

وعندما فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على القاطرجي وشقيقه حسام، عضو مجلس الشعب، في عام 2018، قالت إن رجل الأعمال قام بتسهيل تجارة الوقود بين النظام السوري وتنظيم داعش، بما في ذلك توفير المنتجات النفطية للأراضي التي يسيطر عليها التنظيم.

وقالت مصادر كردية ودبلوماسيون يتابعون السياسة السورية إن القاطرجي كان أيضاً أساسياً في تجارة النفط بمليارات الدولارات بين النظام والمناطق التي تسيطر عليها قسد.

افتتح الفيديو الترويجي لمشروع المنطقة الصناعية الجديد لشركة القاطرجي بصورة لبشار الأسد، من أجل إبراز ارتباط قوي به وقال إن المجمع التجاري الخاص به سيكون أكبر مشروع خاص من نوعه في الشرق الأوسط، وأن العمل فيها سيكون على مدار الساعة.

ذكاؤه لم يسعفه

وقال رجل أعمال من حلب إن القاطرجي كان على علاقات جيدة مع بشار الأسد وزوجته، اللذين زادا بشكل حاد من نفوذهما في الاقتصاد والأعمال على مدى السنوات الخمس الماضية، وكذلك مع ماهر الأسد، الذي تحرس فرقته الرابعة الحدود بين المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام والمنطقة التي تديرها قسد.

وأضاف رجل الأعمال: "داخلياً، حرص قاطرجي على أن يكون على علاقة طيبة مع الجميع، فقد كان رجل أعمال ذكياً للغاية، لكن ارتباطه بإيران كان أقوى من أن يُحتمل".

المصدر: ناشيونال نيوز - ترجمة: عبد الحميد فحام

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد