هل تنقذ الصين اقتصاد النظام السوري بعد زيارة بشار الأسد؟

هل تنقذ الصين اقتصاد النظام السوري بعد زيارة بشار الأسد؟

أعلنت الصين والنظام السوري توقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية بين الجانبين، خلال الزيارة التي أجراها بشار الأسد إلى الدولة الواقعة شرق آسيا قبل أيام.

الزيارة التي استغرقت 4 أيام، والأولى التي يجريها بشار الأسد إلى الصين منذ عام 2004، أثارت التساؤلات حول إمكانية حدوث نقلة في اقتصاد النظام المنهار، خاصة أن بكين تطمح في التوسع غرباً، كما يأمل الأسد في فكّ عزلته الدولية أكثر.

وجاءت هذه الزيارة بعد أيام من الإعلان عن الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا في قمة العشرين الأخيرة، والذي يعتبر منافساً لمشروع الحزام والطريق الصيني.

كما أنها تأتي في وقت تتجدد به الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري وتحديداً في محافظة السويداء، حيث دخلت المظاهرات المطالبة بإسقاط الأسد شهرها الثاني.

ضجة سياسية

ترافقت زيارة بشار الأسد مع حملة إعلامية كبيرة من قِبل الإعلام الرسمي التابع له، علماً أن دعوته إلى الصين جاءت في إطار دعوات وجهها الرئيس الصيني لزعماء ومسؤولين في آسيا لحضور دورة الألعاب الآسيوية، ولم تكن خاصة كما تمّ الترويج لها.

وتحدث إعلام النظام عن الشراكة الإستراتيجية مع الصين، مع المبالغة في الحديث عن أهمية سورية و"مكانة الأسد" لدى بكين.

لكن الباحثة في جامعة سانت أندروز البريطانية كاسيا هوتون اعتبرت أن حديث النظام والصين عن شراكة إستراتيجية لا يساوي أكثر من الورق الذي كتبت عليه الاتفاقية.

وأكدت هوتون في مقالة نشرتها بموقع "المونيتور" أن النظام السوري بعيد كل البُعد عن أن يكون شريكاً دبلوماسياً أو اقتصادياً مثالياً، ولكن حالة اليأس التي وصل إليها بسبب عزلته الاقتصادية وافتقار البلاد إلى الاستقرار وعوائد الاستثمار دفعه لتوثيق العلاقات مع بكين.

وغياب الاستقرار السياسي في سورية، يجعل من التعافي الاقتصادي المستدام والتنمية أمراً مستبعداً وغير مرجَّح، كما أن استمرار الاحتجاجات ضد النظام، واعتماد الأخير على الكبتاغون كمصدر رئيسي لدعم خزينته، واستمرار القمع والانتهاكات، وانقسام البلاد وتواجد الجيوش الأجنبية، كل ذلك يثبت أن الشراكة المعلنة مجرد ترقية نظرية للعلاقات بين الجانبين.

ويدلّ على ذلك أيضاً، أنه منذ انضمام النظام السوري إلى مبادرة الحزام والطريق في كانون الثاني/ يناير 2022، لم يتم الإعلان عن أي مشاريع في سورية بتمويل صيني، وهذا يشير بشكل صريح إلى أن الصين ما زالت ترى أن سورية ليست آمنة للاستثمار.

صندوق بريد

بيّن مدير مركز جسور للدراسات محمد سرميني، الأسباب التي دفعت الصين لاستقبال بشار الأسد على الرغم من قدرتها على التحدث مع رعاته في روسيا وإيران وامتلاكها علاقات جيدة مع كلا الدولتين.

وأوضح سرميني في تغريدات على منصة "إكس" أن خطوات الدول تجاه النظام السوري تُفهم في سياق حرصها على استخدامه كصندوق بريد لإرسال رسائل، غالباً لا تكون مرتبطة بسورية ذاتها.

كما أن استقبال الصين لبشار الأسد بعد عدة أسابيع من الكشف عن الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا، يشير إلى رغبة بكين في الرد على النهج الأمريكي، والتأكيد على نفوذها بمنطقة الشرق الأوسط عبر إظهار علاقتها مع النظام في سورية، وفقاً لسرميني.

واستبعد سرميني قيام الصين بخطوات فعلية للاستثمار في سورية، كون مرور طريق الحرير منها يحتاج إلى تجهيز بنية تحتية قوية، و"هو أمر غير متاح في ظل القيود المفروضة على عملية إعادة الإعمار وربطها بتحقيق الانتقال السياسي، فضلاً على العقوبات الأوروبية المستمرة على النظام وعلى داعميه والمتعاملين معه".

وتتفق الباحثة في جامعة سانت أندروز البريطانية كاسيا هوتون، مع ما ذكره مدير مركز جسور للدراسات في تغريداته حول هذه النقطة.

حيث أكدت هوتون أن الصين قد تستثمر في سورية فقط حين ترى استثماراتها آمنة وجديرة بالاهتمام، كما أشارت إلى أن ارتهان الأسد لروسيا وإيران، وشرعيته غير المستقرة، تفرض على بكين التريث وعدم الاندفاع نحو ذلك.

وعليه فإن الحديث عن شراكة إستراتيجية لا يعدو كونه مجرد رسائل سياسية ووعود بإمكانية التعاون مستقبلاً، وفقاً لشروط الصين التي سبق أن وعدت باستثمار 400 مليار دولار في إيران عام 2021، ولكن على أرض الواقع لم تنفق إلا القليل بسبب الظروف السياسية والاقتصادية في طهران.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد