ماذا يريد النظام السوري من انتخاباته التشريعية المزورة؟
أجرى النظام السوري انتخابات برلمانية جديدة، ولكنها ليست حرة ولا نزيهة، بالنظر إلى أن النظام في سورية هو أحد الأنظمة الاستبدادية الأخرى في المنطقة، ومع ذلك، هذه الانتخابات لها تأثير بالنسبة له لأنها تُمكِّنه من الادعاء بالفوز واستخدام البرلمان لاحقاً للمصادقة على أجندات مختلفة.
في الحقيقة، تستحق هذه الانتخابات أن نراقبها لمعرفة ما قد تخبرنا به بشأن محاولات النظام العودة إلى المناطق السورية التي تسيطر عليها المعارضة وتركيا والمناطق التي تسيطر عليها قسد في شرقي البلاد.
وفقاً لتقارير في وسائل إعلام عربية، فمن المرجح أن تمهد الانتخابات الطريق أمام البرلمان "لتمديد فترة ولاية رئيس النظام بشار الأسد".
وعلى الرغم من الحرب السورية الدائرة منذ عام 2011، إلا أن النظام السوري قام بإجراء أربع انتخابات، وفي هذه المرة، تنافس 1516 مرشحاً معتمداً من النظام على 250 مقعداً في البرلمان.
ولم يتضح بعد كيف يتم توزيع المقاعد في الانتخابات الرئاسية المقبلة بالنسبة للمناطق التي تسيطر عليها تركيا أو قسد في شمال شرقي البلاد.
لم يذكر النظام حتى عدد الناخبين المؤهلين الذين يحق لهم التصويت، وذلك لأن مثل هكذا إحصائية قد تكشف عن حقيقة مفادها أن عدداً كبيراً من السوريين يعيشون في الخارج في المنفى، بعد أن هربوا من البلاد منذ عام 2011، حيث ذكر تقرير أصدرته وكالة عرب نيوز أن السوريين في الخارج لا يحق لهم التصويت.
في محافظة السويداء الجنوبية ذات الأغلبية الدرزية، حيث تجري الاحتجاجات المناهضة للنظام بشكل منتظم منذ ما يقرب من عام، دعا الكثيرون إلى مقاطعة الانتخابات، وقد أظهرت مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت المتظاهرين وهم يستولون على صناديق الاقتراع من شاحنة لمنعهم من الوصول إلى مراكز الاقتراع.
يتنافس 1516 مرشحاً للوصول إلى 250 مقعداً، فيما تتوزّع المقاعد مناصفة تقريباً بين قطاع العمّال والفلاحين، وهو المصطلح الذي يعود إلى بدايات حزب البعث كحزب اشتراكي عربي قبل عقود من الزمان عندما كانت مثل هذه المصطلحات أكثر شيوعاً في الجنوب العالمي والدول السوفياتية، (127 مقعداً) وبقيّة فئات الشعب (123 مقعداً).
يجب أن يكون المرشحون في سورية في سن 25 عاماً على الأقل وأن يكونوا مقيمين في البلاد منذ عشر سنوات، وتُعقد الانتخابات كل أربع سنوات، ويمتلك حزب البعث الحاكم حالياً 166 مقعداً في البرلمان، ولديه 17 مقعداً إضافياً من قوائم الأحزاب التابعة له.
وتشير التقارير إلى حدوث بعض التغييرات في الحزب الحاكم، بما في ذلك إزالة بعض المرشحين الحاليين، ويبدو أن حزب البعث سيحقق نتائج مزورة مماثلة لما حدث في الماضي، حيث حصل على حوالي 169 مقعداً.
الشرعية الرمزية
الهدف من الانتخابات هو إعطاء الشرعية للنظام، وستكون النتائج بلا أدنى شك في صالحه، ومع ذلك، فإن المشاكل التي يواجهها الدروز في السويداء مهمة ومن المهم أيضاً أن نرى كيف سيتعامل النظام مع التصويت في مثل هذه المناطق والمناطق الواقعة في شرقي سورية التي تسيطر عليها قسد، رغم أن النظام لا يزال يسيطر على المدن الرئيسية هناك مثل القامشلي.
في عام 2019، عندما دخلت تركيا منطقة رأس العين، عاد النظام إلى المناطق القريبة من الحدود التركية، التي يسكن غالبها الأكراد، وسيرغب النظام السوري في العودة إلى المناطق التي تتواجد فيها تركيا وكذلك المناطق التي تسيطر عليها قسد في السنوات الأربع المقبلة.
ومن الجدير بالملاحظة ما إذا كان سيتم إدراج المرشحين من هذه المناطق، وخاصة الأكراد من مناطق مثل عفرين أو الحسكة، في القوائم التي تمت الموافقة عليها للانتخابات المزورة.
ختاماً، لا بد من القول إنه إذا كان النظام يريد الاعتراف بهذه الانتخابات، فمن الأفضل أن يضم الأقليات المختلفة في البلاد.
ففي الماضي، قمع النظام الحقوق الكردية، ولكن بعد عام 2011 عندما أراد الحصول على الدعم الكردي، سعى إلى إجراء بعض التغييرات، كما أن المناطق الأخرى من البلاد غير المشمولة في الانتخابات الحالية، ينبغي أن تنضم إلى العملية حكماً.
المصدر: جيروزاليم بوست
الكاتب: سيث فرانتزمان
ترجمة: عبدالحميد فحام