زيارة الرئيس الإيراني إلى سورية: الاستفادة من تراجُع النفوذ الأمريكي
المصدر: فوربس
بقلم: جوني يلدز
ترجمة: عبد الحميد فحام
مع التحولات الكبيرة في المشهد الجيوسياسي للشرق الأوسط، تتطلب زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سورية المزيد من الاهتمام، حيث يبدو أن إيران تكتسب المزيد من النفوذ في المنطقة.
وتشير هذه الزيارة رفيعة المستوى، وهي الأولى منذ زيارة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عام 2010، إلى مرحلة جديدة من تعميق العلاقات بين طهران ودمشق. فمع انسحاب الولايات المتحدة تدريجياً، تتدخل الصين وروسيا لإنشاء شبكة معقدة من المناورات الدبلوماسية، التي تستخدمها إيران.
زيارة رمزية ودبلوماسية وسياسية وإستراتيجية واقتصادية
تخدم زيارة رئيسي أغراضاً متعددة، من الرمزية إلى الإستراتيجية. حيث تكمن الرمزية في "إعلان النصر" من جانب إيران وسورية على التحالف المناهض للأسد، على الصعيدين المحلي والإقليمي. هذا مهم بشكل خاص بالنظر إلى أن تركيا، الداعم الرئيسي للمعارضة، تجري حالياً محادثات لتطبيع العلاقات مع النظام السوري.
وتعتقد طهران ودمشق أنهما نجحتا في تجاوز عاصفة المساعي الأمريكية لعزلهما دبلوماسياً في المنطقة. وتميزت نقطة التحول هذه بخروج سورية من العزلة الدبلوماسية وتطبيع إيران للعلاقات مع الدول العربية. يحدث هذا التحوّل في الوقت الذي يقوم فيه اللاعبون الإقليميون بإعادة ترتيب أولوياتهم استجابةً لملء الصين وروسيا للفراغ السياسي الذي خلّفه الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من المنطقة. ومع خروج حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مع واشنطن، تتغير ديناميكيات المنطقة.
اقتصادياً، تؤكد الزيارة على توسيع التعاون بين طهران ودمشق، والذي يتضمن مذكرة تفاهم للتعاون في صناعة النفط.
وقد اعتبر السفير الإيراني في سورية، حسين أكبري، زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي لسورية "نقطة تحول" للمنطقة. فإيران تنظر إلى سورية كعضو حاسم فيما تسميه "محور المقاومة" وهي مصممة على تعزيز هذه الشراكة في المشهد الجيوسياسي المتغير.
وكان دعم طهران الثابت لدمشق أمراً بالغ الأهمية طوال الصراع، لا سيما في المراحل الأولى من الحرب السورية. حيث مكن الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري الإيراني الأسد من استعادة الأراضي المفقودة، ووضع إيران كلاعب رئيسي في جهود إعادة الإعمار في سورية.
زيارة رئيسي والديناميات الإقليمية وتأتي الزيارة في وقت انفتحت بعض الدول العربية، بما في ذلك مصر والسعودية، القوة الإقليمية، على الأسد.
وقد زار وزراء خارجيتهم دمشق، وقام وزير الخارجية السوري بزيارة تاريخية إلى الرياض في شهر نيسان/ أبريل. هذه التطورات تعقد جهود الولايات المتحدة لعزل إيران، خاصة مع الاتفاق الأخير بين إيران والسعودية بوساطة الصين.
وتحذر وزارة الخارجية الأمريكية من أن تعميق العلاقات بين إيران والحكومة السورية يجب أن يثير قلق العالم.
تطلعات إيران وأهدافها الإستراتيجية
إيران لديها خطط طموحة لعلاقتها مع سورية، مثل ربط شبكة السكك الحديدية عبر العراق بميناء اللاذقية السوري على البحر الأبيض المتوسط. ومن المحتمل أن تتلقى هذه الخطوة دعماً من الصين، التي تروج لمبادرة الحزام والطريق لربط الأسواق العالمية.
الرد الأمريكي والتوترات البحرية
إلى جانب البراعة الدبلوماسية، تُظهر إيران أيضاً العدوان، حيث تصاعد التوتر البحري مع استيلاء القوات الإيرانية على سفن تجارية في المنطقة، خلال الأيام القليلة الماضية. ويمكن النظر إلى هذه الإجراءات على أنها انتقام من جهود الولايات المتحدة لإعادة توجيه شحنات النفط الخام الإيراني.
تحديات إيران في سورية وقوة الولايات المتحدة المكافئة
على الرغم من مكاسبها الكبيرة، تواجه إيران عدة عقبات في سورية، بما في ذلك الهجمات الإسرائيلية على القوات الموالية لإيران والوجود العسكري بقيادة الولايات المتحدة في الشمال الشرقي.
ويسيطر شركاء الولايات المتحدة بقيادة الأكراد على معظم موارد النفط والحبوب في سورية، مما يمثل تحدياً لنفوذ إيران والنظام السوري.
ويمكن موازنة تشجيع نظام الأسد إذا تمكنت الولايات المتحدة من ربط أهدافها المناهضة لتنظيم الدولة الإسلامية بشراكة طويلة الأمد وملتزمة مع إدارة الأغلبية العربية التي يقودها الأكراد في شمال شرق سورية.
ومع ذلك، يبدو أن سياسة واشنطن متشظية، حيث يتبع البنتاغون ووزارة الخارجية مناهج إستراتيجية متنوعة.
عودة سورية إلى الجامعة العربية والرؤية الإيرانية
تنظر إيران إلى الصراع في سورية على أنه انتصار واضح على الهيمنة الأمريكية، بحسب طهران، في ظل عودة سورية إلى الجامعة العربية، ودعوة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى بشار الأسد لحضور اجتماع القادة العرب في الرياض. ويُظهر تقبّل سورية المتزايد بين الدول العربية نفوذها المتجدد في المنطقة.
ومع تسريع إيران لجهودها الدبلوماسية للاستفادة من النفوذ المتضائل للولايات المتحدة، يشهد الشرق الأوسط تحولاً سريعاً في ديناميكيات القوة. وقد أصبحت عمليات التطبيع التي تتم بوساطة صينية والمبادرات التي تقودها روسيا من أهم المناورات الدبلوماسية في المنطقة.
لقد تعزز نهج إيران العدواني والسريع دبلوماسياً بشكل أكبر بسبب التقارب بين طهران والرياض، مما أدى إلى تأجيج جهود إيران لتعزيز طموحاتها الإقليمية.