مدير "مركز جسور للدراسات" محمد سرميني: الحرب الأوكرانية ستؤثر بشكل مباشر على شكل الحل في سورية

مدير "مركز جسور للدراسات" محمد سرميني: الحرب الأوكرانية ستؤثر بشكل مباشر على شكل الحل في سورية

كشف الأستاذ محمد سرميني المدير العام ومؤسس "مركز جسور للدراسات" خلال مشاركته في منتدى الجزيرة الرابع عشر في الدوحة أن الحرب الروسية-الأوكرانية ستؤثر بشكل مباشر على مسار الحل في سورية.

وأضاف في حديثه أنه "في الحقيقة فإن الملف السوري يعتبر الأكثر تعقيداً فنحن نتحدث عن أطراف الصراع  في الحرب الأوكرانية هم موجودون على الأراضي السورية، سواء كانت روسيا أو الولايات المتحدة أو أطراف متأثرة بشكل غير مباشر سواءً كانت تركيا أو إيران وحتى إسرائيل والدليل على ذلك ما حدث من قصف إسرائيلي على مركز للبحوث على الأراضي السورية والذي كان فيه استهداف الإيرانيين".

و اعتبر سرميني أن "المشهد السوري هو الأكثر تعقيداً منذ انطلاق الثورة عام 2011 ونحن بتنا على أبواب العام الثاني عشر على انطلاقها والتي تداعت بعدها الأطراف الإقليمية والدولية على تحويل سورية إلى ساحة صراع ثم انتقلت إلى أن تصبح سورية ساحة تفاوض بين هذه الدول".

ولفت السياسي السوري بالقول "نرى اليوم الكثير من التحركات الإقليمية والدولية في سورية سواءً التي كانت مرتبطة مع النظام السوري بحكم أنه ما زال على سُدّة الحكم في البلاد أو حتى مع الأطراف المعارضة أو القوى الكردية كلها تأتي في إطار أن تكون رسائل مباشرة أو غير مباشرة بين الأطراف الدولية وهي ليست بالضرورة أن تكون لديها أهداف مباشرة في إيجاد حل أو تسوية في سورية".

وتابع "بتقديري الأوضاع في سورية مستمرة والحرب الأوكرانية ومآلاتها ستؤثر بشكل مباشر على شكل الحل في سورية لأن سورية هي البلد الأكثر تأثراً بهذه الحرب منذ اليوم الأول لها، فمنذ بداية الحرب طلبت روسيا من النظام السوري أن يعلن موقفاً صريحاً بحكم أنه نظام تابع لها بأنه مؤيد للخطوة الروسية وداعم لها".

وأوضح سرميني أن "كافة السوريين المعارضين مع النظام وقفوا مع أوكرانيا بحكم أنها تتعرض لغزو وتم استهدافها من روسيا وتم استهداف سورية من قِبل روسيا أيضاً، إذا أردنا أن نتكلم عن التأثيرات فلا بد أن نضعها في ثلاثة جوانب التأثير الأول من الناحية العسكرية حصل تأثير مباشر سواء من أن روسيا بدأت تعيد تموضعها بالنسبة للقوات والقواعد العسكرية وانتشارها لا نقول عن تراجع أو عن انسحابات كبرى لأن عدد القوات الروسية في سورية ليس بالعدد الكبير فلا يوجد حاجة لسحب هذه القوات من أجل الحرب في روسيا وإنما نقول عن إعادة شكلها ودورها".

ولفت مدير مركز جسور أنه "أيضاً بينها وبين القوات الإيرانية في سورية يصبح نوع من التنسيق والتبادل فهناك حصل ما يسمى عملية الإحلال انسحبت بعض القوات الروسية من بعض النقاط العسكرية وانتقلت إلى صالح الميليشيات الإيرانية، لأن الميليشيات الإيرانية لديها عدد أكبر من الرجال مدعومة أيضاً بحزب الله لذلك لديها مرونة في الحركة أكثر من القوات الروسية بشكل أساسي".

وأكمل في حديثه "الأمر الآخر قامت قوات فاغنر بتجنيد الشبان بشكل مباشر وبدأت منذ الشهر الأول قوات فاغنر وأحياناً القوات الروسية الرسمية بطلب مقاتلين والزج بهم في المعركة في أوكرانيا وهذا ما حدث في مناطق في جنوب سورية مثل السويداء في درعا وكذلك في مناطق مثل حمص فتم فتح مكاتب خاصة تابعة لقوات فاغنر من خلال وسطاء محليين سوريين وتم تجنيدهم مقابل مبالغ مالية وذهبوا بهم إلى معسكرات في بيلا روسيا، ثم تم زجهم في أوكرانيا.

ومن الناحية العسكرية تم تخفيف الهجمات الجوية وهذا يمكن بشكل مباشر منذ انطلاق الحرب فخفت الهجمات الجوية الروسية المرتبطة بقصف بعض المناطق المحسوبة على المعارضة أتكلم عن شمال غرب سورية تحديداً بحسب "سرميني".

أما عن الجانب السياسي فتوقع سرميني أن هذا الجانب تأثر بشكل مباشر فحصل أن روسيا طلبت من النظام أن يطلب تعليق اللجنة الدستورية والتي تم عقدها مع كل من الجانب الروسي والأمريكي بمراقبة من الجانب التركي والإيراني فطلبوا إيقافها بسبب أن سويسرا لم تسهل حصول الروس على فيزات نتيجة الحرب التي حصلت وبذلك اعتبروه أنه انخراط مباشر في الصراع واستجاب النظام لطلب الروسي وتم بالفعل إيقاف ما يسمى اللجنة الدستورية.

ونوه بأنه "حتى لو كان دون النتائج المرجوة لكنها عملياً منذ انطلاق الحرب الأوكرانية لم يتم أي عملية سياسية في سورية وباتت تقريباً مجمدة والآن كل الأحاديث عن إعادتها هي مجرد أحاديث ليس لها أساس رغم الوضع الإنساني السيئ في سورية.

واعتبر أن مناطق المعارضة والنظام أيضاً باتت متأثرة بشكل كبير وسببه أن الأزمة الغذائية الدولية التي نشأت نتيجة الحرب الأوكرانية الروسية جعلت الأمم المتحدة تقوم بتخفيض النسب المخصصة فتراجعت النسبة من 40% التي كانت تقدم لمناطق الصراع في سورية إلى 25%.

وتوقع سرميني أن يكون هناك تراجُع جديد وخصوصاً مع تداعيات الزلزال حيث أصبحت الأزمة الإنسانية بشكل أكبر، وهذا كله كان مرتبطاً بالصراع وأيضاً الكثير من المنظمات الدولية الإنسانية العاملة في الشأن السوري تحوَّل جلّ اهتمامها إلى الأزمة الأوكرانية فلم تعد الأزمة السورية في سلّم الأولويات أيضاً عندما تتكلم عن تعقيد المشهد من آثار الحرب الأوكرانية الروسية فنحن نتكلم عن تعقيد الفاعلين.

وبحسب سرميني فإن "هناك علاقات روسية أمريكية في سورية تأثرت فكان هناك ما يسمى الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا قد تم تجميده في إبريل 2022، وكان أحد الملفات التي يتم التنسيق بشأنها سورية وبالتالي لا يوجد أي نوع من أنواع التفاهم يعني الغريب في الحالة السورية أنه عندما ترى بشكل أساسي معركة كبرى بين المعسكر الغربي وبين روسيا لكن مع ذلك المعركة في سورية يراد لها أن تبقى ساحة حرب وأيضاً ساحة تفاوض بدون السماح للأزمة الأوكرانية بأن تُخرج الأزمة السورية عن السيطرة".

وأضاف "حتى الولايات المتحدة الأمريكية المرتبطة بالتفاهمات وخصوصاً التفاهمات ذات البُعد العسكري حافظت عليها حتى هذه اللحظة، ولم يتم كسرها بشكل أو بآخر وأيضاً قامت بتعزيز قواتها في شمال سورية في مناطق قوات سورية الديمقراطية، السبب في ذلك أيضاً تركيا هنا حاولت أن تستفيد من حالة الانشغال التي حدثت في كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في صراعهم في أوكرانيا وأنهم حاولوا أن يستغلوا الفرصة من خلال استهداف قوات سورية الديمقراطية لوقف الامتداد لكيان إرهابي".

وأشار سرميني "بدأ الحديث عن عملية عسكرية في شمال شرق سورية لكنها لم تتحقق لأنها جزء من التفاهمات التي جرت بين تركيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، فحتى هذه سورية لم تستطع تركيا أن تكسرها أو أن تستغل الوضع الميداني الموجود في سورية بالنسبة للعلاقات الروسية الإيرانية في سورية وتأثراتها وتأثيرات الحرب عليها كما ذكرت أن إيران تحتاج روسيا وروسيا تحتاج إيران فهناك حاجة ماسّة للطرفين في التنسيق العسكري والتنسيق السياسي وهناك نوع من أنواع التناغم في ذلك وعلى هذا التناغم يبنى التفاهم في الأدوار العسكرية والأحلاف وهذا بشكل أو آخر ساعد إيران بمزيد من التوسع والانتشار في سورية، تركيا أيضاً والولايات المتحدة الأمريكية في هذا الإطار كانت تسعى لهذا التنسيق حتى في موضوع أوكرانيا هناك تنسيق عالٍ جداً بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن مع ذلك التنسيق العالي لم يستطيعوا أن يكسروا التفاهمات المرتبطة في عملية عسكرية في شمال شرق سورية، الفاعلون المحليون هم ثلاثة في سورية النظام والمعارضة وقوات سورية الديمقراطية التي ذات امتداد كردي هؤلاء متأثرون بشكل مباشر، النظام الآن بحالة انخراط ككل مع روسيا وفي معسكر روسيا بكل الأشكال".

وختم حديثه: "لكن التأثيرات المباشرة على هؤلاء الثلاثة ليس الآن إنما في مآلات الحرب إذا حصل تغيير في الموازين ورجحت الكفة في المعركة الأوكرانية الروسية لطرف ما هنا فستكون التأثيرات أكبر في حال استطاع النظام أن يسلط الضوء أنه منتصر مع انتصار روسيا وكذلك أيضاً في حال هُزمت أو لم تحقق انتصاراً فسيكون له تأثيرات مباشرة كما هو الحال أيضاً مع المعارضة والنظام، صحيح أن هنالك تأثيرات مباشرة وصحيح أن هذه التأثيرات تمسّ الواقع العسكري والسياسي والإنساني لكن مع ذلك لم تخلّ بالموازين الكبرى التي حصلت في سورية، بقي المشهد في سورية كما هو عليه، تبقى سورية هي حجر أساس في هذه المنطقة ضِمن هذه التفاعلات، وإيجاد حل في المنطقة ينطلق من إيجاد حل كامل وشامل في سورية حتى يُحقق نوعاً من أنواع الاستقرار لكل دول المنطقة".

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد