هل تعتقد إيران حقاً أن إسرائيل تريد حرباً شاملة في الشرق الأوسط؟

هل تعتقد إيران حقاً أن إسرائيل تريد حرباً شاملة في الشرق الأوسط؟

يمكن الاعتماد بشكل عام على وسائل الإعلام الإيرانية الموالية للحكومة لعرض رواية النظام الإيراني والتنبؤ أيضاً بما قد تكون عليه تحرُّكات إيران التالية.

وهذا يعني أن إيلاء اهتمام شديد للطريقة التي يقدم بها النظام رسائله هو أمر مهم لفهم سياسات طهران في المنطقة.

لقد تناولت مقالة حديثة نشرتها وكالة تسنيم الإخبارية الإيرانية ما زعمت أنها غارات جوية إسرائيلية في دمشق.

وتضمن التقرير آراء العديد من الخبراء الذين علقوا على التطورات الأخيرة في سورية، فقد قال أحد الخبراء: إنه “في هذه الفترة القصيرة، بعد التفجيرات في إيران، تم اغتيال رضي موسوي في جنوب دمشق، واغتيال العاروري في ضواحي بيروت، وكذلك الحاج صادق”.

وأضاف: ”إن الصهاينة يحاولون بكل الطرق دفع محور المقاومة نحو حرب شاملة في المنطقة، ونتيجة لذلك يتم جرّ الولايات المتحدة وكل الدول الغربية، حتى الناتو وبريطانيا، للدخول في حرب إقليمية شاملة”.

مخاطر نشوب صراع إقليمي أوسع

تطلق إيران على وكلائها اسم "محور المقاومة"، وهذا يصف الميليشيات المدعومة من إيران في سورية، مثل حزب الله وحماس وحركة الجهاد، فضلاً عن الحوثيين وباقي الميليشيات.

ادَّعت إحدى الميليشيات الموالية لإيران في العراق أنها حاولت استهداف إسرائيل بطائرة مسيرة في 22 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وتحاول إيران دفع كل هذه الجماعات لمواجهة إسرائيل على مختلف الجبهات وفي مختلف الساحات، وقد أشارت القيادة الإسرائيلية إلى هذه التصعيدات.

على سبيل المثال، ناقش وزير الدفاع الإسرائيلي الحاجة إلى ردع حزب الله عن شنّ المزيد من الهجمات في الشمال.

والسؤال الآن هو ما إذا كانت إيران تعتقد حقاً أن حرباً إقليمية يمكن أن تندلع، فهي تتوخى الحذر بشكل عامّ في هذا الصدد.

إنها تريد أن تضع إسرائيل والولايات المتحدة أمام العديد من التحديات وتنفذ هجمات صغيرة، لكنها بشكل عامّ ليست على استعداد للمخاطرة بتدمير أي من وكلائها.

تركز إيران بشدة الآن على سورية وعلى العديد من أعضاء الحرس الثوري الإيراني الذين قُتلوا في دمشق، وقد نشرت وسائل الإعلام الإيرانية مقالات أخرى حول هذه القضية في 23 كانون الثاني/ يناير، وادعى أحدها أن إسرائيل تتصرف الآن بدافع "اليأس".

كما سلط مقال آخر الضوء على مقتل 24 جندياً إسرائيلياً مؤخراً في غزة ووصف ذلك بأنه نكسة كبيرة لإسرائيل.

وفي تقارير أخرى، قال النظام الإيراني: إنه أضاف “طائرات بدون طيار” إستراتيجية جديدة إلى ترسانته، كما هدد المرشد الأعلى الإيراني إسرائيل.

إيران ليست القوة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تركز على هذه القضية المتعلقة بحرب إقليمية أوسع نطاقاً، فقد تناول مقال في عرب نيوز كذلك فرص التصعيد الإقليمي على نطاق أوسع، فكتب غسان شربل، رئيس تحرير «الشرق الأوسط»، مقالاً بعنوان: "إيران على حدود إسرائيل"، حيث يقول إن “قاسم سليماني كان مهندس النفوذ الإيراني الذي يربط بغداد ببيروت عَبْر دمشق، إضافة إلى التوسُّع المتمثل بسيطرة الحوثيين على مناطق في اليمن.

وعندما أطلق يحيى السنوار "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وردت إسرائيل بحربها الوحشية على غزة، زادت السيطرة الإيرانية على الدول الأربع المذكورة.

وسواء أكانت إيران على علم بلحظة الفيضان أم لا، فإن حدوثه كان مستحيلاً لولا سياساتها وترساناتها المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة.

ويبدو الآن أن أطرافاً مختلفة تتحالف مع بعضها مما يؤدي إلى مخاوف في إيران وأماكن أخرى من احتمال حدوث تصعيد.

لقد وصلت وسائل الإعلام الغربية بالفعل إلى حدّ التنبؤ بالتصعيد الإقليمي وعادت الآن إلى التركيز على أشياء أخرى.

ومن ناحية أخرى، يتعين على النظام الإيراني أن يتساءل ما إذا كان تفعيل الوكلاء في سورية والعراق واليمن وأماكن أخرى يؤدي إلى التأثير المنشود.

تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها الآن بتنفيذ ضربات أكبر في اليمن، وخسر حزب الله أكثر من 150 من مقاتليه، كما خسرت حماس تسعة آلاف قتيل وآلاف الجرحى.

لا يزال وكلاء إيران في العراق نشطين، لكن ليس لديهم الكثير ليفعلوه هذه الأيام، واستمروا في تهديد القوات الأمريكية في العراق، وهذا يترك العديد من المشاكل لإيران التي تواصل استيعاب ما قد يحدث بعد ذلك في سورية وتنظر إلى جبهات أخرى ضد إسرائيل.

ومن المرجَّح أن إيران لا تعتقد حقاً أن إسرائيل تريد صراعاً إقليمياً، بل بدلاً من ذلك، تحاول الترويج لهذه النظرية، ربما كوسيلة لتفادي مثل هذا الاحتمال.

 

المصدر: جيروزاليم بوست

بقلم: سيث جيه فرانتزمان

ترجمة: عبدالحميد فحام

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد