”نداء بوست” يفتح ملفّ الاقتتالات العشائرية شرق الفرات ودور ”قسد”

”نداء بوست” يفتح ملفّ الاقتتالات العشائرية شرق الفرات ودور ”قسد”

نداء بوست- عبد الله العمري- الرقة

سقط عدد من المدنيين بين قتيل وجريح، يوم أمس السبت، جراء اندلاع اشتباكات بين الأهالي في ريف الرقة الشرقي، وذلك في إطار الاقتتالات العشائرية التي تشهدها مناطق شرق الفرات بشكل متكرر.

وقال مراسل "نداء بوست": إن اقتتالاً عشائرياً تجدد يوم أمس بين أبناء عشيرة المدلج وأبناء عشيرة الجماسة في منطقة حمرة بلاسم التابعة لناحية الكرامة شرق الرقة، نتيجة مقتل الصيدلي عبد الله الشنان متأثراً بجراحه التي أُصيب بها قبل فترة نتيجة مشاجرة سابقة وقعت بين الطرفين بسبب خلاف على قطعة أرض.

وبلغت حصيلة قتلى المشاجرة 9 أشخاص، عُرف منهم سلطان البوسعود، وبدر موسى الحديد، ومعدي الشلش، وأحمد سليمان الحديد، علماً أن حصيلة القتلى قابلة للزيادة نتيجة إصابة عدد من الأشخاص بجروح بليغة.

وأطلق وجهاء وشيوخ العشائر في المنطقة مناشدات لإيقاف هذه الاشتباكات، وسط استنكار شعبي واسع لتقاعس "قسد" المسيطرة على المنطقة عن التدخل وإيقاف حمام الدم هذا.

تصاعُد ظاهرة الاقتتالات العشائرية شرق الفرات

تشهد مناطق سيطرة "قسد" شرق الفرات، ارتفاعاً في وتيرة الاقتتالات العشائرية، وذلك نتيجة فوضى انتشار السلاح، وعدم اتخاذ "قسد" موقفاً حازماً تجاه تلك الاشتباكات شِبه اليومية، إضافة إلى تدخُّلها لصالح طرف ضد الآخر في بعض الأحيان.

وفي الرابع من شهر نيسان/ إبريل الحالي وقع اقتتال عشائري بين عائلتَي الفاضل الثابت والدابس في بلدة الكشكية بريف دير الزور الشرقي، ما أدى إلى مقتل شابين وإصابة آخرين بجروح.

كما شهدت بلدة الجاسمي بريف دير الزور الشمالي، اقتتالاً عشائرياً استمر لمدة يومين بين عشيرتَي الفرج والكسار، أدى لمقتل الشاب عبد الحمدان الذي ينحدر من قرية معيجل.

وأدى الاشتباك أيضاً إلى إصابة أربعة أشخاص بجروح متفاوتة، وتوقفت الاشتباكات بعد تدخُّل وفد من أبناء قبيلة البوفريو، وتعهُّده بحل الخلاف بين الطرفين.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1564187771492876288?t=Unbcvz4D_4ZgPYr_494yhQ&s=19

ويرجع الشيخ مضر حماد الأسعد المنسق العامّ للمجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية أسباب تصاعُد الاقتتالات العشائرية في المنطقة، إلى عدم قدرة "قسد" على السيطرة على المنطقة بشكل فعلي، وانتشار الفوضى والسلاح بشكل واسع.

ومن الأسباب الأخرى، أضاف الحماد في حديث لـ "نداء بوست": ضعف الوازع الديني بعد تحجيم قسد لدور رجال الدين واعتقال أغلبهم، ومنعها لأي نشاطات دينية أو حلقات تعليم قرآن وإغلاق مدارس ومعاهد الشريعة الإسلامية، أدى إلى تجهيل أبناء المجتمع وإبعادهم عن تعاليم دينهم.

ومن بين تلك الأسباب أيضاً تراجع العملية التعليمية في المنطقة، بسبب الإهمال المتعمد من قِبل "قسد" وتعيينها معلمين لا يملكون شهادات أو خبرات كافية في القطاع التعليمي، ما أدى إلى خروج جيل جاهل، وفقاً للأسعد .

ومن الأسباب أيضاً كثرة الفتن والدسائس التي تنشرها الأجهزة الأمنية التابعة لقسد وذلك لاستمرار الفتن بين أبناء العشائر إضافة لعدم وجود قضاء عادل ومتمكن يقوم بحل المشاكل بين الأطراف المختلفة وهو ما يُبقي المنطقة في حالة توتُّر دائمة.

كما أن إضعاف القضاء العشائري الذي يقوم على الأعراف والعادات العشائرية، أدى إلى تصاعُد تلك الظاهرة.

وعن هذه النقطة يقول الأسعد: إن قسد عملت على مضايقة شيوخ العشائر الذين يرفضون سياساتها، والقضاة الذين يطلق عليهم اسم "العارفة" والذين يملكون القدرة على حل أعقد المشاكل بين العشائر، ودفعهم لمغادرة المناطق التي تسيطر عليها إلى مناطق أخرى.

صمت "قسد" يترك علامات استفهام

يثير الموقف الذي تتخذه "قسد" خلال الاقتتالات العشائرية، الشكوك حول دورها في تلك المواجهات، وأسباب عدم تدخُّلها لوقفها، وتغذية النزاع من خلال دعم طرف ضد آخر.

ويقول ناشطون: إن "قسد" غالباً ما تتخذ موقف المتفرج من الاقتتالات العشائرية بحجة أنها “اقتتالات داخلية”، فيما تدعم في بعض الأحيان أحد طرفَيْ الاشتباك، بحجة وجود عناصر تابعين لها مشاركين في الصراع.

وحدث ذلك قبل فترة في محافظة دير الزور، عندما تدخلت قوات “مجلس دير الزور العسكري” لصالح أبناء عشيرة الكبيصة ضد أبناء عشيرة البوفريو، وأصدرت قراراً بترحيلهم من المنطقة بعد اغتيال عنصر من "قسد" من أبناء عشيرة الكبيصة، واتهام العشيرة الأخرى بالوقوف وراء الحادثة.

وعن الخطوات الواجب اتخاذها لوقف هذه الاقتتالات التي تؤدي إلى ضرب النسيج الاجتماعي وإضعاف المكون العربي في منطقة شمال شرقي سورية، قال الأسعد: إن تلك الظاهرة مرفوضة ومستنكرة، خاصة أن أغلب العشائر تربطها صلة قرابة مع بعضها البعض، وأن الضحايا من كِلا الطرفين هم خسارة لتلك العشائر.

وأكد الأسعد أن أهم الخطوات للحدّ من تلك الاقتتالات تتمثل بقيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالدور الفاعل وتطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة بسورية بما يعود بالنفع على كافة أبناء الشعب السوري.

ودعا الأسعد شيوخ ووجهاء العشائر في مناطق سيطرة "قسد" إلى "الالتفاف حول أبناء قبائلهم وعدم الانجرار خلف وعود قسد والمشاركة بمؤتمراتها، وتفعيل دور العشائر والقضاء العشائري للمساهمة في حل المشاكل".

كما حثّ الأسعد شيوخ ووجهاء العشائر على عقد مؤتمر شامل يتم خلاله وضع خطوط عامة وقوانين رئيسية بحكم العرف العشائري، ليكون قانوناً خاصاً بأبناء العشائر لفض النزاعات بينهم وإنزال أقسى العقوبات بحق كل مَن يعتدي على الآخر، بعيداً عن تسلُّط قسد أو النظام السوري ومساعيهم الدائمة لإشعال تلك الصراعات.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد