تجاهلنا لتهديد إيران المتنامي متعدد الأبعاد يعرضنا للخطر

تجاهلنا لتهديد إيران المتنامي متعدد الأبعاد يعرضنا للخطر

إن التهديد المتعدد الأبعاد الذي تُشكّله إيران للنظام الإقليمي والدولي آخِذ في التزايُد وَفْق كل المعايير. وليس فقط في المجال النووي. فلقد ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في آخِر بياناتها أن إيران قد عرقلت فعلياً التزامها بالاتفاقيات السابقة بشأن الضمانات النووية. وتُظهِر تقارير أخرى أيضاً أنها تتحرك بسرعة للحصول على سلاح نووي قابل للاستخدام دون قيود خارجية، وفي وقت سابق من هذا العام. عثرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أيضاً على جزيئات من اليورانيوم المخصب إلى مستويات تقترب من مستوى صنع قنبلة نووية في منشأة نووية إيرانية، وعلى نحو مماثل. وكما حذرت الولايات المتحدة، كانت قدرة طهران على صنع قنبلة نووية تتسارع.

على الرغم من خطورة هذا التهديد، فإنه ليس بأي حال من الأحوال السهم الوحيد في جَعْبَة طهران. ويتعين علينا أن ندرك أن الحصول على السلاح النووي لا يُشكِّل سوى جزء واحد من إستراتيجية إيران. الرامية إلى تنفيذ إستراتيجية عالمية لزعزعة الاستقرار، وليس مجرد حملة في الشرق الأوسط.

رعاية إيرانية لمحور المقاومة

من المؤكد أن هناك أدلة كثيرة على رعاية إيران لما تسميه "محور المقاومة" الذي يضم المتمردين الحوثيين في اليمن. والقوات الشيعية في العراق، وحزب الله، ومؤخراً حماس. إن إيران تريد من التنسيق بين هذه الجماعات وتزويدها بالأسلحة والمعلومات الاستخبارية والدعم وغير ذلك تحقيق ثلاثة أهداف. زعزعة كيان دولة إسرائيل، والإطاحة بالحُكّام المسلمين السنّة في الدول العربية. وطَرْد الولايات المتحدة وشركائها من الشرق الأوسط.

ربما تمّ -أو لم يتم- تنسيق حرب غزة الحالية مع إيران، التي تنفي هذا الاتهام وتدعي أنها "لن توسع جبهة الحرب هذه". لكن الابتعاد عن الصراع المباشر مع إسرائيل أو الولايات المتحدة يتوافق تماماً مع إستراتيجية إيران. طويلة المدى التي تعتمد على وكلائها للحفاظ على الضغط المستمر على واشنطن والقدس وشركائهما. وقد استخدمت مؤخراً هؤلاء الوكلاء لتنفيذ العديد من الهجمات منخفضة المستوى على القوات الأمريكية في العراق وسورية وعلى السفن التجارية والأمريكية في البحر الأحمر.

شن حرب متعددة الجبهات

تسعى إيران، مثل شركائها روسيا والصين، إلى شن حرب متعددة الجبهات والأبعاد، بما في ذلك في الميدان السيبراني العالمي. ضد إسرائيل والولايات المتحدة، وسوف تستخدم جميع أدوات القوة المتاحة لها وتهدد بتوسيع نطاق الردع ليشمل وكلاء تستخدمهم ضد إسرائيل أو ضد أعداء إيرانيين آخرين.

كما تفيد التقارير بأن إيران تحظى بدعم المنظمات والجماعات الموالية لإيران لتوسيع نفوذها الأيديولوجي في أمريكا اللاتينية. وهكذا أخذ حزب الله زمام المبادرة في عمليات جمع الأموال والدعاية والتهريب.

وتفيد التقارير أن المنظمات الأخرى الموالية لإيران، مثل التجمع (Al-Tajammu). تلعب أيضاً أدواراً بارزة في توسيع النفوذ الإيراني هناك من خلال الإنترنت والمواقع الإلكترونية ومنصّات التواصل الاجتماعي الأخرى.

وتفيد التقارير بأن إيران تحظى بدعم المنظمات الإرهابية والجماعات الموالية لإيران لتوسيع نفوذها الأيديولوجي في أمريكا اللاتينية. وبناءً على ذلك أخذ حزب الله زمام المبادرة في عمليات جمع الأموال والدعاية والتهريب، كما تفيد التقارير بأن المنظمات الأخرى الموالية لإيران. مثل التجمع (Al-Tajammu).

أدوار بارزة

تلعب أيضاً أدواراً بارزةً في توسيع النفوذ الإيراني هناك من خلال الإنترنت والمواقع الإلكترونية ومنصّات التواصل الاجتماعي الأخرى. حيث يشير أحد التقارير إلى أن انتشار مناشير تلك المواقع "يبرز باعتباره حرباً نفسية واسعة النطاق" من خلال نشر "الأقمار الصناعية المشغلة للشبكات الاجتماعية. ووسائل الإعلام الناطقة باللغة الإسبانية" للترويج لأهداف إيران المتمثلة في "مهاجمة الغرب وأمريكا اللاتينية". وبطبيعة الحال، فإن شركاءها الرئيسيين هنا هم الدول الموالية لروسيا مثل كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا.

يعزز هذا الارتباط الشراكة المتنامية مع روسيا التي تحتضن التعاون الاقتصادي والتعاون العسكري الخطير بشكل خاصّ. وهذا يتجاوز العرض الإيراني المعروف الآن بمصنع للطائرات بدون طيار في روسيا. لقد قامت روسيا ببناء أقمار صناعية لإيران وإطلاقها. ووافقت على بيعها مقاتلات من طراز "SU-35" وطائرات هليكوبتر من طراز "Mi-28".

كما أن الأسلحة الأوكرانية التي تم الاستيلاء عليها والتي تم نقلها من روسيا إلى إيران تُوفِّر "مكاسب تكنولوجية عسكرية غير متوقَّعة". لصناعة الدفاع الإيرانية، وقد تعاونت الدولتان الآن أيضاً للبحث عن طرق للالتفاف على العقوبات، وهو ما يتضمن -بلا شك- التعاونَ العسكري الثنائي.

وفي اجتماع في موسكو يوم السابع من كانون الأول/ ديسمبر، ناقش الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. حرب غزة والتعاون الاقتصادي والتجاري المشترك. ومن المفترض تعزيز التعاون العسكري أيضاً. ومن الممكن أن يتعمق هذا التعاون. وفي تشرين الأول/ أكتوبر. أبلغت روسيا الأمم المتحدة بأنها ليست في حاجة إلى الانصياع لأي قيود أخرى على إرسال تكنولوجيا الصواريخ إلى إيران.

تعاون روسي إيراني

كذلك في المقابل قد تنقل إيران صواريخ باليستية إلى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا. وبالتالي فإن التهديدات الإيرانية للأمن الدولي عالمية ومتنوعة ومتنامية. وهي تشمل رعاية التهريب، وحرب المعلومات، والتمرد، والإرهاب، وتشمل على نحو متزايد تكنولوجيات الفضاء الخارجي، والأسلحة النووية المحتملة، والتعاون المكثف مع روسيا،كما أن هناك أيضاً مخاوف متزايدة بشأن التعاون المتنامي مع كوريا الشمالية، والذي من شأنه إحياء عمليات الانتشار السابقة، مثل نقل كوريا الشمالية الأسلحة النووية إلى سورية في الفترة الواقعة بين العامين 2006 و 2007. وهذا الاحتمال ليس غائباً على الإطلاق، كما تشير الأدلة الأخيرة.
كما أن كل هذا يُلزمنا بصياغة سياسة أكثر قوة وتنفيذها لردع إيران عن مساعدة وكلائها، بينما تندفع دون عوائق للحصول على الأسلحة النووية. إنّ الحرب الحالية في غزة هي نذير للمخاطر التي نتحملها بسبب فشلنا في الاهتمام بشكل كافٍ بالإمكانيات المتاحة لإيران، خاصة إذا كان بإمكانها أن تتحالف بشكل أوثق مع موسكو و/أو بكين، ومن الواضح أنه فيما يتعلق بإيران وشريكتها ووكلائها، فإن الدبلوماسية وحدها لا تكفي كسياسة أو إستراتيجية.

 

المصدر: ذا هيل
بقلم: ستيفن بلانك
ترجمة: عبدالحميد فحام

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد