هل امتلاك "صواريخ إس -400" الروسية سيمنح إيران قدرة على تغيير قواعد اللعبة ضد إسرائيل والولايات المتحدة؟

هل امتلاك "صواريخ إس -400" الروسية سيمنح إيران قدرة على تغيير قواعد اللعبة ضد إسرائيل والولايات المتحدة؟

المصدر: فوربس

بقلم: بول إيدون

ترجمة: عبدالحميد فحام

يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن امتلاك إيران المحتمل لأنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة من طراز "إس-400" يمكن أن يُعقّد حسابات ضربة محتملة ضد البرنامج النووي لتلك الدولة. لكن هل ستمنح عملية الاستحواذ على نظام "إس-400" طهران حقّاً قدرة على تغيير قواعد اللعبة بالنظر إلى أنها تمتلك بالفعل بعض أنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى؟

في 11 آذار/ مارس، ذكرت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية أن إيران قد أبرمت عقداً لشراء مقاتلات Su-35 Flanker-E. ، ومن المتوقع أن تتلقى طهران ما لا يقل عن عشرين طائرة صُنعت في البداية لمصر.

وفي وقت سابق من الشهر ذاته، ذكرت وكالة "بلومبرغ" أن إيران تسعى أيضاً للحصول على صواريخ إس -400. ونقلت عن مصادر أمريكية وإسرائيلية لم تسمها تحذيرها من أن مثل هذا الاستحواذ سيعجل أي قرار بشنّ ضربة. وقالت أيضاً: إن الأمر سيستغرق أقل من عامين حتى يتم تشغيل أي صواريخ نظام إس -400 إيرانية.

ولكن لم يتضح بعدُ ما إذا كانت روسيا ستلبي في النهاية طلباً إيرانياً لمثل هذه الأنظمة المتقدمة.

وقد أشار أنطون مارداسوف، المحلل الروسي المستقل والباحث غير المقيم في برنامج سورية التابع لمعهد الشرق الأوسط، إلى أن "الموجة الجديدة من الشائعات" بشأن عقد إيراني لشراء نظام إس -400 تتزامن مع شائعات عن نشر إيران أنظمة دفاع جوي محلية متطورة في سورية.

قال لي: "بالطبع، لا يمكن استبعاد أن طهران طلبت بالفعل شحنات إس -400 من روسيا لدعمها في الحرب في أوكرانيا من خلال تسليم طائرات انتحارية (كاميكازي) بدون طيار (مذخّرة تحلق لفترات طويلة)". "ولكن مع ذلك، من المهم بالنسبة لإيران تطوير طاقتها الصناعية العسكرية، تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، وهذه الطاقة الصناعية تستطيع إنتاج نظير لأنظمة إس-300 الروسية."

وأشار مارداسوف إلى أنه على الرغم من اقتراح تعاوُن أعمق حول توريد صواريخ إس -400 ونشر أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية في سورية بموافقة روسية ضمنية، إلا أن إيران وروسيا لم تتوصلا إلى تحالُف عسكري كامل.

وقد حصلت إيران على أنظمة إس-300 PMU-2 طويلة المدى من روسيا في عام 2016 كجزء من عقد تم توقيعه في عام 2007. وفي السنوات الأخيرة، طورت أيضاً طهران أنظمة دفاع جوي محلية عالية الارتفاع مثل Khordad 15 و Bavar-373, وهي تفتخر بأن الأخير لديه قدرات مكافئة لمنظومة إس-400.

حتى بدون إس -400، فإن أي هجوم أمريكي أو إسرائيلي على المواقع النووية الإيرانية سيتعين عليه أولاً تقييم كيفية التهرب أو تدمير دفاع جوي هائل بالفعل بسبب التقدم السريع الذي حققته إيران في بضع سنوات قصيرة فقط.

ولكن مع ذلك، فإن أي شراء محتمل لـ إس-400 يمكن أن يزيد من تعزيز وتقوية هذا الدفاع الجوي.

وقال لي راين بوهل (Ryan Bohl), كبير محللي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة استخبارات المخاطر RANE : إنه "فيما يتعلق بالقدرات مقارنةً بنظام إس-300، يُقصد من إس-400 امتلاك قدرات أفضل لمكافحة خاصية التخفّي، مما يجعله تهديداً محتملاً أكبر لطائرات F-35 و F-22 في القوات الإسرائيلية والأمريكية". وأضاف بوهل: "لم نرَ حتى الآن إس -400 مستخدمة ضد مقاتلات الجيل الخامس، لذا في الوقت الحالي، هذه الادّعاءات لا تزال نظرية".

وأشار إلى أن إس -400 يتفوق عموماً على إس -300 عندما يتعلق الأمر بالمدى، لكنه أشار أيضاً إلى أن إس -300 PMU-2 المحدث، وهو نفس البديل الذي زودته روسيا لإيران في عام 2016، يمكن أن يسدّ هذه الفجوة.

وقال أيضاً: " Bavar-373 هو أيضاً نظام لم يتم اختباره ضد مقاتلات الجيل الخامس، على الرغم من المزاعم الإيرانية". "نظرياً، من المفترض أن تنافس أو حتى يحل محل إس -400 من حيث المدى والاستهداف وتكنولوجيا مكافحة التخفي."

لا يزال من غير الواضح مدى جودة مقاتلات الشبح من الجيل الخامس من طراز F-35 أو F-22 التي تصنعها الولايات المتحدة ضد إس -400. في حين أن روسيا لديها إس -400 منتشر في سورية منذ سنوات حتى الآن، فقد تعمدت تجنُّب استخدامها لاستهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تهاجم بشكل متكرر أهدافاً مشتبهاً بها مرتبطة بإيران في جميع أنحاء تلك الدولة التي مزقتها الحرب.

وقال بوهل: "نحن نعلم أن أنظمة إس -300 PMU-2 الأكثر تقدماً لم تمنع بعض العمليات الإسرائيلية السرية عَبْر الطائرات بدون طيار داخل إيران؛ وأشار إلى أن هجوم أصفهان في شهر شباط/ فبراير، وأن إيران ستكافح لعرقلة مثل هذه الضربات". "نحن نعلم أيضاً أن الدفاعات الجوية الروسية داخل روسيا نفسها فشلت أيضاً في منع الطائرات المسيرة السوفيتية القديمة التي يستخدمها الأوكرانيون أيضاً، مما يشير إلى أنه حتى أنظمة إس -400 المتقدمة قد لا تكون قادرة كما تظهر على الورق".

إلا أن مزيجاً من أنظمة إس -400 و Su-35 يمكن أن يثبت أنه خصم هائل لأي قوة تحاول الهجوم على إيران إذا تم نشرها بشكل فعّال.

وقال بوهل: "في جميع الاحتمالات، حتى لو كان أداؤها ضعيفاً على الورق، فإن إس -400 و Su-35 ، إذا تم استخدامها من قِبل أطقم مدربة جيداً ودمجها في نظام دفاع جوي احترافي، ستخلق المزيد من التعقيدات للحملات العسكرية الإسرائيلية / الأمريكية ضد إيران،". "على أقل تقدير، ستكون أنظمة متقدمة يسعى العمل السري الإسرائيلي إلى تجنُّبها، بينما في حالة العمل العسكري العلني، ستكون أهدافاً عالية القيمة يجب تحييدها من قِبل إسرائيل و/ أو الولايات المتحدة لضرب برنامج إيران النووي بنجاح".

ثم هناك مسألة كيف يمكن أن تردّ إسرائيل إذا قامت روسيا بتسليم إيران هذه الصواريخ على الرغم من أن لدى موسكو أسباباً قويةً للقيام بذلك. وللرد على مثل ذلك التسليم، ينبغي أن نعرف أنه هل يمكن لإسرائيل أن تعكس سياستها القائمة منذ فترة طويلة ضد تزويد أوكرانيا بالأسلحة الفتاكة؟

وقال مارداسوف: "من الواضح أن إمدادات الدفاع الجوي ليست في الحقيقة خطّاً أحمر بالنسبة لإسرائيل؛ لأن هذه أسلحة دفاعية حقاً، ويتم شراؤها لمجرد أن يكون لدى إسرائيل أنظمة فعّالة أكثر تقدماً". "لكن في حال قامت روسيا بمساعدة إيران بطريقة ما على تحديث قدرتها الهجومية في ضوء استخدامها لطهران في حرب أوكرانيا، فإن توريد إس -400 يمكن أن يخلّ بالتوازن الهشّ بالفعل في العلاقات بين روسيا وإسرائيل."

يعتقد بوهل أن إسرائيل من المرجح أن ترسل أنظمة محلية مثل القبة الحديدية أو باراك-8 للمساعدة في تحديث أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية إذا مضت روسيا قُدُماً في تسليم إس -400 إلى إيران. ويتوقع أن مثل هذا السيناريو من شأنه أن يشكّل "مصدر قلق" للمخططات العسكرية الروسية في أوكرانيا.

وقال بوهل أيضاً: "هذا قيد ملحوظ على تسليم النظام الصاروخي الروسي لإيران, وكما ذكرنا أعلاه، في نهاية المطاف، يجب على موسكو أن تتخذ قراراً سياسياً بالتسليم لإيران, وقبول ذلك من المرجح أن يدفع إسرائيل إلى الاقتراب من أوكرانيا، حتى لو لم ينتج عن ذلك بالضرورة تسليم فوري لدفاعات جوية إسرائيلية متقدمة إلى أوكرانيا".

"يمكن أن يؤدي أيضاً إلى التعاون في مجال الاستخبارات، ويشجع الإسرائيليين على أن يكونوا أكثر عدوانية في سورية، و/أو يدفع إسرائيل إلى تسليم معدات أخرى إلى أوكرانيا، مثل الأسلحة الصغيرة وقذائف الهاون والصواريخ المضادة للدبابات.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد