مركز أبعاد": الأمم المتحدة قدّمت السياسة على الإغاثة في تعاطيها مع كارثة الزلزال شمال سورية

مركز أبعاد": الأمم المتحدة قدّمت السياسة على الإغاثة في تعاطيها مع كارثة الزلزال شمال سورية

"مركز أبعاد": الأمم المتحدة قدّمت السياسة على الإغاثة في تعاطيها مع كارثة الزلزال شمال سورية

 

خلص تقدير موقف لمركز "أبعاد للدراسات الإستراتيجية" إلى أن الأمم المتحدة سيّست دورهــا الإنســاني والإغاثــي خلال كارثة الزلزال وقرّرت الاستفادة مــن المحنــة الكبيــرة التــي يمــرّ بهــا السـوريون.

وفي تقريره الصادر اليوم الخميس تحدّث المركز عن تباطؤ الأمم المتحدة في إدخال المساعدات العاجلة للسوريين من معبر باب الهوى في حين جرى الحديث عن ضرورة فتح معابر أخرى: "أثبتـت الأمـم المتحـدة مـرة أخـرى أن السياسـة أهـم مـن الإنسـانية، حيـث يبـدو أن الأمـم المتحـدة وجـدت فـي الزلـزال الأخيـر فرصـة لمتابعـة مطالبتهـا بالعمـل أكثـر عَبْر خطـوط التمـاسّ باتجـاه مناطـق سـيطرة المعارضـة فـي شـمال وشـمال غـرب سـورية، إضافـة إلـى تجديـد الطلـب حـول توفيـر معابـر حدوديـة إضافية على الرغـم مـن كل التقاريـر التـي تشـير إلـى فشـل الأمـم المتحـدة فـي تشـغيل المعبـر المفتـوح حاليا عَبْـر بـاب الهـوى، حيـث لـم يكـن هنـاك دعـم طـارئ ليتـم إرسـاله إلـى مناطـق شـمال غـرب سـورية، عـدا الرقـم الخجول المتمثل بـ 58 شاحنة أرسلتها الأمم المتحدة منذ حصول الزلزال".

وأضاف التقرير: فـي حيـن يبـدو هـذا الأمـر غيـر مفسّر إلـى حـد مـا، فإنـه يمكـن أن يكـون أكثـر واقعيـة إذا نظرنـا بضعـة أشـهر إلـى الـوراء، حيـث بـدأ المانحـون الرئيسـيون البحـث "بجديـة" عـن بديـل لبعـض نشـاطات تنسـيق الأمـم المتحــدة، مــع الأخــذ بعيــن الاعتبــار إمكانيــة عــدم تجديــد قــرار الأمــم المتحــدة لاســتخدام بــاب الهــوى كمعبـر إنسـاني للحـدود خاصـة مـع التعقيـدات والبيروقراطيـة التـي عـادة مـا تحـدّ مـن قـدرة الأمـم المتحـدة على التحرك في مثل هذه المواقف المعقدة.

وقـد كان لافتـاً قيـام الأمـم المتحـدة بعـد الكارثـة بالحديـث عـن الحاجـة إلـى معابـر إضافيـة علـى الحـدود، علـى الرغـم مـن حقيقـة عـدم اسـتخدام معبـر بـاب الهـوى الحـدودي، وفي تجاهل تامّ للتقاريـر الأخيـرة حــول توزيــع المواقــع المتضــررة فــي مناطــق ســيطرة المعارضــة، حيــث تــم الإبــلاغ عــن أكثــر مــن 60% من الخسـائر والأضـرار فـي شـمال غـرب سـورية وحدهـا، مـع إمكانيـة الوصـول بسـهولة إلـى الــ40% المتبقيـة الواقعـة فـي الشـمال السـوري عَبْـر معبـر بـاب الهـوى الحـدودي ومـن ثَم  باتجاه مناطق شمال حلب. في واقع يضاعف الفجوة بين الأمم المتحدة والسكان المتضررين الفعليين. وفقَ التقرير.

وتحت عنوان "السياسة قبل الإغاثة" تحدّث تقرير "أبعاد" عن استغلال برنامج الأغذيــة العالمــي لكارثة الزلزال أيضاً للتذكير بأهمية نقل المساعدات عَبْر الخطوط "أكــدت كورينــا فلايشــر، المديــرة الإقليميــة لبرنامــج الأغذيــة العالمــي فــي الشـرق الأوسـط وشـمال إفريقيـا وأوروبـا الشـرقية علـى ضـرورة اسـتئناف عمليـات إيصـال المسـاعدات عَبْـر خطـوط النـزاع وتسـريعها مـن المناطـق التـي تسـيطر عليهـا الحكومـة إلـى مناطـق المعارضـة ولـم تُفـوِّت الفرصـة للتذكيـر بضـرورة السـماح باسـتخدام معابـر إضافيـة، حيـث قالـت المسـؤولة: إن مخزوناتنـا تنفـد ونحتـاج إلـى حـق الوصـول لجلـب مخزونـات جديـدة، مشـيرة إلـى دعـوات لإعـادة فتـح المعبـر فـي باب السـلام إلى شمال غرب سورية أيضاً".

وبعـد سـاعات مـن هـذه التصريحـات بشـأن تقديـم مسـاعدات للمتضرريـن مـن الزلـزال فـي الشـمال السـوري، اتهـم الأميـن العـامّ للائتـلاف الوطنـي السـوري المعـارض هيثـم رحمـة، فلايشـر بنشـر معلومـات مزيفـة ومضللــة عــن اســتجابة الأمــم المتحــدة لمتضــرري الــزلازل فــي ســورية. حيــث قــال رحمــة -فــي بيــان لــه: إن فلايشـر ادعـت توزيـع المسـاعدات فـي المناطـق المحـررة شـمال غـرب سـورية، بينمـا كانـت المَشـاهد التـي عرضتها من مدينة حلب التي يسيطر عليها النظام السوري.

وتابع التقرير "انتشـرت موجـة عارمـة مـن السـخط الشـعبي تجـاه تقاعُس الأمـم المتحـدة عـن أداء دورهـا المفتـرَض بحياديــة ونزاهــة وفاعليــة، وتعبيــراً عــن انتقادهــم لموقــف الأمــم المتحــدة نكّس ســوريون عَلَم المنظمــة الأمميــة علــى الأبنيــة التــي دمرهــا الزلــزال فــي البلــدة، قائليــن: إن "الأمــم المتحــدة تركــت آلاف السوريين يموتون من دون مساعدة".

وفي حين تسارعت عمليات الإغاثة إلى تركيا بعد إعلان وزير الداخلية التركي المناطق التي تعرّضت للزلزال مناطق منكوبة من الدرجة الرابعة ما يستدعي تدخُّلاً دولياً، تطرق التقرير إلى المساعدات الشحيحة التي أرسلتها الأمم المتحدة بعد انقضاء ثلاثة أيام على الزلزال "تعــرّف الأمــم المتحــدة عــن نفســها بأنهــا جهــة تقــوم بــدور أساســي ومهــم فــي الاســتجابة للكــوارث المختلفة على نطاقات مختلفة وقـد كان مـن المتوقـع أن تقـوم المنظمـة بـدور أساسـي فـي الاسـتجابة فـي الداخـل السـوري الـذي يفتقـد بشـكل افتراضـي لإمكانيـة التدخـل الخارجـي بنفـس السـوية المتوفـرة لـدى تركيـا، كمـا كان مـن المتوقـع أن تقــوم الأمــم المتحــدة بحمــلات حشــد ومناصــرة للوضــع الســوري مــن أجــل حــث الداعميــن والفاعليــن الأساسـيين علـى تقديـم ومـد يـد العـون والمسـاعدة، وأن تتعامـل بحياديـة مـع الضحايـا فـي سـورية بغـضّ النظـر عـن مواقـع تواجدهـم. كمـا كان متوقعـاً منهـا أن تقـوم باسـتخدام الأدوات المتاحـة لهـا قانونيـاً ولوجسـتياً لتقديـم الدعـم للمتضرريـن، بمـا فـي ذلـك اسـتخدام كافـة المعابـر، والضغـط لاسـتخدام أدوات استثنائية تتناسب مع الظرف الاستثنائي الخاص".

مضيفاً: للأسـف لـم يحصـل أيّ مـن المتوقـع، بل على العكس شـهدنا صمتاً مريباً للأمـم المتحدة حتى يوم 12 شـباط/ فبرايـر عندمـا قـام منسـق الإغاثـة الأممـي مارتـن غريفيـث بزيـارة إلـى الجانـب السـوري مـن معبـر بـاب الهـوى (بعـد رفضـه الدخـول إلـى داخـل سـورية، بحجـة عـدم انتهـاك سـيادة دمشـق) ليعـرب عـن "أسـفه أن الأمـم المتحدة خيّبت أمل السوريين ولم تكن على قدر التوقعات، وفـي نفـس الزيـارة تـم الحديـث عـن قيـام الأمـم المتحـدة بإرسـال 58 شـاحنة مـن المسـاعدات عَبْـر معبـر باب الهوى، من ضِمنها 14 شاحنة عبرت بتاريخ 10 شباط/ فبراير، من دون التوضيح فيما إذا كانت هذه المساعدات قــد تــم إرســالها بشــكل خــاص للمتضرريــن مــن الزلــزال أم أنهــا كانــت مُجدوَلــة ليتــم إرســالها قبــل وقــت سابق! وعــدا هــذه الشــاحنات لــم تذكــر الأمــم المتحــدة أي نــوع آخــر مــن المســاعدات الفعليــة، عــدا تصريحــات بتخصيص 25 مليون دولار لمتضرري الزلزال دون توضيح إضافي.

واختتم التقرير بأن الأمم المتحدة اعترفت لاحقاً بتقصيرها وبأنها خذلت سكان هذه المنطقة، ومع ذلك فإنّ اعتذارها ترافق مع انفتاح كبير من طرفها على نظام الأسد، وتقدير كبير لموافقته السخية على فتح مؤقت للمعابر، للسماح بتقديم الدعم للمستشفيات والمرافق نفسها التي قام بتدميرها واستهدافها على مدار السنوات السابقة، وفقاً لما تُوثِّقه تقارير الأمم المتحدة ذاتها!

 

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد