نداء بوست" يدخل مؤسسات القطاع العام في مناطق سيطرة الأسد ويرصد معاناة الموظفين

نداء بوست" يدخل مؤسسات القطاع العام في مناطق سيطرة الأسد ويرصد معاناة الموظفين

نداء بوست-قسم المتابعة والتحقيقات-أحمد عكلة

قررت سميرة علي (اسم مستعار) التوقف عن الذهاب إلى مقر عملها في دمشق منذ ما يقارب الشهر، وذلك بسبب ارتفاع أجور المواصلات الذي أجبرها على إنفاق كل راتبها على الطرقات.

سميرة معلمة مدرسة كانت تقبض راتباً شهرياً يقدر بـ 130 ألف ليرة سورية أي ما يساوي (20 دولاراً) أي ما يعادل وجبة واحدة لـ4 أشخاص في أحد مطاعم دمشق.

وتقول في حديث لموقع "نداء بوست": "قبل عام 2011 كنت أستلم راتباً شهرياً قدره 20 ألف ليرة سورية أي ما يعادل (400 دولار أمريكي) حيث كنا رغم ذلك نعيش على الكفاف، رغم أن الأسعار كانت أرخص على الدولار الأمريكي".

وتضيف السيدة السورية، أنه "الآن أقبض 130 ألف ليرة، وطلب السيارة إلى المدرسة يكلف 5000 ليرة، أي أني أحتاج 120 ألف ليرة أجور مواصلات فماذا أفعل بـ10 آلاف ليرة أي دولار ونصف؟".

وتشهد محافظة درعا موجة استقالات غير مسبوقة من موظفي الدوائر والمؤسسات التابعة للنظام السوري، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وصعوبة الوصول إلى أماكن العمل.

وتتلقى مديرية التربية في درعا التابعة للنظام أكثر من 10 طلبات استقالة يومياً، إذ فاق عدد طلبات الاستقالة 200 طلب خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت.

https://nedaa-post.com/?p=46492

وبحسب مصادر خاصة لـ"نداء بوست" فإن طلبات الاستقالة تُقابل بالرفض لعدم وجود البديل وخوفاً من إفراغ الدوائر الرسمية بشكل كامل كما أنها تحتاج إلى واسطات ورشاوى تصل إلى ملايين الليرات للموافقة عليها مما أدى إلى رفع نسبة التسرب الوظيفي.

وأضافت المصادر أن الاستقالات طالت العديد من القطاعات بسبب قلة الأجور والرواتب وعدم كفايتها لثلاثة أيام فقط وسط تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية الذي تشهده المحافظة.

يُذكر أن محافظة درعا كباقي المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، تشهد أزمات متتالية بدءاً من الخبز والمحروقات وغلاء الأسعار، وانعدام الكثير من الحاجات الأساسية اليومية وسط تردي الأوضاع الاقتصادية وتراجع القيمة الشرائية لليرة السورية.

https://nedaa-post.com/?p=50746

خالد أبو عمار (اسم مستعار)، وهو يعمل في شركة الهاتف في محافظة درعا ترك وظيفته وقرر الاتجاه للعمل بالتجارة لأن راتبه يكفيه لـ3 أيام فقط حسب قوله.

وفي حديث لموقع "نداء بوست" يؤكد أبو عمار أن البقاء في الوظيفة على هذا الراتب بمثابة جنون وإرهاق مقابل أجر شهري لا يكفي لشراء أسطوانة غاز في السوق السوداء، وهذه جريمة بحق الموظفين".

وأضاف بأن "العمل الخاص لا يكفي لسد الرمق العائلة ولكنه يقي من الجوع، الموظف يحتاج إلى 3 ملايين ليرة بشكل شهري حتى يتمكن من العيش على الكفاف".

ويتعرض عدد كبير من المدرسين الوكلاء في محافظة السويداء للإذلال من قبل المعتمد التابع لحكومة الأسد كل شهر لاستلام راتب لا يتجاوز 100 ألف ليرة سورية.

 

أحد المدرسين الوكلاء ويدعى ماهر مقلد من قرية رامي شرقي السويداء قال: "أصبحنا نخجل أن نقول إننا مدرسون بسبب قلة الاحترام والإهانة التي نلاقيها من المعتمَدين بالتربية".

وأضاف "عند استلام الراتب ما بين 19 و 20 من كل شهر يلاحظ تواجد المئات من المدرسين في زحمة كبيرة عبر ممر ضيق وغرفة صغيرة، وكل هذا من أجل استلام 100 ألف ليرة سورية فقط ولا تساوي وقفة المدرس في الصف خلال يوم كامل".

وأشار الأستاذ ماهر إلى أنه اتخذ قراراً باستكمال العام الدراسي في قريته رامي وثانوية المشنف من أجل مصلحة الطلاب إلا أنه سيمتنع عن استلام راتبه وسيقوم بتحويله لطلاب الجامعة المستحقين.

ولفت إلى أنه بعد انتهاء العام الدراسي سيتوقف عن العمل في مهنة التدريس بسبب هذا الذل والإهانة الموجودة في القطاع التربوي مطالباً المعتمدين باحترام هذه المهنة لأنها الطريق نحو الإصلاح.

ودعا الأستاذ ماهر زملاءه في نفس المهنة إلى اتخاذ نفس قراره من أجل تحقيق كرامة المدرس.
وبحسب مراسلنا في السويداء فإن مديرية التربية بالسويداء أقدمت على تعيين معلمين وكلاء بسبب نقص في الكادر التدريسي نتيجة استقالات المدرسين وتوجههم لعملٍ آخر خارج البلد لتحقيق كرامتهم، وتحسين مستوى المعيشة لأسرهم.

جدير بالذكر أن الزلزال الذي ضرب مناطق سيطرة النظام السوري ضاعف من معاناة السكان وخصوصاً الموظفين بعد تهدم منازلهم وعدم قدرتهم على بناء منازل جديدة.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد