هل تتوسع الحرب في الشرق الأوسط بعد اغتيال رضي موسوي؟
اغتالت إسرائيل صاحب أعلى منصب إيراني في سورية، سيد رضي موسوي، يوم الأحد، بغارة جوية استهدفت مكان وجوده قرب دمشق.
ودفع ذلك طهران إلى الدعوة إلى الانتقام، مما أثار المخاوف من أن هذه قد تكون الشرارة التي تُشعل حرباً أوسع في الشرق الأوسط.
ولم صدر النظام السوري بياناً حول ذلك، كما امتنعت إسرائيل عن التعليق.
لقد قتلت إسرائيل موسوي إما كتحذير لإيران -نظراً لدعم طهران لهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر- أو استفزازاً لها من أجل أن تُقدم على ردّ من شأنه أن يعطي إسرائيل ذريعة لتوسيع الحرب، أو كخطوة تحضيرية لتوسيع الحرب بغض النظر عن ردّ إيران، وفي كل الأحوال فهذا سيؤدي إلى المزيد من المتاعب.
سبق هذا الإجراء الغارات الجوية الأمريكية في شمال العراق التي أسفرت عن مقتل عدد من المسلحين المرتبطين بكتائب حزب الله المدعومة من إيران.
وجاءت الضربات، التي أمر بها بايدن، رداً على هجوم على القوات الأمريكية هناك أدى إلى إصابة ثلاثة من أفراد الخدمة الأمريكية، أحدهم في حالة حرجة، وفقاً للبنتاغون.
ومن المحتمل جداً أن تكون إسرائيل وراء اغتيال موسوي لأنها القوة الوحيدة التي لديها الدافع والقدرة على تنفيذ مثل هذا الاغتيال، ناهيك عن تاريخها الطويل في اغتيال العملاء الإيرانيين.
كما أن الولايات المتحدة لديها القدرة ولكن ليس بالضرورة الدافع، ويعتمد التحليل أدناه على افتراض آمَن إلى حد ما بأن موسوي قد تم اغتياله على يد إسرائيل.
هجمات الحوثي على السفن في البحر الأحمر
تعتقد المخابرات الأمريكية أن إيران متورطة بقوة في استهداف الحوثي للسفن في البحر الأحمر، مما أدى فعلياً إلى إغلاق مضيق باب المندب أمام إسرائيل وكلف الاقتصاد الإسرائيلي مليارات الدولارات.
ويصرّ الحوثيون على أنهم سيواصلون الهجمات –على الرغم من التهديدات بالانتقام من الولايات المتحدة– إلى أن توقف إسرائيل قصفها لغزة.
إسرائيل ترفض بالطبع، وبايدن يكره الضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار، ومن وجهة نظر إسرائيل، فإن إيران لا تدفع ثمن دورها الذي تلعبه في تنفيذ هجمات البحر الأحمر.
ونتيجة لذلك، قد يكون الاغتيال بمثابة تحذير لإيران بأن إسرائيل لديها القدرة والرغبة في جعل إيران تدفع ثمناً، حتى في المناطق التي ربما افترض الإيرانيون أنها آمنة.
استفزاز إيران باغتيال رضي موسوي
وفي السيناريو الثاني، قد يكون الاغتيال استفزازاً متعمداً لاستصدار رد إيراني يعطي إسرائيل ذريعة لتوسيع الحرب، وبينما أعطت إدارة بايدن إسرائيل الضوء الأخضر لقصف غزة وتدميرها، فإن بايدن يعارض توسيع الحرب؛ لأن ذلك من المحتمل جداً أن يجرّ الولايات المتحدة إليها.
ويتجه الجدل داخل الحكومة الإسرائيلية بشكل متزايد نحو توسيع الحرب، فقد حشدوا بالفعل أكثر من ثلاثمئة ألف جندي، وهناك اعتقاد متزايد في إسرائيل بأنه من غير المقبول أن تعيش إسرائيل إلى جوار حزب الله.
اعتقدت إسرائيل أنها قادرة على إدارة التهديد الذي تمثله حماس، لكنها لم تتمكن من ذلك، وعلى الرغم من أن حزب الله لم يكن هو الذي هاجم إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، فإن الحجة الإسرائيلية هي أنه في المرة القادمة قد يكون حزب الله هو الذي يهاجم، ونتيجة لذلك، ليس أمام إسرائيل خيار سوى توسيع الحرب.
ولكن ما لم يكن هناك هجوم من إيران أو حزب الله نفسه، فقد تستمر الولايات المتحدة في معارضة مثل هذه الخطوة.
لكن اغتيال موسوي قد يدفع إيران إلى الانتقام من إسرائيل عبر حزب الله، كما يقول المنطق، ويمكن لإسرائيل بعد ذلك استخدام تصرفات حزب الله كذريعة ليس فقط لتوسيع الحرب إلى لبنان، بل وأيضاً لإجبار الولايات المتحدة على المضي قدماً في ذلك.
ضربة لـ"حزب الله"
هناك أيضاً تفسير ثالث، مفاده أن موسوي كان مسؤولاً عن تسهيل دخول الميليشيات التي تقودها إيران وشحنات الأسلحة إلى سورية وكذلك إلى حزب الله اللبناني.
وإذا كانت إسرائيل تعتزم مهاجمة لبنان، فإن القضاء على موسوي قد يكون خطوة منطقية أولى لعرقلة تسليح حزب الله، فضلاً عن قطع خطوط الإمداد. وعلى هذا النحو، قد يكون الاغتيال بمثابة خطوة تحضيرية لتوسيع الحرب بغض النظر عن ردّ إيران على مقتل موسوي.
تشير كل هذه السيناريوهات إلى حقيقة واحدة لا يمكن إنكارها تقول إنه طالما أن بايدن يرفض الضغط على إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار في غزة، فإن التوترات في المنطقة سوف تستمر في التصاعد، وسوف ينجرّ الشرق الأوسط نحو حرب إقليمية من المرجح أن تجتاح الولايات المتحدة أيضاً.
قد يعتقد بايدن أنه قادر على السيطرة على هذه الأحداث والسماح لإسرائيل بذبح الناس في غزة مع إبقاء خطر التصعيد تحت السيطرة، ومن المرجح أن يكون مخطئاً، وقد يجد الشعب الأمريكي نفسه قريباً في حرب أخرى غير ضرورية في الشرق الأوسط بسبب عدم كفاءة بايدن الإستراتيجية.
المصدر: Responsible State Craft (موقع فن الحكم المسؤول)
بقلم: سيث جيه فرانتزمان
ترجمة: عبدالحميد فحام