واشنطن بوست: إدارة بايدن لم تَعُد تتظاهر بأنها تهتم بسورية
واشنطن بوست: إدارة بايدن لم تَعُد تتظاهر بأنها تهتم بسورية
المصدر: واشنطن بوست
بقلم: جوش روجين
ترجمة: عبد الحميد فحام
يبدو أن إدارة بايدن قد نسيت أمر سورية تماماً هذه الأيام. فقد كانت التحركات الوحيدة التي اتخذتها مؤخراً هي ردود الفعل على الزلزال المدمر في شهر شباط/ فبراير أو الهجوم الأخير على القوات الأمريكية من قِبل طائرة بدون طيار إيرانية على ما يبدو. فلقد تخلت الإدارة عن القيادة الدبلوماسية لصالح موسكو وتغض الطرف عن ترحيب دول الخليج بنظام الأسد للعودة مرة أخرى إلى الحضن العربي. لقد أخبرني العديد من مسؤولي إدارة بايدن سراً أنهم لا يرون أي خيارات جيدة في السياسة الأمريكية تجاه سورية.
ولكن هذا هراء، فهناك العديد من الأشياء التي يمكن ويجب على حكومة الولايات المتحدة القيام بها لمنع الكارثة في سورية من أن تزداد سوءاً. في الواقع، أرسل العشرات من المسؤولين الأمريكيين السابقين والخبراء وقادة المنظمات السورية هذا الأسبوع إلى الرئيس بايدن ووزير الخارجية أنطوني بلينكين قائمة طويلة بالأشياء التي يجب على الإدارة القيام بها الآن. كما قام الموقعون على الخطاب أيضاً بشرح أهمية مثل هذه الرسالة التي جاء فيها: "لم يتم حل أي من القضايا التي تسببت في الصراع السوري، وأبرزها فظائع نظام الأسد وعدم قدرته أو رفضه للإصلاح". كما أضاف الخطاب: "العديد من أعراض الصراع تزداد سوءاً، من المعاناة الإنسانية، والاتجار بالمخدرات على نطاق صناعي، وتدفقات اللاجئين، والإرهاب، والصراع الجيوسياسي، والأعمال العدائية العرقية والطائفية."
بعبارة أخرى، فإن واشنطن مخطئة بشدة إذا اعتقدت أن السماح للاعبين الإقليميين بإعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع بشار الأسد سيؤدي إلى مزيد من الاستقرار. كما كتب الموقعون: "الأزمة السورية معقدة، لكن التطبيع غير المشروط للنظام ليس حتمياً".
تدّعي الإدارة أن سياستها في معارضة تطبيع الأسد "لم تتغير" ولكن السوريين لا يصدقون ذلك الكلام. بل يقولون إن التصريحات الأخيرة لمسؤولي إدارة بايدن ترقى إلى مستوى الموافقة الضمنية لشركاء الولايات المتحدة المفترضين الذين يتعاملون مع الديكتاتور السوري. على سبيل المثال، قالت باربرا ليف، كبيرة مسؤولي الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، في 9 آذار / مارس: "رسالتنا الأساسية كانت أنه إذا كنت ستتعامل مع النظام، فاحصل على شيء مقابل ذلك."
وفي 19 آذار/ مارس، استقبل رئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان الأسد في أبو ظبي بتحية 21 طلقة من المدفعية، وهي رمزية مزعجة بشكل خاص في الذكرى الثانية عشرة للانتفاضة السورية. ولم يكن هناك ما يشير إلى أن الإمارات ربحت أي مزايا تقدمها للشعب السوري مقابل الزيارة. وامتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن انتقاد هذه الخطوة.
وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لمجموعة الطوارئ السورية، وهي منظمة أمريكية سورية موالية للمعارضة لتقديم المساعدات: "إدارة بايدن خذلت الشعب السوري". إن خطر تهاون إدارة بايدن ودعمها الضمني للتطبيع مع الأسد هو أنها ستغري دكتاتوريين آخرين لاتباع نفس السياسات.
وكتب زعماء لجنتَي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إلى بلينكن الأسبوع الماضي للتعبير عن أسفهم حول موقف الإدارة: لقد تجاهلت وزارة الخارجية إلى حد كبير أقوى أداة متاحة لها لعزل الأسد - أي قانون قيصر، الذي سمح بفرض عقوبات على أي شخص يساعد الحكومة السورية. كان استخدامهم الأول والوحيد لهذه العقوبات هذا الأسبوع ضد مهربي المخدرات. هذا إخلاف واضح لوعد أطلقه بلينكين، الذي قال خلال حملة عام 2020 إن إدارة بايدن ستنفذ القانون بالكامل. إن الوتيرة البطيئة لتطبيق العقوبات بموجب قانون قيصر هي أمر مخيب للآمال, كما يقول زعماء لجنتَي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب.
وقد أعرب السناتور روبرت مينينديز (ديمقراطي من نيوجيرسي)، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، عن أسفه لافتقار إدارة بايدن لإستراتيجية شاملة لسورية وحث بايدن وبلينكين على أخذ قائمة الخبراء على محمل الجد. إنهم يوصون بزيادة حجم المساعدات والوصول إلى المناطق المحررة، وتكثيف الدبلوماسية، وإعادة العلاقات مع تركيا، ومعالجة أزمة معتقلي داعش، ومواصلة الضغط على الأسد لوقف الفظائع المستمرة مع متابعة المساءلة.
أخبرني تشارلز ليستر، كبير الباحثين في معهد الشرق الأوسط، الذي ساعد في تنظيم القائمة المرسلة إلى بايدن وبلينكين، أن الموقِّعين لا يتوقعون أن تقرر الإدارة فجأة زيادة مشاركتها في سورية. لكن من الخطأ القول إنه لا توجد خيارات جيدة.
وقال ليستر: "لم يكن من الضروري أن يكون الأمر على هذا النحو".
"نعم، لقد ولّت أيام إجبار نظام الأسد على التنحي، ولكن هناك العديد من الأشياء الأخرى التي لا يزال بإمكاننا القيام بها ليكون لها تأثير مفيد ومثمر للولايات المتحدة والشعب السوري." من المغري لأي إدارة أمريكية أن ترفع يدها عندما يتعلق الأمر بسورية. لكن الإستراتيجية الحالية للإهمال السلبي ليست مستقرة ولا مستدامة. فإذا استمرت التوجهات الحالية، فسيتم إحياء تنظيم الدولة الإسلامية، وستمتد التوترات بين القوات المدعومة من تركيا والقوات المدعومة من الأكراد في شمال سورية إلى المزيد من إراقة الدماء. ستوسع إيران وروسيا نفوذهما أيضاً، وسيعاني ملايين السوريين النازحين داخلياً ولن يعود ملايين اللاجئين إلى ديارهم أبداً. سيستمر الشركاء الخليجيون في التقرب من الصين، والأسد سيستمر في ذبح شعبه، كما سيتعلم القَتَلة الذين يرتكبون المجازر الجماعية في المستقبل أنه لا توجد مساءلة في انتظارهم. من الصعب أن نتخيل أن سورية يمكن أن تزداد سوءاً - لكن يمكن أن يحدث ذلك وسيحدث إذا استمر تضاؤل اهتمام الولايات المتحدة وانخراطها. إن افتقار إدارة بايدن إلى الإستراتيجية لا يعفيها من المسؤولية عن العواقب القادمة لتقاعسها عن العمل.